صحيفة البعثمحليات

 المواطن يقفز فوق حاجز التقصير  متحدياً وجوه الحصار مبــــــادرات وطنيـــــة لتخفيـــف أزمـــة النقـــل وخبــــراء يؤكـــــدون غيـــــاب الشــــــفافية

لم يعد خافياً على المواطن الحرب الاقتصادية والمخطط الخارجي والعقوبات الجائرة غير الشرعية من أجل إضعافه والنيل من صموده، لاسيما أن الحصار الاقتصادي رافقته شائعات تضليلية ساهم بانتشارها ضعاف النفوس وتجار الأزمات مع غياب ثقافة التصدي عند من صدق هذه الشائعات وخاصة مع التقصير الحكومي بتوعية المواطنين وتحصينه تجاه هكذا أزمات، إضافة إلى غياب الشفافية والمصداقية من المسؤولين ما أربك حياة المواطن المعيشية وآخرها ما تشهده محطات الوقود من اختناقات بسبب نقص المحروقات “المازوت والبنزين “، حيث انعكست على قطاع النقل، ليجد المواطن نفسه أمام مأزق في ظل تقاعس المؤسسات المعنية وأخذ دورها الحقيقي في تخفيف من آثار الأزمة والاكتفاء برمي الكرة في ملعب الحصار الاقتصادي، ما جعل الباب مفتوحاً على مصراعيه  لفساد الكثيرين ونشر الشائعات وتضخيم الأزمة، حسب رأي الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب الذي اعتبر أن التعاطي الحكومي لم يك مدروساً وناجعاً من أجل طمأنة المواطن وتوضيح الأسباب وتحديد مدة دقيقة أو يفضل عدم ذكر مواعيد كيلا يفقدون ثقة المواطن التي اهتزت نتيجة التقصير والترهل.

غياب الرقابة

ولم يخف ديب  غياب دور مديريات “حماية المستهلك” ولاسيما  من ناحية ضبط الأسعار وتأمين المواد ومنع الاحتكار وتفعيل مؤسسات التدخل الايجابي، إضافة إلى ضرورة الظهور الإعلامي والتحدث بواقعية ودحض الشائعات الكاذبة لإعادة الثقة مع المواطن، مشيراً إلى أن الاقتصاد الوطني يسير نحو الأفضل بوجود موسم زراعي مبشر وانتعاش الصناعة، إضافة إلى النتائج الايجابية لتطبيق البطاقة الذكية والتي وفرت ملايين الليرات بعد الحد من حالات الفساد والتهريب.

ودعا ديب الحكومة إلى الضرب بيد من حديد على الفاسدين وتجار الأزمة والذين يحاولون تشتيت الوطن والمواطن الذي صمد خلال السنوات الماضية ولم يجزع أو يركع، حيث كان مبدعاً وخلاقاً في إيجاد الحلول من خلال مبادرات وحملات تطوعية لتجاوز الأزمات.

حملة “بطريقك ”

وتأكيداً على ما ذكره الخبير الاقتصادي شهدت شوارع دمشق وريفها حملات شبابية تطوعية لتخفيف أزمة النقل وتأمين الموصلات، فقد  نظم شباب  متطوعون حملة  تحت مسمى “بطريقك ” عبر صفحات التواصل الاجتماعي لتتطور الفكرة وتطبق على أرض الميدان بعد تحقيق تفاعل وتجاوب من كثيرين من المتابعين وبدأ متطوعون لديهم سيارات خاصة بتقديم خدماتهم في توصيل المواطنين حسب تأكيدات مسؤولة الحملة زهراء روماني التي تحدثت عن تفاصيل الحملة، حيث بينت أن كل شخص يرغب بالمساهمة يسجل اسمه ومعلومات عنه مع متابعة دائمة للجميع من أجل تجنب المشاكل أثناء توصيل المواطنين، مشيرة إلى أن هناك تحديد على صفحة الحملة للمناطق والسيارات التي ستنقل المواطن حسب كل منطقة متواجد بها صاحب السيارة، علماً أن هناك جهات نقل  خاصة بدأت بالمساهمة والمساعدة من خلال تخصيص باصات نقل في نقاط معينة لنقل المواطنين من منطقة مساكن برزة باتجاه شارع الثورة.

وأوضحت روماني أننا نحاول التواصل مع جهات خاصة وحكومية لمساعدتنا وذلك بتخصيص باصات نقل ضمن ساعات محددة وخاصة أوقات الذروة، لافتة إلى أن حملة بطريقك هي حملة لتأسيس ثقافة يومية لدى المواطن يؤمن بالوطن من خلال تقديم المساعدة ولو بقيمة ليتر بنزين واحد ممكن أن يساهم بنقل موظف أو طالب، علماً أنه في أول يوم وبأقل من 24ساعة استفاد 25 شخصاً وازداد العدد تدريجياً والحملة سيتم انطلاقها أيضاً في محافظتي طرطوس واللاذقية وستتوقف عند انتهاء الأزمة فوراً.

تعرفة جنونية

ويرى متابعون أن هكذا حملات تؤكد إصرار وتحدي المواطن السوري والوقوف في وجه أقوى الأزمات، إلا أنه لابد أن يقابلها سعيا حكوميا من خلال  المؤسسات والشركات المعنية والنزول على الأرض والحد من  تفاقم الأزمة وتكثيف من  باصات شركة النقل الداخلي العامة والخاصة مع تحرك المعنيين في  محافظتي دمشق وريفها ومراقبة عمل خطوط النقل والتشديد على أجور التعرفة للتاكسي والسرافيس، لافتين إلى  أن أصحاب السيارات العمومية  ضاعفت  الأجور بشكل جنوني مستغلين الأزمة برفع تسعيرتهم بنسبة تصل لـ 200إلى 300 %، محتجين بالوقوف لمدة زمنية طويلة على محطات الوقود أو أنهم اشتروا من المحطات التي تبيع بسعر البنزين “الحر” ما يستوجب رفع التعرفة  في ظل غياب للرقابة.

تواصلنا مع مدير شركة النقل الداخلي بدمشق المهندس سامر حداد الذي أكد أنه تم تكثيف الباصات على الخطوط  مع رفدها بباصات إضافية حسب الحاجة مع توجيه القائمين على مراكز الانطلاق بفرز باصات على مناطق الاكتظاظ لتخفيف أكبر قدر من الازدحام، مؤكداً استعداد الشركة بكافة الباصات الموجودة للتخفيف من الأزمة الحالية.

ميداني لا مكتبي

وآخر القول ومع تفاؤل المواطن بانفراج الأزمة قريباً لابد من استنفار حكومي ميداني لا خلف المكاتب وقاعات الاجتماعات وذلك من أجل الوقوف على الواقع والحد من تفاقم الأزمة وتشديد العقوبات على المخالفين والمرتكبين، وخاصة أن ما نراه ونسمعه عن تجاوزات بالجملة على محطات الوقود وعدم التقيد والالتزام أثناء التعبئة من قبل البعض ما ترك حالة استياء من المواطنين الذين يعانون الأمرين من أجل الحصول على المادة.

علي حسون