اقتصادصحيفة البعث

“الإكومار” الصينية تخصص مليارات الدولارات لتمويل الشركات والمشاريع المتعثرة في سورية.. ولا ضمانات بنكية!!

 

لم يقدم “منتدى المال والمصارف والتأمين” الذي كان عقد بتاريخ 8/11/ 2018- في قصر المؤتمرات- أي إجابات صريحة وواضحة تبين واقع المال والمصارف والحلول المقترحة لتجاوز إشكالية التمويل للمشاريع الاستثمارية أو لغيرها من المشاريع والشركات المتعثرة، إذ طغى عليه إجابات ضمن الإطار العام، في مشهد يشي بتقصد المعنيين عدم وضع النقاط على الحروف، والاكتفاء باستعراض جاهزية الحكومة وعزمها على تمويل الاستثمارات من دون تأكيد أو نفي وجود قرارات محددة تطفئ لهيب الأسئلة التي تمحورت حول بعض القرارات المنتظرة…
ولعل سؤال مستثمر محلي بحجم أمين سر اتحاد غرف التجارة السورية محمد حمشو حول وجود قرار بإمكانية تمويل الحكومة بفوائد مدفوعة من قبلها، ينبئ عن حجم الغموض الذي يكتنف المشهد الاستثماري والتمويلي، وجاءت إجابة وزير المالية الدكتور مأمون حمدان لتزيد ضبابية المشهد، إذ حاول التهرب من تأكيد وجود مثل القرار من عدمه، واكتفائه باستعراض جاهزية الحكومة لتمويل المشاريع التي تندرج ضمن أولوياتها والدعم المقدم للصناعيين والمستثمرين، وعندما اضطر للإجابة عن تحمل الحكومة لجزء من سعر الفائدة، قال: إن المجلس الأعلى للاستثمار هو صاحب القرار بتحمل جزء من سعر الفائدة، إذ يمكنه إصدار أي قرار بهذا الخصوص عندما تتشكل القناعة بأهمية المشروع المطروح، فيما بقيت الأسئلة المتعلقة بتفعيل عدد من القوانين، وبمدى اكتمال ملفات إعادة الإعمار وغيرها من ملفات دون أجوبة واضحة..!
إعادتنا التذكير بما حدث ذلك اليوم وبمجريات ما تم فيه، مرده لموضوع تعمدنا تأجيله كل تلك الأشهر لحد اليوم، عسى ولعل نجد الإجابات عليه، أو أن يُحل، خاصة وأن إشكاليات التمويل تبحث عن حلول، لكن ولأن لا حياة لمن تنادي، ولأن الأسئلة لا تزال معلقة والإجابات غائبة، نجد أنفسنا وأمام مسؤوليتنا الإعلامية الكشف عنه، لربما يصل مضمونه لمن يستطع البت فيه…

رغم وزنها المالي..
الموضوع هو لقاء تم على هامش فعاليات المؤتمر، مع أحد ممثلي مؤسسات التمويل الصينية العالمية، الذي حضر ليسأل حول مصير ما تقدمت به مؤسسته من عروض تمويلية لشركات ومشاريع متعثرة وغيرها وبكتلة تمويلية ضخمة، خُصَّت بها سورية، لكن الحظ لم يسعفه بطرح تساؤلات مؤسستهم رغم ما لها من وزن وثقل مالي، كما لم تسعفه الطروحات والعروض التي تقدم بها لعدد من الجهات الحكومية المعنية، لا قبل المؤتمر ولا بعده، علماً أن ما تقدم به كان لقي ترحيباً وقبولاً وتقديراً من قبل العديد من المسؤولين، لكن على الرغم من هذا يفاجأ بوصول الأمر إلى درجة عدم التعاطي مطلقاً مع ما يحمله..!؟

