دراساتصحيفة البعث

هل تزيل الصين شكوك أوروبا؟

ترجمة: عناية ناصر

عن موقع غلوبال تايمز 6/4/2019

تعدّ مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين، والإستراتيجية الأوروبية لعام 2020 فرصاً مشتركة للتنمية في الصين وأوروبا. حيث يمكن للتعاون بين الجانبين أن يعمل على تعزيز تطوير المشاريع في مختلف المجالات مثل البنية التحتية والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، والتي يمكن أن تسهم بشكل كبير في تحسين العلاقات.

جسّدت زيارة الرئيس شي جين بينغ لإيطاليا وموناكو وفرنسا أقصى درجات الدبلوماسية الصينية مع الكتلة الأوروبية هذا العام، وأكد القادة المعنيون على أهمية الدور الاستراتيجي للعلاقات، وبغض النظر عن الوضع الدولي، اعتبرت بكين بروكسل شريكاً استراتيجياً مهماً، مؤكدة على ضرورة أخذ العلاقات في اتجاه إيجابي.

وفي ظل تنامي القوة الاقتصادية للصين ونفوذها السياسي، استعرضت المفوضية الأوروبية والممثل السامي العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين الفرص والتحديات ذات الصلة، حيث حدّدا 10 خطوات ملموسة من حيث “وجهة النظر الإستراتيجية”.

يجادل تقرير التوقعات الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والصين بأن ميزان التحديات والفرص الذي قدّمته الصين قد تحوّل في العقد الماضي. وقال التقرير: “لم يعد من الممكن اعتبار الصين دولة نامية، فقد نمت القوة الاقتصادية للصين ونفوذها السياسي بنطاق وسرعة غير مسبوقين، مما يعكس طموحاتها في أن تصبح قوة عالمية رائدة”.

الصين والاتحاد الأوروبي شريكان استراتيجيان وملتزمان بالتعددية والنظام الدولي القائم على القواعد، فالتعاون مع الاتحاد الأوروبي يفوق المنافسة، والإجماع يحلّ محل الخلافات. مع ذلك، فإن بعض دول أوروبا الغربية لديها شكوك حول الصين، وتعتقد أن مقاربتها هي محاولة لإلحاق الضرر بالوحدة الأوروبية. وقد أظهرت زيارة الرئيس شي إلى أوروبا مرة أخرى استعداد الصين للتعاون مع الاتحاد الأوروبي.

إذن كيف ستتعامل الصين مع أوروبا في العصر الجديد؟ من الناحية السياسية، تقبل أوروبا عموماً التعايش مع الصين، ولكن الشكوك الإضافية تكمن في أن الكتلة تشعر بالقلق من القدرة التنافسية المؤسسية لبكين، والتي ستقسم وتقوض الوحدة داخل الاتحاد الأوروبي. أما من الناحية الاقتصادية، فيعدّ نطاق التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي واسعاً وعميقاً للغاية حيث تأمل الكتلة في الوصول إلى السوق الصينية.
ومع ذلك تغيّر النهج، في الآونة الأخيرة، مع محاولة الاتحاد الأوروبي وضع حواجز الطرق في مجال التجارة والاستثمار والتكنولوجيا. إضافة إلى ذلك، عزّز الاتحاد الأوروبي تنسيقه مع الولايات المتحدة واليابان في محاولة لتقييد الصين من خلال تغيير قواعد منظمة التجارة العالمية.

العلاقات عبر الأطلسي هشّة في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية. وكما هو متوقع، لم يصغ الاتحاد الأوروبي علاقة أوثق مع الصين، واختار في معظم الحالات الوقوف مع الولايات المتحدة. ينبع قلق الاتحاد الأوروبي من حقيقة أن الاختلافات السياسية سوف تعيق سياساتها الاقتصادية والتجارية، وبالتالي تضعف موقفها من قواعد السوق، وتقييم الأثر البيئي والمعايير الفنية.

منذ الإصلاح والانفتاح، احتلت أوروبا دائماً مكاناً مهماً في السياسة الخارجية للصين، كما احتلت  العلاقات مع الاتحاد الأوروبي حيزاً مهماً في الشؤون الخارجية للصين. قد تظل القدرة التنافسية بين الصين وأوروبا موجودة في المستقبل، لكن مجالات التعاون ستتوسع أكثر، إذ تحتاج الصين والاتحاد الأوروبي إلى معالجة الاختلافات بين الجانبين بطريقة عملية وشاملة.

العقبة الأصعب التي يجب على أوروبا التغلّب عليها في علاقاتها مع الصين هي الاختلافات التي لا يمكن تجاوزها في الهويات، على الرغم من ذلك لدى الجانبين فرص كبيرة للتعاون في مجال إدارة المناخ العالمي، والحفاظ على النظام التجاري متعدّد الأطراف، وعلى سلطة ودور الأمم المتحدة. ومع تعميق التفاهم بين الجانبين، هناك شروط لمواصلة المزيد من تعزيز التعاون، في حال بذلت الجهود للقيام بذلك، فإنه يمكن استخدامها.

وبما أن العالم يواجه تغيرات جذرية، وبالرغم من التعقيدات والصعوبات التي قد تظهر في المستقبل، فإن إقامة شراكة إستراتيجية شاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي عامل أساسي في النظام الدولي المعاصر ونموذج للحفاظ على التعاون متعدّد الأطراف، وذلك لأن العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي لها تأثير كبير في تحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي العالمي.