صحيفة البعثمحليات

معمل العصائر وحده لا يكفي…!!

 

بعد طول انتظار وفشل كل المحاولات الفردية الخاصة – لعدم جديتها – استدرجت المؤسسة العامة للصناعات الغذائية وفق تصريحات صحفية لمديرها العام م. ريم حللي لتقديم عروض أسعار لاختيار العرض المناسب بموعد أقصاه 16 أيار الجاري لتنفيذ مشروع لمعمل عصائر \ برتقال – ليمون – كريفون \ ضمن خطة المؤسسة الاستثمارية بطاقة 50 ألف طن \ السنة، و200 طن مكثفات في موقع الشركة العامة للأخشاب الذي يتوضع على مساحة 40 دونماً في مدينة اللاذقية بساهمة من الاتحاد العام للفلاحين بمئة مليون ليرة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بـ 35% من الكلفة الاجمالية للمشروع…
لا شك أن تشاركية المؤسسات الثلاث – وإن تأخرت – أمر جيد فهي تشبه الولادة من الخاصرة، مع ذلك فإنها تصلح لتكون نموذجاً يحتذى لمؤسساتنا ونقاباتنا واتحاداتنا لاستثمار أرصدتها المجمدة وخزائنها الموصدة في مشروعات تحاكي معمل العصائر وأكثر؛ لأن معملاً واحداً للعصائر لا يكفي.!؟
وإذا كنا على خطا تأسيس معمل للعصائر فإن تركيز الاتجاه نحو التصنيع الزراعي في هذا الوقت بالذات ليشمل زيت الزيتون مثلاً الذي نتربع على قائمة الدول العربية والعالمية إنتاجاً ونوعية، وباقي سلة إنتاجنا الزراعي النوعي المتنوع والغني الذي يتوزع على كامل أشهر السنة وفصولها، إلى جانب التصنيع الحيواني كالأجبان والألبان واللحوم وتربية الأبقار والدواجن والأسماك أمر سينقل اقتصادنا المتعب والمنهك بفعل الحرب وتداعياتها بسرعة قياسية إلى قائمة الاقتصادات القوية لنتحول بين ليلة وأخرى لدولة لا تقل شأناً أبداً عن دول تمكنت في زمن قصير وبحيازات صغيرة من المزارع والمراعي أن تتصدر المشهد وتستحوذ على الأسواق في كل مكان، فكيف سيكون الحال ونحن لدينا من التنوع المناخي والطبيعي والزراعي والبشري والخبرة ما يكفي ويفيض.
لكن ذلك يستدعي ويستلزم تقديم المحفزات والمزايا والإعفاءات والتسهيلات المالية والإنتاجية والتصديرية والتسويقية والتشجيعية والتوعوية الحقيقية لمنتجينا ومزارعينا ومربينا لإنضاج التربة الخصبة المستندة على مساعٍ مخلصة وحزمة من القرارات الجريئة تكسر كل الحواجز والعقبات وتتخطاها بعيداً عن الروتين المقيت القاتل والأصول الإدارية والبيروقراطية العفنة لنتمكن جميعاً مع الأصدقاء والحلفاء من الخروج من العزلة والحصار الخانق الذي يعصف بنا ويشل حركتنا.
وسنتمكن بعدها من الاتجاه نحو توطين الصناعات الثقيلة والعصرية كالإلكترونيات والبرمجيات إلخ ولِمَ لا طالما أن الخزائن “متخمة” والموارد البشرية الشابة المتخصصة متاحة ومتوفرة ومتعطشة للعمل والعطاء، وقد ملّت انتظار الفرصة السانحة.
ما نقوله ليس حلماً أو ضرباً من الخيال أو المستحيل بل من صميم الواقع والحقيقة، ولنا في تجارب “النمور الآسيوية” على سبيل المثال التي صنعت المعجزات في عشر سنوات، وكذا الحال للدول التي سبقتها بعدما أن خرجت محطمة من أتون الحرب العالمية الثانية وتتسيد العالم الآن…
وائل علي