اقتصادصحيفة البعث

967 مستثمراً برأس مال 751 مليون دولار.. وتشغيل 6469 عاملاًحزمة إجراءات متكاملة تعيد إنعاش مرفق اقتصادي غير تقليدي… المناطق الحرة السورية تنطلق مجدداً

دمشق – محمد زكريا
تعكف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وبالتنسيق مع المؤسسة العامة للمناطق الحرة على دراسة تعديل نظام الاستثمار النافذ حالياً، حيث تحمل هذه التعديلات مزايا جاذبة لإقامة صناعات جديدة تصديرية تتكامل منتجاتها مع الصناعات المحلية ليكون لها دور اقتصادي وتنموي بما يضمن استقرار إيرادات المؤسسة ونموها والاستفادة من المساحات الشاغرة فيها، وكذلك الاستفادة من الموارد المحلية بتصديرها كمنتج مصنع بدلاً من تصديرها كمواد أولية بأسعار متدنية جداً، والاستغناء تدريجياً عن استيراد المواد المصنعة بما يسهم بتخفيف استنزاف القطع مقابل استيراد المواد المماثلة، ويجزم إياد كوسا مدير عام المؤسسة العامة للمناطق الحرة بأن هذه المناطق تشكل مناخاً استثمارياً جاذباً لإقامة صناعات تصدر منتجاتها إلى الدول العربية والأجنبية.

مؤشرات
وتشير التقارير الراشحة عن المؤسسة إلى أن حركة النشاط التجاري والخدمي في المناطق الحرة سجلت تطوراً ملحوظاً خلال العام الماضي 2018، فعلى أرض الواقع قدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية القيمة الإجمالية للإيرادات بحدود 4,6 مليارات ليرة وبزيادة عن العام 2017 بلغت قيمتها 1,2 مليار ليرة، في حين بلغت قيمة الإيرادات للأشهر الثلاثة الماضية 407ر1 مليار ليرة سورية، علماً أن جميع الرسوم والإيرادات تستوفى بالقطع الأجنبي، وتبين التقارير أيضاً أن عدد المستثمرين في المناطق الحرة يصل إلى نحو 967 مستثمراً وبرأس مال قدرت قيمته الإجمالية بحدود 751 مليون دولار حالياً.
ويرى مدير المناطق الحرة بأنها أرقام مبشّرة ومؤشرات مادية تصاعدية، تعطي انطباعاً حقيقياً بأن الإجراءات وصلت إلى بعض مما ترنو إليه الحكومة؛ فقد وصلت حركة البضائع الداخلة (المستوردات) إلى 61 مليار ليرة خلال 2018، بينما كانت خلال 2017 حوالي 34 مليار ليرة سورية، وفي التدقيق بحركة البضائع الخارجة (الصادرات) تؤكد البيانات أنها بلغت حوالي 53 مليار ليرة خلال 2018، بينما كانت 43 مليار ليرة خلال2017، ووفق هذه البيانات فقد وصلت في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 2019 إلى حوالي العشر مليارات ليرة سورية وهذا مؤشر جيد.يضاف إلى ما سبق أن هذه المناطق تعد أحد المراكز الهامة لتشغيل اليد العاملة، فحسب بيانات وزارة الاقتصاد تشّغل المناطق الصناعية اليوم 6469 عاملاً، وتدخل رسوماً جمركية تضاف إلى الدخل الوطني بلغت خلال 2018 حوالي من 8ر8 مليارات ليرة سورية، وهذه مدخلات مهمة للاقتصاد الوطني تسعى الحكومة السورية إلى مضاعفتها وفتح آفاق جديدة لها.
إجراءات
لغة الأرقام بما تنطوي عليه توحي بأن جهداً بذل لتحسين هذه المناطق ويحتم العمل في المرحلة التالية لاتخاذ الخطوات التي تتجاوب وخطاب هذه الأرقام، وهي أرقام هامة يعتبر كوسا أنها تشكل حيزاً فاعلاً في كتلة الاقتصاد السوري وهذا ما دفع الحكومة إلى وضعها ضمن أولويات العمل لدعم الإنتاج وتطوير الصناعة السورية، فيؤكد أن العمل بدأ على تطوير هذه المناطق من خلال تنفيذ عدد من المشروعات وفق برامج زمنية محددة في مقدمتها دراسة تعديل نظام الاستثمار في المناطق الحرة المصدق بالمرسوم 40 للعام 2003، وهذا التعديل يشمل عدة نقاط أساسية كإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار منافسة للاستثمارات في المناطق الحرة المجاورة، وتشجيع الفعاليات الاقتصادية المحلية والعربية والأجنبية (العامة والخاصة) بإقامة وتنفيذ واستثمار وتطوير المناطق الحرة بأنواعها (عامة – خاصة – تخصصية – مشتركة) في ضوء التجارب الناجحة للدول العربية والأجنبية مناطق حرة (صناعية – طبية – سياحية – خدمية – إعلامية – تكنولوجية – قرى الشحن والصادرات وغيرها).
لم يتوقف مشروع الدعم على ما هو قائم، بل اتخذ منحى المبادرة والتوسع في النواحي كافة كما يبين مدير المناطق، فالاستثمار الصناعي نال تشجيعاً كبيراً بهدف إقامة منتجات غير قائمة في السوق المحلية ذات تكنولوجيا وتقنية عالية، وأخرى تتكامل مع الصناعات الوطنية وخاصة التصديرية، والاستفادة من الموارد المحلية بتصديرها كمنتج صناعي يحقق قيمة مضافة محلية بدلاً من تصديرها مواد أولية بأسعار متدنية جداً. ويشدد كوسا على أن التشجيع شمل الاستثمار التجاري أيضاً بغية العمل على جعل المناطق الحرة مراكز تخزين وتوزيع إقليمية للبضائع سواء لحاجة السوق المحلية أو للأسواق المجاورة، وتحديد الصلاحيات التي يتم الترخيص بموجبها لطلبات الاستثمار في المناطق الحرة، وتبسيط الإجراءات التي تؤدي إلى تقديم الخدمات للمستثمرين، ودراسة إعطاء الحق للمستثمرين باستجرار قروض من المصارف القائمة في سورية لقاء المشاريع التي ستقام في المناطق الحرة حصراً.
والأهم دراسة السماح بإقامة المرافئ الجافة في المناطق الحرة بحيث يتم سحب البضائع مباشرة من الموانئ البحرية، وإحداث نافذة واحدة في المناطق الحرة تضم كل الجهات التي تقدم الخدمات، إضافة لتشكيل لجنة عليا ولجان فرعية للمستثمرين تعنى بأوضاعهم وحل مشكلاتهم والصعوبات التي تعترضهم، بالتعاون مع المؤسسة والجهات المعنية، وغيرها من الإجراءات ضمن إطار الرؤية والاستراتيجية التي وضعتها الحكومة استعداداً للمرحلة المقبلة.