اقتصادصحيفة البعث

المحافظة تدرس إحداث أربع أسواق لها البســـــطات الشـــــعبية تتأرحـــج بيــــن وضعهــــا المخالــــف للقانــــون وحاجـــــة المســـــتهلكين

أصبحوا مقصد كثير من المستهلكين رغم بساطة وشعبية ما يقدمونه في بسطاتهم من أحذية وألبسة ومواد منزلية وغذائية وأدوات كهربائية بسيطة… إنهم مفترشو الأرصفة الذين يتحملون الظروف المناخية كافة من حر وبرد ليجنوا من جيوب المارة ما يقيهم شر العوز، بأدوات وبضائع شعبية يلعب الفارق السعري دوره في تصريفها على حساب جودتها ونوعيتها، ببسطات تخاطب أوضاع المواطنين الاقتصادية قبل أذواقهم، لدرجة بات وجودها أحياناً يلبي الكثير من المتطلبات اليومية والأساسية.

ولكن رغم اتساع رقعة وجودهم في ظل تدني مستوى الدخل عموماً، وحاجة أغلب المستهلكين لبضائعهم ذات السعر المنخفض، إلا أن القانون لم يرأف بوضعهم، إذ ما زالوا ضمن دائرة المخالفات التي يجب قمعها من وجهة نظر المحافظة، وتنظيم ضبوطات بحقهم، فبات حالهم يشبه لعبة القط والفأر مع الجهات الرقابية المعنية، فتارة تسود حركة نشطة للجان المراقبة والمتابعة، فيسرعون للملمة بضائعهم ويتوارون عن الأنظار، وما تلبث الحركة أن تهدأ فتعود الأماكن إلى حالها، وكأنهم لم “يمروا من هنا”، ولكن الحظ العاثر قد يصيب البعض ليدخل دوامة الخسارة بالحجز على أدواته أو دفع إكرامية “غض البصر”، وإطلاق سراح أكياسه الصغيرة، وفي كلتا الحالتين لم تجد الآلية المتبعة نفعاً؛ فلا منعت البسطات المُخالِفة، ولا أعفتهم من الملاحقة ليتفرغوا لتحدي أوضاعهم الاقتصادية الصعبة.

ظاهرة عامة

تعم البسطات جميع الطرقات والأماكن سواء في الساحات أو الأزقة الضيقة، ورغم الملاحقة شبه اليومية إلا أنهم مصرون على المواصلة، ففي استطلاع لحالهم شكا الغالبية العظمى سوء الأوضاع بشكل عام، لتأتي الرشوة التي تقدم لعناصر المراقبة لتقضم الجزء الأكبر من إنتاجهم اليومي وتضيق عليهم أكثر، مطالبين بمنحهم أماكن خاصة لعملهم وتنظيمه، فقد أشار البعض إلى وجود مساحة واسعة في منطقة البرامكة تصلح لأن تكون سوقاً شعبية تضم جميع البسطات، وتبقى مقصداً قريباً لكافة المواطنين، إلا أن المحافظة ارتأت استثمارها بمرآب للسيارات؛ مما أثار سخط الكثيرين من أصحاب البسطات، وناشدوا المحافظة بأولوية النظر في أوضاعهم لحمايتهم من ضعاف النفوس من اللجان.

مخالفة قانوناً

يبدو أن المحافظة لها رأي آخر في آلية تخصيص أسواق شعبية تحددها اعتبارات عدة، منها عدم وجودها في الساحات أو الطرق الرئيسية منعاً من إحداث تجمعات تسبب عرقلة سير، أو إزعاج السكان. وفي هذا السياق بينت انتصار الجزماتي عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق، أن هذه البسطات ليس لها قرار ناظم، وتعد مخالفات موجبة الملاحقة والحجز، ما عدا البسطات التي تضم الخضار والإنتاج النباتي التي تمنح رخصاً موسمية تحدد مدتها بموسم المادة المعروضة قد تمتد في بعض الأنواع لمدة أربعة أشهر، كالصبار والعوجة والبطيخ، أما ما يتعلق ببسطات مادة الغزلة والبوشار والعرق سوس فهي تندرج ضمن الفلكور الدمشقي، وليس لها مدد زمنية، بل تسعى المحافظة إلى ضرورة وجودها في مختلف المناطق، كما حرصت المحافظة على منح هذه الرخص لذوي الشهداء وجرحى الحرب دعماً لأوضاعهم الاقتصادية، أما مختلف البسطات الأخرى فقد أشارت الجزماتي إلى أن المحافظة تعد دراسة فنية لأربعة أماكن بغية إحداث أسواق شعبية مراعية فيها بعدها عن مراكز المدن، وتؤمن دخلاً مناسباً، وقابلة للتنظيم، مؤكدة أن الدراسات سوف تنجز بالسرعة الكلية ليتم الإعلان عنها.

شبه جاهزة

وباعتبار أن طروحات المواطنين تؤخذ بعين الاعتبار لدى تحديد مناطق لإقامة أسواق شعبية بين مدير الدراسات الفنية في المحافظة جورج سعدة أن المنطقة المشار إليها آنفاً في منطقة البرامكة هي حرم لسكة القطار، ولا يمكن استثمارها بسوق شعبي بحسب مطالبات أصحاب البسطات، مبيناً أن بعض المواطنين يتقدمون بعروض لمناطق دون معرفة ملكيتها، وبالتالي قد تعود لجهات معينة لا تستطيع المحافظة الحصول على موافقة إشغالها بما يتناسب مع مشاريع المحافظة. وبما يخص الدراسات لأسواق الضيعة -كما تطلق عليها المحافظة- المزمع إحداثها، بين سعدة أن هناك دراسات شبه جاهزة لموقعين؛ الأول في منطقة الزبلطاني، إذ تم إعداد دراسة سابقاً للموقع قبل الأزمة والانتهاء من كافة التجهيزات، وكان معداً للاستثمار، إلا أن وجوده في منطقة ساخنة أدى إلى تدميره كلياً؛ لذلك قامت مديرية الدراسات بإعداد دراسة أخرى له، ويتم التنسيق حالياً مع مديرية الأملاك العامة ومؤسسة الإسكان العسكرية ليتم تنفيذه بشكل ينسجم مع المظهر العام للمنطقة، منوهاً إلى تخصيص جزء كبير منه لذوي الشهداء، والأمر ذاته ينسحب على سوق التضامن حيث أكد أن الدراسة شبه جاهزة، وأحيل الملف إلى مديرية الصيانة لتنفيذ أعمالها، منوهاً إلى أن البدء بمهامها تستلزم ما يقارب الـ75 يوماً، أما سوق اليرموك الذي كان من المقرر إنجازه أيضاً فلم يتم التوجيه لإعداد دراسة له، كون المنطقة ما تزال بحاجة إلى إعادة تأهيل.

فاتن شنان