صمت وسر..؟!
لن نطيل عليكم، وسنترك للدكتور المهندس أمجد كشيك وكيل مؤسسة “الإكومار الصينية العالمية للتمويل” في الشرق الأوسط وشمال أفريقية، إخبارنا وإخباركم بما لديه وما جرى معه، وقبل أن ننتقل لنسمع منه، نُشير إلى أنه وأثناء تصريحه لنا، كان بجانبنا مدير عام هيئة الاستثمار السورية، وكان يسمع الحديث، الذي تبين أنه كان قد سمعه سابقاً حين لقائه كشيك في الهيئة؛ حينها التفتنا إلى مدير الهيئة وسألناه: ما رأيك بما تسمع ولماذا…؟ فما كان منه إلاَّ أن قلب شفتيه ورفع حاجبيه، بمعنى: لا أعرف وليس لي علاقة…! وليتبين لاحقاً أن العديد ممن رحب واقتنع وكاد أن يوقع اتفاقيات مع “الإكومار”، شأنه شأن مدير هيئة الاستثمار أيضاً؛ فلماذا الرفض لعروض وطرح تلك المؤسسة التمويلية.. وما هو السر..؟!

أثبتنا الجدية والمصداقية
أكد الدكتور كشيك أنه وفي إطار المساهمة بعملية إعادة إعمار سورية، تقدمنا بتاريخ 15- 12- 2017، إلى هيئة الاستثمار السورية، بعروض لتمويل كل المشاريع الحكومية والخاصة، وبضمانات بنكية أو بضمانات حكومية أو سيادية، أو أي نوع من الضمانات، وقدمنا شرحاً تفصيلياً كاملاً بذلك، كما تقدمنا بـ( C I S) عن المؤسسة، و(C V) كامل بكل أوراقها، وانتقلت الأوراق إلى هيئة التخطيط والتعاون الدولي، وتم الاجتماع مع بعض الوزارات (مثل وزارتي النقل والكهرباء..) لتمويل مشاريع، ومن بعدها تم توقيف كل الأضابير، ولم تردنا أية ردود، طوال مدة عام كامل، ومع ذلك لا إجابة حتى الآن..!؟
وكشف كشيك عن أن إجمالي الكتلة المالية التمويلية المخصصة لسورية (كقروض)، تبلغ 300 مليار دولار أمريكي، وهذا المبلغ موضح بالثبوتيات التي تقدموا بها للجهات المعنية.

240 شركة موضحة بنكياً
وكتساؤل حول مصداقية وجدية من يمثل، والعروض التي تقدموا بها، وضخامة المبلغ..!؟ أوضح أن المؤسسة التي يمثلها إقليمياً، تضم 240 شركة موضحة بنكياً، وهي تشكل “بلاك فورم”، بمعنى أنها قاعدة مالية عالمية باسم “الإيكومار”، وأن أموالها ومصادر تلك الأموال معلومة بالكامل، مؤكداً أن كل ذلك مدعوم بالوثائق والثبوتيات الكاملة، ولفت إلى أنهم قدموا كل ما يلزم من مستندات تثبت المصداقية والجدية والشفافية، وعلى أثر هذا جرت مراسلات مباشرة، ما بين وزارة النقل السورية وبين الشركة الأم، ومع مكتب الشركة بأستراليا عبر الإيميل، وتم توقيع هذه الإيميلات، حيث كان هناك عقود لمشاريع، تم تجهيزها للتوقيع عليها، لكن للأسف توقفت كل المراسلات، ووصل الأمر حد عدم القبول حتى بلقائنا..!؟
وحول الكتلة المالية الإجمالية للقروض التي بإمكان المؤسسة الصينية إقراضها للشركات السورية، قال: الكتلة أو القاعدة المالية أكبر من ذلك بكثير، لكن ما خصص لسورية هو 300 مليار دولار “حسب قوله”.

ضمانات كفيلة وكافية
كشيك وفي إشارة يُفهم منها أن مؤسسته مطلعة على واقع المشاريع والشركات المتعثرة في سورية (حدد الشركات الخاصة فقط)، وأكد أن العديد من تلك الشركات لديها ولدى أصحابها أملاك كبيرة في سورية، وهي وهم غير قادرين على تشغيلها أو توظيفها نهائياً، بسبب التعثر، منوهاً إلى أن تلك الأملاك يمكن أن تكون بحد ذاتها ضمانات (ضمانات بنكية) كافية لأي جهة تمويلية…
وأوضح أن بإمكانهم تمويل وإقراض مثل هذه الشركات، من خلال ضمانات تقدمها المصارف السورية، بعد أن تقوم بـ”الحجز” على أملاك تلك الشركات، وتقدم بموجب ذلك ضمانة بنكية للجهة الممولة، كما تقدر المصارف (إذا لم تستطع إعطاء تلك الشركات وأصحاب المشاريع المتعثرة قروضاً، بسبب الأزمة، أو أن تضع شروطاً صارمة على القروض)، على إعطائهم ضمانات بنكية، وهم بدورهم يقدمون التمويل بشكل مباشر لتلك الشركات المتعثرة، مقابل الضمانة البنكية، أي أن المصرف يضمن حقه (يصبح المشروع له لحين السداد)، وبذلك يكون قد سوَّق كل عملية التمويل الخارجي…

