الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

حروب أهل الفن

 

في واحد من الاحتفالات التي جاءت بذكرى الثورة في مصر، حدث أن كانت كل من أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، هما من سيقومان بإحياء الحفلة الغنائية التي سيحضرها الرئيس جمال عبد الناصر، وكان من الغريب أن تطلب أم كلثوم أن تكون هي أول من يغني، على عكس العادة في الحفلات، فالمتعارف عليه، أن الفنان الأهم هو من يختتم الحفل، لكن “ثومة” والملحن العبقري محمد عبد الوهاب، كانا قد اتفقا على أن تبقى أم كلثوم تغني حتى الربع ساعة الأخيرة من الحفل، عندها ثارت أعصاب “حليم”، وبدأ بالاعتراض على ما جرى، معتبرا أن ما جرى ما هو إلا خطة خطط لها عبد الوهاب وأم كلثوم، بهدف حرمان “شبانة” من الغناء أمام رئيس مصر، وفي الكواليس حيث التقى بأم كلثوم قام عبد الحليم بتوجيه بضعة كلمات قاسية لها قائلاً: “اللي عملتيه عيب، هذا مقلبا وليس حفلا”.
مرت السنين وحدث أن عبد الحليم، بقي لأكثر من 6 سنوات، لم يُطلب إليه الغناء في تلك الذكرى، التي لم يفوت الرئيس حضورها ولا مرة، وفي إحدى الجلسات التي جمعت بينه وبين أم كلثوم، دنا عبد الحليم منها معتذرا ونادما، ولما رأته على هذا الحال قالت له: “عقلت ولا لسا؟”، فأكد لها أنه تعلم الدرس، وعاد بالفعل بالذكرى التالية للغناء في الحفل، رغم أنه كان من أهم المطربين في عصره، ولحد اللحظة، تعتبر أعمال عبد الحليم الغنائية، هي الأكثر مبيعا، لكنه لم يقدّر أن تلك السيدة، علاقتها بـ “الريس” كانت علاقة متينة، حتى أنه اصدر لها جواز سفر دبلوماسي، ويقال أن أغنيتها الشهيرة التي لحنها عبد الوهاب “أنت عمري”، تقصد فيها “عبد الناصر”، وهكذا اضطر عبد الحليم، أن يقبل يد “الست”، ليستطيع الغناء في الحفلات الكبيرة التي كانت تُقام حينها. مشاكل أهل الفن لا تنتهي، وليست ظاهرة جديدة على الوسط الفني، لكن الموضوع يُظهر وجها مختلفا لأم كلثوم، التي يعرفها الناس بأن سريرتها جميلة وصافية كصوتها، وهذا ليس حقيقيا، بالنهاية هي إنسان، وعقدة الرقم (1) بالتأكيد لم تفارقها، وهكذا تعلم عبد الحليم، درسا قاسيا على يد أم كلثوم، وتاب إليها.
تمّام علي بركات