اقتصادصحيفة البعث

نـمــو مــوجــدات “الـــتــمــويــل الصــغــيــر” بنسبة 42% خـــلال ســت ســــنوات وحاكـــم المركــزي يعتبرهــا دون المســـتوى المرجـــو مقارنـة بالنســـب العالميــة

 

خلُصَ حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول بعد تشخيصه لواقع التمويل الصغير إلى أن المؤشرات الراشحة عن تطور هذا القطاع لا تزال دون المستوى المرجو مقارنة بالمؤشرات والنسب العالمية، عازياً ذلك إلى ظروف الحرب التي شنت على سورية وتداعياتها على الاقتصاد والمجتمع السوري. وبين قرفول خلال ورشة عمل “دعم وتطوير قطاع التمويل الصغير” التي نظمها وأشرف عليها مصرف سورية المركزي أمس، أن التمويل الصغير حديث العهد في سورية حيث باشرت أولى مؤسسات التمويل الصغير نشاطها في سورية عام 2008، ولدينا اليوم أربع مؤسسات عاملة في هذا القطاع.

نسب وأرقام
واستعرض قرفول البيانات الحالية لهذه المؤسسات والتي تشير إلى نمو إجمالي موجدات هذه المؤسسات خلال الفترة 2011 – 2017 بمعدل سنوي بلغ وسطياً 42% لتصل إلى ما يقارب 12 مليار ليرة سورية في عام 2017 مقارنة بـ1.5 مليار ليرة عام 2011، وارتفع إجمالي ودائع هذه المؤسسات خلال الفترة المدروسة وفقاً لمعدل نمو سنوي بلغ وسطياً 59% ليصل إلى ما يزيد عن 10 مليارات ليرة نهاية 2017 مقارنة بـ0.5 مليار ليرة عام 2011، كما بلغت قيمة محفظة القروض نهاية 2017 ما يقارب 8.2 مليارات توزعت بين العديد من القطاعات، وشكلت التسهيلات الممنوحة لقطاع الخدمات الحصة الكبرى من إجمالي التسهيلات بنسبة 35%، يليها قطاع تجارة الجملة والمفرق بنسبة 31%. ولفت قرفول إلى أن قطاع التمويل الصغير حظي بالاهتمام الحكومي اللازم بشكل عام، وباهتمام مصرف سورية المركزي بشكل خاص من خلال حزمة من الإجراءات التي اتخذت في سبيل تنظيم وتسهيل وتطوير عمل هذا القطاع والتي انعكست من خلال تحسن مؤشرات أدائه المرتبطة بعدد المستفيدين من خدمات التمويل الصغير، وعدد فروع المؤسسات المالية، وعدد الصرافات الآلية، وعدد نقاط البيع لكل 100 ألف نسمة، وعدد حسابات الإيداع، وعدد حسابات الإقراض.

تحديات
وتطرق حاكم المصرف المركزي إلى التحديات التي تواجه قطاع التمويل الصغير والمتمثلة بتعدد المؤسسات المانحة للتمويل والدعم المالي؛ ما يعني تعدداً للجهات المشرفة والمنظمة لعمل هذه المؤسسات، الأمر الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى وجود تضارب في الأهداف والجهود المبذولة لتنظيم وتطوير عمل هذا القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف ونقص الكوادر المؤهلة والخبيرة في مجال التمويل الصغير، وضعف الثقة المصرفية والمالية لدى العديد من فئات المجتمع ولاسيما في مجال التمويل الصغير.
توصيات
وضغطت هذه التحديات باتجاه اتخاذ جملة من التوصيات الكفيلة بتجاوزها، يتصدرها تضمين استراتيجية تحسين مستوى النافذ المالي كجزء أساسي من الاستراتيجية الحكومية الشاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية، وتطوير الإطار القانوني والتنظيمي بما يسمح بانضواء العديد من المؤسسات تحت مظلة قطاع التمويل الصغير والمتناهي الصغر، والتوسع في إنشاء شبكة من الفروع والمكاتب والوحدات المتنقلة تعنى بتقديم خدمات التمويل الصغير ومتناهي الصغر وتحديداً في المدن الصغيرة والمناطق الريفية .
وتضمنت التوصيات العمل على تخفيض التكاليف المالية والإدارية والاستثمارية لمؤسسات التمويل الصغير بما ينعكس إيجاباً على تكلفة التمويل بالنسبة للشرائح المستفيدة من هذا النوع من الخدمات المالية، وتوسيع قاعدة التمويل المتاح من خلال تطوير صيغ التمويل الصغير المختلفة. والعمل على إكساب الكوادر المصرفية المزيد من الخبرات في مجال تقديم الائتمان، وتقييم المخاطر التي تواجهها المؤسسات والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر .إلى جانب تقديم بعض الخدمات الاستشارية المساعدة الفنية اللازمة لانطلاقة المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وتسهيل وصول هذا النوع من المشاريع إلى الضمانات الملائمة التي تساعد المؤسسات المالية على منح الائتمان. إضافة إلى مراجعة الأنظمة الضريبية المطبقة على مؤسسات التمويل الصغير وعلى المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر على حد سواء، وبما يخدم تطور ونمو هذا القطاع. وإمكانية الاستفادة من البنية التحتية للمصارف في تقديم منتجات التمويل الصغير، وخاصة فيما يتعلق بتوسيع النشاط الائتماني لهذه المؤسسات في الناطق التي لا توجد لها فروع أو مكاتب فيها .والعمل على بناء شراكات استراتيجية بين مؤسسات التمويل الصغير والمصارف بما يساعد على انتشار خدمات التمويل الصغير ورفع مستويات النفاذ المالي في سورية. وتعزيز الثقافة المالية والترويج لمنتجات التمويل الصغير من خلال إطلاق حملات إعلامية للتعريف بمنتجات التمويل الصغير والفئات المستهدفة منه، والاستفادة من العلاقة الوثيقة بين هذه المؤسسات ومنظمات المجتمع الأهلي .والإسراع بإطلاق مشروع الدفع الإلكتروني نظراً لدوره في زيادة النفاذ إلى الخدمات المالية وتقديم الدعم المالي والاجتماعي المطلوب، وبالتالي التشجيع على التوسع باستخدام الخدمات المالية التي تقدمها مؤسسات التمويل الصغير. وإيجاد الاتساق والتعاون المشترك في الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية بقطاع التمويل الصغير والمتناهي الصغر بما يحقق الانسجام والتكامل في عملها، ويساعدها على تحقيق أهدافها في دعم نمو وتطوير مشاريع قطاع التمويل الصغير.
حسن النابلسي