لا أحد..!
وكذلك كشف كشيك عن أن لا أحد لديه أو عنده أية إجابة أو رد نهائياً، عن الضمانة البنكية في سورية، وإن كان هناك فهي إجابة شفهية غير مكتوبة، بمعنى أن تكون مستنداً رسمياً يُعتد به، ويمكن البناء عليه..!؟ كما كشف عن أنهم لم يستطيعوا أخذ كتاب استعداد من أية جهة أو مؤسسة في الدولة، يبين استعدادها للاقتراض أو للتمويل، أو استعدادها لتمويل أي شركة خاصة بشكل رسمي وبموجب كتاب خطي رسمي، وهذا على الرغم من أن كل من التقوهم كانوا موافقين شفهياً على ما تقدم، أي على الضمانة البنكية وآلية الحصول على التمويل والقروض..!؟
وكشف أيضاً عن عدم وجود أي كتاب استعداد لتقديم ضمانة بنكية من أي مصرف سوري، لا لشركة خاصة ولا للدولة ( لا ضمانة bank Guarantee أو Sovereign Guarantee)، وبالتالي لم يستطيعوا الحصول على أي نوع منها، حتى لو على مجرد كتاب استعداد لتجهيز هكذا ضمانة، أو موافقة خطية، مؤكداً أن كل الموافقات التي سمعوها كانت شفهية فقط، ولم يتم العمل بعدها..!؟

حتى بأي ضمانة..!
وعن السبب الكامن وراء هذا التعاطي، وإمكانية أن يكون المبلغ بحد ذاته، لناحية ما يشكله من كتلة مالية قد تعد الحد الأدنى لإعادة إعمار سورية، وأنه موجه لتمويل كل الشركات المتعثرة وفي مختلف القطاعات الاقتصادية، وما يعنيه ذلك، قال كشيك: ربما شيئاً من هذا القبيل، لكنه أوضح أنهم كمؤسسة تمويلية، قد قاموا بالتصريح عن كامل المبلغ وبكل شفافية وبأوراق رسمية، الأمر الذي ينفي أي التباس يمكن التوجس والتحوط منه..!؟
ورداً على سؤالنا: لماذا لم يدخلوا بجزء من المبلغ ولبعض القطاعات، قال: كان بإمكاننا ذلك، لكنهم كقاعدة مالية عالمية، هكذا تقدم القروض وبهذا الشكل، مستشهداً بما قدموه لعدد من الدول، حيث تم تمويل الكثير من المشاريع، ومنها في مصر على سبيل المثال، حيث تم تمويل معمل لصناعة الأسمنت بـ5 مليارات دولار، وكذلك في السودان ولمشاريع عدة وضخمة وتابعة للحكومة، تم تمويلها بـ5 مليارات، وخلال أسبوع واحد فقط، وبضمانات (Sovereign Guarantee) أي ضمانات سيادية.
الكشيك لفت إلى أنهم في سورية لم يطلبوا ضمانات سيادية فقط، وإنما قبلوا بأي نوع من الضمانات البنكية (bank Guarantee )، أو (Sovereign Guarantee)، وبدون حجز مبالغ مقابلها في البنك المركزي، مؤكداً أنهم ما يزالون على استعداد لتقديم التمويل بشكل كامل، إلاَّ أن الطرف الآخر وبعد كل ما مر من أشهر طويلة، غير مستعدٍّ ولا حتى للحديث في الموضوع، بعد أن كان مرحباً بالأمر..!؟
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com