الصفحة الاولىصحيفة البعث

رداً على الخطوات الأمريكية المتهوّرة واللاشرعية إيران تعلّق بعض التزاماتها بالاتفاق النووي

رداً على الخطوات الأمريكية المتهوّرة واللاشرعية، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن إيران ستوقف بعض إجراءاتها في الاتفاق النووي، مشدداً على أن إيران ستبدي ردة فعل حازمة وسريعة على أي إجراء غير مسؤول من قبل الدول الموقّعة على هذا الاتفاق، وأمهل لدول الأعضاء بالاتفاق النووي 60 يوماً لتنفيذ تعهداتها، فيما أكد الرئيس حسن روحاني أن بلاده لا تريد الخروج من الاتفاق، “ولكن اليوم نخطو خطوة جديدة في الاتفاق النووي”.

وقال المجلس في بيان: إن إيران لا تعتبر نفسها حالياً ملزمة بمراعاة القيود المتعلقة بالاحتفاظ باحتياطي اليورانيوم المخصب واحتياطي الماء الثقيل، وأعلن أنه أعطى مهلة 60 يوماً للدول المتبقية في الاتفاق النووي لتنفيذ تعهداتها، خاصة في المجالين المصرفي والنفطي، وأضاف: في هذه المهلة إذا لم تكن الدول المذكورة قادرة على تأمين مطالب إيران فإنها في المرحلة التالية ستوقف مراعاة القيود المتعلقة بمستوى تخصيب اليورانيوم والإجراءات المتعلّقة بتحديث مفاعل آراك للماء الثقيل.

وتابع المجلس: عندما يتمّ تأمين مطالبنا فإننا سنستأنف أيضاً تعهداتنا المتوقّفة بذات مستوى التنفيذ، وإلا فستوقف إيران تعهداتها الأخرى مرحلة تلو مرحلة، مشيراً إلى أن إيران مستعدة للاستمرار بمشاوراتها مع الأعضاء المتبقين في الاتفاق النووي على جميع المستويات، ولكنها ستبدي ردة فعل حازمة وسريعة على أي إجراء غير مسؤول، ولا سيما تحويل القضية إلى مجلس الأمن الدولي أو فرض مزيد من العقوبات.

وأوضح المجلس أن إيران أتمّت الحجة على الدول الأعضاء في الاتفاق النووي وعلى المجتمع الدولي، وأضاف: نحن دخلنا المفاوضات بحسن نية واتفقنا ونفذنا بحسن نية، وعقب انسحاب أمريكا أمهلنا باقي الدول وقتاً كافياً، والآن دور الدول المتبقية في الاتفاق النووي أن تثبت حسن نيتها، وأن تمضي بخطوات جادة وعملية للحفاظ على الاتفاق النووي.

في سياق متصل أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده اتخذت خطوات جديدة في إطار الاتفاق النووي ولم تخرج منه، لأن انهياره خطر على إيران والعالم بأسره، وأوضح أن أميركا والكيان الإسرائيلي وبعض الدول الرجعية في المنطقة كانوا يعادون إيران والاتفاق النووي منذ بداية تطبيقه، مؤكداً أن إيران تدافع بالقرار الذي اتخذته عن حقها الشرعي والقانوني من خلاله، ولن تسمح للولايات المتحدة بأن تبدّل هذا الاتفاق بمنطق الربح والخسارة، ولفت إلى أن الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي خطت خطوات إيجابية لكنها غير كافية، مذكراً بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية سبق وأكدت 14 مرة التزام إيران بتعهداتها في إطار الاتفاق.

وأضاف روحاني: بعثت برسائل للأطراف الخمسة في الاتفاق النووي بشأن خطواتنا الجديدة في إطار الاتفاق وليس الخروج منه، وأضاف: ليعلم شعبنا بأننا لم نخرج من الاتفاق النووي، ولكننا نعلن عن خفضنا بعض التعهدات بناء على بنوده.. ونقول للدول المتبقية فيه: إننا على أتمّ الاستعداد للتفاوض في إطار الاتفاق النووي لا غيره.، وأكد أن طريق إيران في التعاطي مع العالم لم يكن الحرب بل الدبلوماسية، وأوضح أن استراتيجيتنا هي التعهد مقابل التعهد والتهديد مقابل التهديد والانتهاك مقابل الانتهاك.

