اقتصادزواياصحيفة البعث

لماذا دائماً.. على حساب هذه الشريحة!؟

 

ثمة إشكاليات اقتصادية عميقة ومؤسفة جداً، لا نزال نعاني منها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، عدم لحظ – على الأقل – الكلفة المادية والاجتماعية لأي قرار يتم اتخاذه وإصداره، يتصل ويتعلق بالمواطن وأعماله، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر…!

والعجيب الغريب، الذي طالما درج على اتباعه من بيده مطرقة الحكم بالقرار، هو عدم وجود أية دراسة للآثار الاقتصادية المترتبة على مثل تلك الأنواع من القرارات، أو حتى محاولة إعداد تلك الدراسات…!

واقع عضال، يبدو أن اقتصاديات المواطن لن تبرأ منه، وكأننا بأولئك الذين يُعدُّونه ويُصوغونه ويُشرعونه ليسوا بمواطنين في هذا الوطن..!

مثلاً: قرار رفع سعر لتر مادة مازوت التدفئة من 7 ليرات سورية إلى 185 ليرة، وهذا سعر نظامي لـ400 لتر، التي توزع على دفعتين، لم يراعِ أبداً، لا الدخل الشهري ولا السنوي للمواطن السوري، وتحديداً أصحاب الدخل المحدود، علماً أنهم الشريحة الأكبر..!

فلو حسبنا أثر ذلك وفق قانون أو معادلة النسبة والتناسب ما بين دخل ونفقات مُعيل العائلة، لوجدنا أن نحو 40 ألف ليرة التي يخصصها لشراء 200 لتر فقط، تشكل أكثر من راتب ونصف الراتب لموظف له نحو 20 عاماً في الوظيفة، ونحو الثلاثة رواتب- في حال تعبئته الـ 400 لتر- من أصل دخله السنوي، أي من أصل 12 راتباً، وبالتالي نسبة كبيرة من دخله، وهذا في مادة واحدة فقط، موسمية وسنوية..!

ولو أخذنا مازوت وبنزين النقل والتنقل، سواء لمن يمتلك مركبة تعمل بإحدى المادتين، وسواء امتلكها بغاية العمل لتأمين مصدر دخل أو لخدمة العائلة (وهنا نتحدث تحديداً عن أصحاب الدخل المحدود أيضاً)، نجد وإضافة لسعر مخصصاته، ولاسيما بعد أزمة المادتين، أن هناك فوات نسبة من الدخل هامة تقدر بالثلث، مقابل زيادة -تعادل الثلث أيضاً- بالتكلفة والوقت الذي يحتاجهما لتعبئة مخصصاته وفق نظام البطاقة الذكية، أو بطرق أخرى..!

هذا ناهيكم عن عدم وجود دراسة لأثر هذا الوضع ومستجداته، على تراجع حركة نقل الركاب والسلع والمنتجات في المحافظة الواحدة وبين المحافظات..!

تراجع بدا ملحوظاً بشدة، حيث انكفأ الكثير من العائلات عن السفر – مثلاً– لقضاء العطل الطويلة نسبياً في ضيعهم، نتيجة لارتفاع أسعار المادتين، وبالتالي أسعار أجور النقل، بسبب شح المادتين وصعوبة تأمينهما، وهذا بدوره أدى لتراجع عدد الرحلات التجارية وحتى”السياحية” لتلك الشريحة وعلى حد سواء، لكل من يستخدم وسائط النقل الجماعي والخاص أو من يعمل عليها لتأمين رزقه..!

دراسات نؤكد على أهمية إنجازها، لأنها تتجاوز- في آثارها السلبية – الفردية في المصلحة الاقتصادية إلى العام فيها، إذ سيكون لها – بلا شك– عديد من المنعكسات المقلقة غير المستهان بها، على صعيد الاقتصادين الكلي والجزئي..!

وليس ختاماً، نسأل السؤال الذي طالما ظل محيراً: لماذا يتم حل شيء على حساب هذه الشريحة من أصحاب الدخل الأضعف..!؟ هل لأن “حائطها” هو الأسهل والأقدر عليه..؟!

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com