تحقيقاتصحيفة البعث

بكل مسؤولية!

 

لم تغب الطبقة العاملة عن الحياة العامة في المجتمع السوري، ولم تكن بعيدة عن ساحات النضال والعمل، وكانت في مقدمة القوى الوطنية الفاعلة في صناعة الاستقلال، ومواجهة قوى الاستغلال والرجعية، وبناء دولة المؤسسات وبناها التحتية التي كانت عاملاً مهماً من عوامل الصمود والانتصار، وطبعاً الحضور العمالي ارتبط بتواجد المنظمة النقابية ممثّلة بالاتحاد العام لنقابات العمال الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الطبقة العاملة، وحماية حقوقها، حيث اتكأت الهموم والمطالب العمالية على دوره الريادي في قيادة وتوجيه الدفة العمالية والنقابية نحو العمل والإنتاج.
واليوم يأتي عيد الأول من أيار (عيد العمال العالمي) بعد حوالي تسع سنوات من الحرب الإرهابية، والصمود العمالي النقابي خلف خطوط الإنتاج لصنع مقومات الحياة، والوقوف إلى جانب الجيش العربي السوري في معركة السيادة التي دفعت الطبقة العاملة فيها أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح من أبنائها انضموا إلى قوافل شهداء الوطن، وتعود هذه المناسبة والحركة النقابية تستعد للبدء بمرحلة نضالية جديدة مع اقتراب الدورة السادسة والعشرين من نهايتها، والتي كانت زاخرة بالعمل والإنجازات، حيث لا يمكن إغفال حقيقة الدور الاستثنائي الذي قامت به الطبقة العاملة والحركة النقابية، رغم دقة الظروف، وصعوبة الأحداث، فلم تتوان أو تسقط من أجندة عملها اليومي أنها مؤتمنة على المصلحة الوطنية العمالية، فعبرت بعملها وخططها إلى كل موقع إنتاج، وكانت حاضنة لحقوق العمال، ومدافعة عنها، وفي الوقت ذاته الشريك الحقيقي للحكومة في صناعة القرار، والعين الرقابية التي تشير إلى مواقع الخلل للتصويب والإصلاح، سواء في يوميات عملها، أو من خلال مؤتمراتها النقابية السنوية.
ولا شك أن كل ما حققته الطبقة العاملة خلال العقود الماضية، وما تقوم به الآن في ظل الأزمة، يجسّد حقيقة دورها الأساسي في الحياة الوطنية السورية بكل تفاصيلها، فقد استطاعت تخطي كافة التحديات التي واجهتها، وأن تصنع بنضالها إلى جانب كافة أبناء الشعب السوري حاضر سورية المشرق، ومستقبلها الذي يعنون دائماً بالمزيد من التطور والتقدم والصمود والمقاومة، ويمكن القول: إن الطبقة العاملة تقدم أنموذجاً لا مثيل له في الوطنية والنضال، وهي اليوم أكثر قوة وحضوراً، سواء على الصعيد الدولي، أو الإقليمي العربي، فالطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية التي امتلكت تاريخاً أبيض مشرّفاً في القضايا الوطنية، وقفت في خندق الصمود لمواجهة الحرب الكونية التي تستهدف الشعب السوري بكل مكوناته، وهي تؤكد باعتبارها الفصيل الهام من فصائل المقاومة السورية على أن السيادة الوطنية السورية خط أحمر لا يمكن لأحد تجاوزه تحت أية تسمية، وفي المقابل تؤمن بكل مسؤولية وإدراك لحساسية المرحلة وخطورتها بأن الأيام القادمة تحتاج إلى المزيد من العمل، والصبر، والحرص على الإصلاح الحقيقي الذي يخدم المصلحة الوطنية.

بشير فرزان