وشدّد على أن الاتفاق النووي لن يستبدل وفق ما تريد الولايات المتحدة، وأضاف: نحن لا نطلب منكم أن تعملوا وفقاً لمصلحة إيران، بل نقول لكم: اعملوا لمصالح دولكم، مشدّداً: إذا كان الاتفاق النووي لأمن المنطقة والسلام العالمي يجب على الجميع أن يطبقه وأن يدفع تكاليفه، وأشار إلى أن اليوم يصادف الذكرى السنوية الأولى لانسحاب أميركا غير القانوني من الاتفاق النووي وتجاهلها القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

وفي هذا الإطار أكد مساعد الرئيس الإيراني رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي أن بلاده قادرة على بلوغ تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة في غضون 4 أيام، فيما أكد عضو لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني حسين نقوي حسيني أنه لا يمكن لإيران أن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه الإجراءات الأمريكية العدائية ضدها، لذلك قامت الحكومة الإيرانية باتخاذ قرار لتخفيض التزامها بخصوص الاتفاق النووي.

إلى ذلك، سلّمت إيران سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين رسائل تتضمن قرارها بوقف تنفيذ بعض التزاماتها في إطار الاتفاق النووي.

وفي رسالة أخرى أرسلها وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى فيديريكا موغريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية تمّ إبلاغها بتفاصيل الإجراءات الإيرانية بصفتها منسقة اللجنة المشتركة للاتفاق النووي.

وأكد مصدر مقرب من لجنة المفاوضات في الاتفاق النووي أن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها إيران هي العمل مجدداً ببعض الأنشطة النووية التي توقفت في إطار الاتفاق النووي، موضحاً أن الخطة المتوقعة هي العمل ضمن البنود ستة وعشرين وستة وثلاثين من الاتفاق، كما أنه لا توجد أي خطة للخروج من الاتفاق النووي في الوقت الحالي، بينما توجد خطة لتقليص الالتزامات الإيرانية بشكل كلي أو جزئي في إطار الاتفاق.

إلى ذلك أكد ظريف أن الإجراءات التي أعلنت إيران عن اتخاذها تأتي في إطار الاتفاق النووي وليست خروجاً عنه، وقال في تغريدة له: في 8 أيار 2018 انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وانتهكت قرار مجلس الأمن 2231 ولم تكتف بذلك، بل ضغطت على بقية الدول ومن بينها الدول الأوروبية الثلاث للقيام بخطوة مماثلة، وأضاف: بعد عام من الصبر إيران ستوقف تنفيذ الإجراءات التي جعلت الولايات المتحدة من استمرارها أمراً مستحيلاً.. وإجراءاتنا هذه تتم في إطار الاتفاق النووي، موضحاً أن الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي أمامها نافذة على وشك الإغلاق لإعادة الأوضاع إلى مسارها.

من جهته أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني حشمت فلاحت بيشه أن إيران ستجري مفاوضات جدية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وباقي الأعضاء في الاتفاق النووي لتتمكن من إنتاج الوقود النووي اللازم في مختلف المجالات، فيما أكدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الجهوزية الكاملة للحفاظ على أمن البلاد، وأن أي تحركات عدائية محتملة ضد إيران ستواجه برد مؤلم.

دولياً، أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن قرار إيران وقف تنفيذ بعض بنود الاتفاق النووي جاء نتيجة الخطوات المتهورة للولايات المتحدة، وأضاف: إن الرئيس فلاديمير بوتين كان نبّه باستمرار إلى الخطوات المتهورة للولايات المتحدة تجاه إيران، وتحدّث أكثر من مرة عن الالتزام بخطة العمل الشاملة وأهميتها وعدم وجود بديل لها في الوقت الراهن، وأشار إلى أن الوضع خطر، وهو دون شك جراء قرارات واشنطن السابقة، موضحاً أن موسكو ستعمل مع الشركاء الأوروبيين للحفاظ على الاتفاق النووي الموقّع مع إيران.

كما شدّدت وزارة الخارجية الصينية على وجوب تنفيذ الاتفاق النووي بالكامل، وقال المتحدّث باسم الخارجية الصينية غينغ شوانغ: إن الالتزام بالاتفاق وتطبيقه من مسؤولية كل الأطراف، وتابع: ندعو كل الأطراف إلى إبداء ضبط النفس وتعزيز الحوار وتجنب تصعيد التوتر، مذكّراً بأن الصين تعارض عقوبات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة على إيران.