اقتصادزواياصحيفة البعث

كيف نواجه..؟!

هل نُدرك ماذا يعني أن يضطر رب العائلة لبيع خاتم الزواج..! معنى ذلك لم يبقَ له من مدخرات بعد بيع ذهب زوجته قطعة قطعة، كي يؤمن متطلبات معيشية أسرته، بعد الارتفاع الكبير بالأسعار…

للأسف هذا واقع حدث ويحدث، ويتشابه فيه الكثير ممن توجهوا إلى مدخراتهم على اختلاف أشكالها لمواجهة غلاء الأسعار والمراوحة السلبية للنشاط الاقتصادي في مكانه..!

إن المواطن البسيط هذا وأمثاله لم يعد يهمه شيء، بقدر ما يهمه توفر حاجاته الأساسية، واتجاهه إلى مدخراته –إن بقي منها شيء- يعني استخدام آخر أسلحته في مواجهة الغلاء…

قضية لا تحتاج إلى إثبات، ولعل مقارنة لنسب التضخم ما قبل الأزمة مع ما بعدها، كافٍ كي يدرك المعنيون، أنه لا بد من حلول تخفيفية، تمكن هذا المواطن من الصمود، وبالحد الأدنى، أمام ما يواجهه من تحديات معيشية يومية…

حلول لا يعدمها أصحاب القرار، وهي ممكنة، ومنها – مثلاً لا حصراً- دعم المواطن، وتحديداً من ذوي الدخل المحدود، بجزء من الوفر الهام المحقق من إعادة هيكلة توزيع  وترشيد المشتقات النفطية…

إن تواصل تآكل القوى الشرائية لليرة التي بحوزة هذا “البسيط”، والتي لا تزال تعاني من حالة التراجع أمام الدولار، إضافة إلى التوقعات الحذرة مما هو قادم، إلى جانب ضعف الرواتب، كلها عوامل تعقد الوضع أكثر في مواجهة التحديات المعيشية والغلاء الذي يتزامن مع فوضى الأسواق، نتيجة لتحرك الأسعار صعوداً مع حركة الدولار، حتى في حال عدم وجود رابط بين السلعة و الدولار من الأساس..!.

ومع ضعف الاستثمارات القادمة من الخارج، بالإضافة إلى الفجوة بين الصادرات والواردات، وانعكاسات ذلك سلباً على ميزاننا التجاري، وبالمجمل عدم تمتع الاقتصاد نفسه بالمرونة التي تمكنه من مجابهة الصدمات لانحسار مصادر العملة الصعبة، يصبح الوضع أكثر صعوبة، حيث كان المُنتظر أن تستفيد صادراتنا من تراجع سعر صرف الليرة، لإعادة التوازن للميزان التجاري، عبر زيادة الإيرادات من العملة الصعبة، وبالتالي تحقيق التوازن في الطلب على الدولار، واستقرار سعر صرفه، لكن ما حدث هو العكس، حتى في الإنتاج الذي دعمنا كل مفرداته..! وهذا أمر لا بد من إيجاد الحل الناجع له.

عطفاً على الآنف، فما بين أيدينا كمواطنين من طروحات، هناك حلول قد تساهم ولو جزئياً في مساعدة الحكومة على معالجة ما تواجهه شريحة هامة، ومنها نسبة كبيرة عاملة في القطاع العام، وقسم هام منها يمتلك أراضي زراعية، لكن ونتيجة لأوضاع مناخية واقتصادية هجرت أرضها، واستقرت في المدن، وهذه  الشريحة يمكن للحكومة مساعدتها عبر إيجاد قنوات دخل تعينها على ما تواجهه…

والمساعدة يمكن أن تتم من خلال تأمين مناطقها الريفية بمتطلبات الإنتاج الزراعي، كتأمين مصادر مائية، فمثلاً المنطقة الجنوبية الشرقية من محافظة درعا، والواقعة على نطاق حوض الأزرق المائي، تعاني الشح في المياه، وبالتالي الشح في الإنتاج الزراعي، بينما المناطق الحدودية في الأردن والتي تقع في ذات نطاق حوض الأزرق، تنعم زراعياً بمياه ذلك الحوض، ويمكن مشاهدة ذلك بالعين المجردة..!.

والمقترح أن يتم توفير المياه لتلك المنطقة أسوة بالجوار، ليس لتوطين زراعات كبيرة، بل لتمكين من لديهم أراضٍ فيها، وهي بعشرات ومئات الدونمات، من زراعات تعينهم وتسند دخلهم وتردم الهوة المعيشية، وبذات الوقت تؤسس للهجرة العكسية للريف، والعمل باتجاه التنموية المناطقية المتوازنة.. وهذا أضعف العمل، فهل نقدر عليه..؟

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com