اقتصادصحيفة البعث

هل تتساوى مشاركة المُنْتَج مع مشاركة الوكلاء ومشاركة الدول؟”صناعة المعارض” ما لها وما عليها.. شركات التنظيم بين مطب المبالغة وعتبة الواقعية

إذا ما اتفقنا على أن المعارض هي العاكس الأهم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهذا يحتّم بالضرورة صدق التعاطي مع هذه الحيثية بكل مكوناتها، وفي الوقت الذي تشهد فيه صناعة المعارض زخماً ملحوظاً في هذه الفترة، إلا أن هذه الصناعة لا يزال يكتنفها الكثير من الملاحظات الممكن أن تؤثر ليس على ماهية هذا النوع من الصناعة فحسب، بل على الاقتصاد الوطني، ولاسيما لجهة تسويق ما يزخر به من فرص استثمارية واعدة!.

المتتبع للمعارض المتخصّصة التي أُقيمت خلال الفترة القليلة الماضية يلحظ أن بعض شركات صناعة المعارض اتخذت من هذه الصناعة سبيلاً للمتاجرة، بعيداً عن احترام أدبيات وأسس هذه الصناعة، والبعض الآخر لم يسلم من مطب المبالغة بالترويج لهذا المعرض أو ذاك، سواء لجهة الدول المشاركة، أم لجهة عدد الزوار، أم غير ذلك من أساليب الترويج للمعرض وجذب الزوار إليه!.

ملاحظات

وآخر ما حُرّر في هذا السياق هو تلقي “البعث” جملة من الملاحظات على المعارض الثلاثة التي نظمتها شركة سيما لتنظيم المعارض وهي: (المعرض السوري الدولي للبناء والتشييد والبنى التحتية ميبيلد شو) بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان و(المعرض السوري الدولي سينيكس للآلات والمعدات الصناعية) بالتعاون مع وزارة الصناعة و(المعرض السوري الدولي سيريا ميب للكهرباء والميكانيك وأشغال المياه) بالتعاون مع وزارة الكهرباء.

تحفظ

ويتصدّر هذه الملاحظات الإعلان عن 26 دولة، فيما الواقع يتحدث عن عدد دول لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ومشاركة 300 شركة و1000 علامة تجارية، إضافة إلى عدم التزام الشركة بما وعدت به من تسيير باصات من أمام فروع نقابات المهندسين في جميع المحافظات السورية، مع تحفظ واضح على إعلان الشركة عن وجود مترو لنقل الزوار إلى مدينة المعارض، ليتبيّن أن الأمر لا يتعدى تسيير باصات نقل داخلي!!.

وتنطلق هذه الملاحظات من أن صناعة المعارض هي المرآة الحقيقيّة لواجهة أية دولة، وهي تعكس التطور الاقتصادي والفكري والثقافي للدولة بشكل حضاري وفعّال في المجتمعات المجاورة والبعيدة. ويشير أصحاب هذه الملاحظات إلى أن المأرب من شكواهم هذه هو ألا يقدم منظمو المعارض أنفسهم بشكل هزيل حتى لا يفقدوا مصداقيتهم وسمعة هذه الصناعة، والتي سعت العديد من الشركات لتقديمها بشكل احترافي وفعّال!.

توضيحات

تواصلت “البعث” مع المدير التنفيذي لشركة سيما لتنظيم المعارض حسام الرئيس، ووضعته بصورة ما وصلها من ملاحظات وشكاوى على المعارض التي نظمتها، ليبيّن أن العدد الفعلي للدول المشاركة هو سبع دول شاركت مشاركة مباشرة، وهي: الكويت، مصر، لبنان، الإمارات، إيطاليا، هنغاريا، إيران، وأن المقصود بمشاركة 26 دولة هو أنها ممثلة بوكالات الدول، معتبراً أنه ووفق المبدأ العالمي فإن الوكيل من الطبيعي أن يمثّل شركته.

ونفى الرئيس عدم التزام الشركة بما وعدت به من تسيير باصات من أمام فروع نقابات المهندسين في جميع المحافظات السورية، مؤكداً أنه تمّ تأمين مواصلات لزوار المعرض بالتعاون مع فروع نقابات المهندسين في المحافظات، مشيراً إلى أن زوار المعرض من محافظات إدلب والرقة تمّ تأمين وصولهم عن طريق فرع نقابة مهندسي حماة، لا بل ذهب الرئيس إلى أكثر من ذلك ليؤكد أن الشركة زجّت بعدد من الباصات زيادة عن الخطة الموضوعة. وفيما يتعلق بالإعلان المتعلق بـ”خطوط المترو” أوضح الرئيس أن الغاية الأساسية منه إخراج الناس من دائرة التفكير السلبي وما ينتابه من هواجس متعلقة بسوء خدمة النقل، علماً أن فحوى الإعلان كان بالنهاية الإشارة إلى تشبيه النقل الداخلي بالمترو من باب الدعابة، مشيراً في هذا السياق إلى ضرورة اللجوء إلى أفكار تسويقية جذابة، مؤكداً أن عدد زوار المعرض وصل إلى نحو 10 آلاف زائر يومياً.

في عهدة المؤسسة

نقلنا ما سبق بتفاصيله إلى المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية كونها الجهة المعنية بهذا الموضوع، وطرحنا سؤالاً رئيسياً يتعلّق بمدى متابعة المؤسسة للمعارض التي تنظمها شركات المعارض الخاصة، وما هي الإجراءات الممكن اتخاذها في حال خالف واقع ما تنظمه من معارض إعلاناتها المسبقة عنها؟. حيث أكد مصدر في المؤسسة أن المؤسسة بشكل عام لا تتدخل بما يطلقه منظمو المعارض من تصريحات، فهي تؤمّن لهم الخدمات اللوجستية المطلوبة للمعرض من نظافة وخدمة الانترنت، وسهولة إدخال وإخراج البضائع وغيرها من خدمات، معتبراً أن الإعلان عن مشاركة 26 دولة -في حين أن الواقع هو شركات ممثلة عن هذه الدول- أمر طبيعي لأن الوكيل هو ممثل للشركة بنهاية المطاف.

وأشار المصدر إلى أن المؤسّسة تقوم بإعداد استمارة تقييم لكل معرض للحظ مواطن القوة والضعف، ومدى نجاح المعرض عموماً، مشيراً إلى أن ما يؤخذ على المعارض التي نظمتها شركة سيما مؤخراً عدم دعوتهم لرجال أعمال غير سوريين لاطلاعهم على المعرض ومعروضاته، وأن المؤسسة ستعمل خلال المعارض القادمة على تفعيل هذا الأمر وحثّ الشركات على دعوة رجال الأعمال.

 

خلاصة القول

يحق للمنظم أن يعلن عن معرضه بالشكل الذي يراه مناسباً، ولكن حين يصل الأمر لذكر الأرقام والإحصائيات فيجب أن نوضح أنها مسؤولية تلزم الجهة المعلنة بالأرقام المذكورة ومحاسبتها في حال كان الإعلان هو مجرد تغرير بعقول المتلقين، وحين يصل الأمر إلى العبث بمستقبل صناعة المعارض في سورية وعدم احترام عقول المشاركين والزوار فهنا للمؤسسة الدور الحقيقي لإيقاف هذه الأحلام التي لا تمت للواقع بأي صلة، وما المأرب المبتغى مما سبق عرضه سوى تصويب مسار هذه الصناعة التي بات الاقتصاد الوطني بحاجة لها خاصة في المرحلة المقبلة.

حسن النابلسي