اقتصادزواياصحيفة البعث

لاعلاقة للعقوبات بالأزمات!!

 

بتنا على قناعة أن بعض المنظّرين يعتاشون مثل تجار السوق السوداء على الأزمات..!

ما إن تبرز أزمة حتى نجد المنظرين يسارعون إلى تحليلها من منظورهم الخاص الذي لا يخلو غالباً من خلفيات مصلحية جداً..!

فالمنظّر الذي يسعى إلى منصب عام يوحي لنا أن كل معالجات الجهات الرسمية لحل الأزمات أو تطويقها عقيمة لأنها غير ضليعة باجتراح الحلول؛ فلكل أزمة خبراء غير متوفرين في الجهات العامة حالياً..!

أما إذا كان المنظّر مسؤولاً سابقاً فهو بحكم خبرته يوحي لنا أن جميع المعالجات سطحية ويبخل علينا بالحلول، ربما بانتظار أو على أمل أن يعيدوه إلى منصبه السابق أو إلى منصب جديد، وعندها فقط ستختفي الأزمات أو سيجد لها الحلول الناجعة قبل أن تشتعل..!

وبالمحصلة نحن أمام نوعين من المنظرين المقتاتين على الأزمات: الأول يسعى للمنصب والثاني “يستقتل” ليعود إليه من جديد..!

وأزمة البنزين كغيرها من الأزمات هي برأي هذين النوعين من المنظرين: الجهات الرسمية عاجزة عن اجتراح الحلول طالما نحن خارج صنع القرار..!

تقول وزارة النفط: إن الأزمة ستنفرج قريباً، فيرد المنظرون: تصريحات الوزارة مرتجلة لا تحل أية أزمة للمشتقات النفطية على الإطلاق..!

تعلن الحكومة عن تخفيض مخصصات الآليات الحكومية بنسبة 50%  من البنزين.. يرد المنظرون: هذا الحل غير فعال؛ لأن الآليات الحكومية ليست بالحجم الكبير..

ويتناسون أنهم كانوا في السابق ينتقدون استهلاك هذه السيارات لكميات كبيرة من البنزين المدعوم..!

توجه الحكومة بضبط توزيع المشتقات النفطية في محطات الوقود وتوزيعها حسب التوزع السكاني لكل منطقة.. يشكك المنظرون بهذا الإجراء: لا يمكن ضبط محطات الوقود..!

تعلن وزارة النفط أنها ستضع محطتي وقود متنقلتين في الخدمة بهدف تخفيف الازدحام والضغط على المحطات الثابتة..

يستخف المنظرون بهذا الحل ويبثون الرعب في المواطنين: المحطات المتنقلة ليست حلاً بل يمكن أن تتحول إلى قنابل موقوتة..!

تؤكد الحكومة في جلسة لمجلس الوزراء وبالأرقام أن استهلاك البنزين انخفض بشكل ملموس بعد تطبيق استخدام البطاقة الذكية بكمية لا تقل عن 1.5 مليون ليتر يومياً كانت تباع تهريباً..

يرد المنظرون: البطاقة الذكية لم تحل أزمة المشتقات النفطية بل أصبحت طريقاً للفساد..!

أما اقتراح وزارة النفط بأن الحل الجذري للأزمة يكون بالسماح باستيراد مادة البنزين عن طريق البحر من لبنان عبر ناقلات نفط صغيرة تحمل 5000 إلى 6000 طن.. فلم يتوقف عنده أي منظّر لسبب واحد أنه حل عملي لا يمكن لهم تفنيده أو الاستخفاف به..!

تقول وزارة النفط: إن بعض التجار وأصحاب محطات الوقود يستوردون البنزين بشكل يومي من لبنان بمعدل مليون ليتر يومياً، بما يعادل ربع الاستهلاك اليومي من البنزين المهرب، ويبيعون الليتر الواحد بألف ليرة في السوق السوداء..

يرفض المنظرون هذا التصريح ويؤكدون: البنزين في السوق السوداء مصدره استغلال بعض أصحاب محطات الوقود للبطاقة الذكية من خلال شراء مخصصات بعض المواطنين الذين ليسوا بحاجة إليه..!

ونستنتج من كل ما سبق أن النتيجة الوحيدة التي وصل إليها المنظرون هي: لا يوجد أية إجراءات فعالة تساعد في حل أزمة البنزين..!

واللافت بل المريب أن ما من منظّر يسعى إلى المنصب، أو منظر تنعّم بالمنصب لعدة سنوات ويأمل بالعودة إليه مجدداً.. أشار ولو على استحياء إلى أساس اشتعال أزمة المشتقات النفطية، أي إلى العقوبات الاقتصادية، وكأنّه لاعلاقة لهذه العقوبات باشتعال نيران أزماتنا النفطية وغيرها..!

أما الأغرب فهو أن كل من انتقد أو سخر أو استخف بإجراءات الحكومة وبالبطاقة الذكية بخل على السوريين بتقديم الحل العملي ـ وليس السحري ـ  لما يعانونه من أزمات بفعل العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية.. وهذا فعلاً مريب..!

علي عبود