أخبارصحيفة البعث

ليبيا بين فكي الناتو

 

مع احتفالات الناتو بالذكرى السبعين لتأسيسه، واصل الأمين العام لحلف الناتو جينز ستولينبرغ ادعاءاته ومزاعمه بأن الناتو عمل على مدى سبعة عقود من أجل الحفاظ على سلامة الشعب الليبي، وبأنه سيواصل جهوده لوقف الصراع والحفاظ على “السلام”. هذا “السلام” الذي استلزم ثماني سنوات من القتال العنيف والمتواصل في ليبيا والناتج عن تدخل الناتو. فالحقيقة مناقضة ومغايرة لما أدعاه الأمين العام لحلف الناتو، فمهمته لم تكن في “منع الصراع والحفاظ على السلام”  بل على العكس قام بالتخطيط المتعمّد للحرب على ليبيا وعمل على الإطاحة بالحكومة في طرابلس، وإثارة الفوضى الإقليمية، التي ما زالت تعم شمال أفريقيا حتى اليوم، والتي امتد تأثيرها ليشمل أوروبا، التي كانت على موعدٍ غير متوقّع مع اللاجئين الهاربين من الصراع في ليبيا.
التعتيم الإعلامي الذي يكتنف التأثير الحقيقي لتدخل الناتو في ليبيا على مدى السنوات الثماني الماضية ساعد الولايات المتحدة الأمريكية وشركاءها في حلف شمال الأطلسي على ارتكاب الحماقات وشن الحروب بالوكالة والتدخل في سياسة ليبيا وغيرها من الدول الأخرى. لذلك ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية، في خضم سعيها الواضح والمعلن، إلى تغيير استراتيجيتها، ألا تنسى أبداً “الثمار المرة” للتدخل الأمريكي في ليبيا ونتائج عدوانها المباشر عليها، ولكن واشنطن مستمرة في سياساتها العبثية، وخير شاهدٍ على ذلك ما نشهده اليوم في فنزويلا ودول جنوب شرق آسيا، والتدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر في سياساتها الداخلية.
إن أكثر ما يثير الرعب هو الاعتقاد بأن التدخل الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا كان ناجحاً، إن قمة الفشل أن يعتقد المرء أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى حقاً نحو مستقبلٍ أفضلٍ لليبيا لأن جوهر الحقيقة هو أن ثمار الفوضى المستمرة التي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية كذريعة دائمة لعسكرة أفريقيا هي استراتيجية مقصودة ومتعمّدة منذ البداية، وفقط في حال لم نتمكّن من فهم هذه الحقيقة تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت نجاحاً مدوياً في ليبيا.
معنى النجاح لأجندة واشنطن في ليبيا – وفي إفريقيا- يعتمد بشكل أساسي على ما سيتكشف عن الحرب الحالية الدائرة في طرابلس، وعلى الإبقاء على ليبيا مقسّمة لتتمكن بعدئذٍ من تحقيق مصالحها الاقتصادية، وفرض وجودها العسكري على الأراضي الليبية.
لمى عجاج