صحيفة البعثمحليات

قلة الواردات المائية قد تكون نقطة ضعف “الزراعة” مستقبلاًمشروع الري الحديث ما زال متعثراً في ظل غياب الشركات الراعية

حماة – محمد فرحة

مازال مشروع الري الحديث – الذي قطع شوطاً بعيداً وكبيراً ما قبل الأزمة – متعثراً ومن الصعوبة بمكان العودة إليه في ظل الظروف الراهنة وخاصة في المناطق التي مازالت خارج السيطرة، في الوقت الذي تؤكد فيه تقارير المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والأراضي القاحلة، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، المتعلقة بالمسالة المائية، مدى تقلص الثروة المائية في السنوات العشر الماضية.

بل زاد مدير فرع الري في منطقة الغاب المهندس محمد كريم: بأنه لا يمكن اتخاذ أي قرار نحو البدء فيه هنا على أقل تقدير في مجال العديد من المواقع في مجال محافظة حماة عامة، وريف الغاب خاصة. مشيراً إلى أن البت في هذا الأمر ما زال متوقفاً لعدة أسباب، منها المائية والأمنية، وكلاهما يتمم الآخر، وغياب أي منهما يعني غياب الآخر، فضلاً عن غياب الشركات الراعية والداعمة والمنفذة، فأغلب الشبكات التي كانت موجودة قبل الأزمة تم سرقتها والسطو عليها مع مجموعاتها ومضخاتها وتجهيزاتها؛ ولذلك لا أحد يريد أن يغامر ويعيد الكرة ثانية قبل استقرار الوضع بشكل جيد.

وأشار كريم إلى وجود مساحات كبيرة لا يمكن الوصول إليها وخاصة في ريف حماة الشمالي، وكذلك ريف منطقة الغاب الشمالية والشرقية منها، منوهاً إلى أن الحاجة الماسة لمياه الري والحفاظ عليها من الفواقد والهدر بات اليوم أكثر إلحاحاً من ذي قبل، ما يوفر الكثير على الزارعين في عالم الاقتصاد المائي الزراعي. وساق مثالاً حين قال: العام الماضي احتاج محصول القمح خمسة عشر مليون متر مكعب من المياه في ذروة الحاجة، لم تتح له نظراً لانخفاض مخزون الكميات التي كانت موجودة في سد الرستن ومحردة، والتي كانت دون حجمها الميت في السدين المذكورين.

أما اليوم فتشير المعلومات إلى أن سد الرستن وصلت نسبة النخزين فيه إلى 175 مليون متر مكعب جلها لإرواء المساحات الزراعية في مجال محافظة حماة، وتحديداً نحن نحتاج هنا في مجال منطقة الغاب ما بين ال 70 – 100 مليون متر مكعب للمساحات الزراعية المروية.

أملاً أن تتوافر عند الحاجة إليها في أقنية الري وشبكاتها بدءاً من أعالي العاصي على الحدود مابين حمص وحماة وصولاً إلى أطراف سهل الغاب الشمالي، وألا تذهب هدراً كما يحدث سنوياً أي كميات المياه.

من هنا نرى أهمية العقلنة في استخدام المياه عن كل الاستعمالات وعدم تبذيرها وهدرها، حيث تشكل عملية الري بالراحة 40 بالمئة هدراً في الوقت الذي يستعمل 12 ألف متر مكعب من المياه لإرواء هكتار واحد، في حين تقول الدراسات العلمية إنه يكفي لري الهكتار الواحد /7500/  متر مكعب وفقاً لنظم الري الحديث. وقد يكون من نقاط ضعف القطاع الزراعي في السنوات القادمة هو قلة الواردات المائية، وبالتالي ضعف المخزون الجوفي الذي يستنزف جراء الإجهادات المستمرة والطويلة على مدار المواسم الزراعية، ولا يجوز أن نقيس كل المواسم القادمة على معيار هذا العام الذي كان مميزاً لجهة الغزارة المطرية ومعدلاتها.