اقتصادصحيفة البعث

“استثناءات”.. مصيرية..!؟

 

ببالغ الأهمية نسترجع ما قاله ووضحه وبكثير من التحديد والدقة، السيد الرئيس بشار الأسد لأعضاء الحكومة خلال ترؤسه اجتماعها، بعد التعديل الأخير الذي جرى الشهر الحادي عشر من العام الماضي، وسنخص جزئية حساسة جداً تناولها سيادته، وهي “الاستثناءات” التي تتضمنها القوانين، أو تلك التي تُتخذ خارج إطار التشريعات الضابطة لكل مناحي الحياة وخاصة الاقتصادية منها.

قال سيادته: الجزء الأكبر من الفساد يأتي من الثغرات الموجودة في القوانين، والقاسم المشترك بين أغلبية القوانين، هو وضع بنود استثنائية فيها، ما يؤدي إلى الفساد، ويجب على الوزارات جميعها العمل بشكل سريع للبحث عن كل الاستثناءات الموجودة في القوانين من أجل إلغائها تماماً.

وأردف موضحاً أن ليس كل استثناء خطأ، وإنما هناك حالات استثنائية في الكثير من القطاعات، وهي ضرورية من أجل حيوية وديناميكية القوانين، وبالتالي يجب استمرار العمل بها، لكن مع وجود ضوابط تصدر بقرار من مجلس الوزراء، وعندما تظهر حالات استثنائية جديدة تُعَدل هذه الضوابط أو تُعَدل الحالات التي تصدر فيها الاستثناءات، وعندما نقوم بهذا العمل يبقى الاستثناء، ولكنه يكون حقاً لكل مواطن ينطبق عليه شروط هذا الاستثناء، وعندها لا يكون هناك ظلم أو فساد، وتتحقق العدالة..

هذا التوصيف الدقيق لموقع وتوقيت الاستثناءات، وكيفية استخدامها، ومتى تستخدم ولأجل ماذا، ولمن تُعطى، وهل بإمكانها – إذا مُنحت – تحقيق المفيد على الصعيد الكلي والجزئي، وفي الوقت ذاته هذا التمييز الصريح في نوعية الاستثناءات، بين السيئ وبين المفيد منها، ومتى تكون هذا أو ذاك، يجب أن يكون (التوصيف والتمييز)، مرجعاً ومرشداً لكل من يشارك في إعداد وصياغة تشريعاتنا وقوانيننا، وبمسؤولية مضاعفة؛ لأن بها ومنها يبدأ ويتحدد الصلاح وتتحقق الجدوى القصوى، والعكس ونقصد الفساد.

في هذا السياق، لعل في سحب قانون الجمارك من مجلس الشعب؛ لإعادة دراسته رسالة بليغة لا بد من التوقف عندها وإعادة حساباتنا حين صياغة القوانين، كي تكون بمضامينها على مسافة واحدة من الكل، ولأجل الكل، لتكون المنافسة النزيهة في تطبيقها، عاملاً رافعاً وداعماً ومحفزاً على العمل المنتج، الذي يخدم الوطن والمواطن.

رسالة يجب أن يعيها المعنيون بـ”الاستثناءات”، مانحين ومستفيدين على حد سواء، خاصة في الوقت الذي لا يزال العديد من قوانيننا الاقتصادية، والتي سيتحدد في ضوء صحة وشفافية وعدالة مضامينها، وبما يمكن أن تتضمنه من استثناءات، مصير ومستقبل اقتصادنا الوطني.. ولا نبالغ في هذا.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com