ثقافةصحيفة البعث

فاتن ديركي: الكتابة للأطفال مسؤولية كبيرة

 

 

الكتابة بالنسبة للكاتبة فاتن ديركي طريقة حياة, تلجأ من خلالها إلى صب مشاعرها وأفكارها على الورق, وفي داخلها أمل في تغيير ما يجب تغييره, سواء على الصعيد الشخصي للإنسان أو على صعيد الحياة والمجتمع, إذ أنها تعتبر الأدب رسالة على الأديب تبنيها وحمل أهدافها لترك أثر إيجابي يساهم ولو بشكل جزئي في خلق نهج أخلاقي يسمو بنا نحو الأفضل.

حين اعتزلت الغناء
دخولها عالم الكتابة رافقها منذ طفولتها, إذ كانت طفلة حالمة تؤرقها مظاهر الحياة السلبية في محاولة لسعي روحيّ لنور يبدد الظلام ويصل بها إلى السلام الذي كانت تبحث عنه في كل مكان، فكانت تعشق حصة اللغة العربية وتكتب القصائد والقصص القصيرة..وهكذا أخذتها الحياة لتجد نفسها محامية باحثة عن العدالة المفتقدة, فكانت القصص التي عايشتها والملفات التي عاصرتها دافعاً لها لتكتب مجموعتها القصصية الأولى “نسائم ملوثة” في العام 2010 وهي قصص واقعية من أروقة المحاكم والحياة وقد ركزت فيها على السلبيات المحيطة بحياة المرأة والصعوبات التي تعانيها في أسلوب حياة لمجتمع يسلبها أبسط حقوقها, تؤازره قوانين باهتة تحط من كرامتها.
تبعت هذه المجموعة مجموعة قصصية أخرى بعنوان “رسالة اعتذار من طائر الفينيق” وهي أيضاً قصص اجتماعية من صلب الواقع.. بعدها أصدرت مجموعة شعرية بعنوان “حين اعتزلت الغناء” وهي دعوة إلى التشبث بالأمل الذي ربما صار في وقت ما يضمحل في أرواحنا خلال الحرب التي شُنت على بلدنا.

نمرود والأصدقاء
تعترف الأديبة ديركي أن الكتابة للأطفال فيها مسؤولية كبيرة, إذ أن التوجه للطفل ليس بالأمر السهل, وكثيرون من الأدباء الكبار يحجمون عن الكتابة له خوفاً من هذه المسؤولية, مؤكدة أن من يريد أن يكتب للطفل عليه أن يمتلك ذات نقائه وروحه وقلبه, وأن يكون قادراً على الشعور به وبكيفية الوصول إلى فكره والتأثير عليه بأسلوب قريب منه وأن يستعير جناحيه للتحليق بهما في دنيا الطفولة وعالمها الجميل الرقيق النقي البريء، وأن يستعير عينيه ليرى العالم كما يراه كي يستطيع بعدها الولوج إلى داخله بأدواته وألوانه التي تجذبه بهدف إيصال الرسالة المطلوبة.. من هنا كانت سعادتها كبيرة لأنها نجحت في أن تكون طفلة تحاكي أحلام الأطفال ورؤيتهم للحياة, واستطاعت أن تجتاز هذا الباب العصي للدخول إلى عالم الطفولة الثري الغني من خلال مسرحية “نمرود والأصدقاء”التي عُرضت مؤخراً على خشبة مسرح العرائس التي خلقت بينها وبين الطفل جسراً باتت حريصة عليه كل الحرص دون أن تنكر أن التوجه لفئة الأطفال صغار السن من خلال مسرح العرائس له خصوصية تجعلنا نتوخى الدقة والحذر، فالطفل برأيها يولد سليم الفطرة, لكنه يتأثر بالعوامل المحيطة به وبالظروف الاجتماعية والبيئية التي يمكن لها أن تغير فطرته تلك حسب التربية التي يتلقاها والوسط الذي ينشأ فيه, لذلك فإننا مطالبون ببناء شخصيته بناء إيجابياً, ففكرة المسرحية تقوم على تعزيز ثقافة الحب بين البشر عامة والأصدقاء بشكل خاص وحث الأطفال على نبذ عادة التنمر والسخرية وزرع الألفة والمحبة والتعاون بدلاً منها, وكذلك الحث على الرفق بالحيوان وعدم تعذيبه وإيذائه، مؤكدة ديركي أن هذه التجربة في مسرح العرائس جذبتها بشكل كبير لعالم الطفل, حيث كانت تلاحظ تفاعل الأطفال مع الدمى وهي تتحرك وترقص وتغني, وجعلتها تؤمن بمدى تأثير هذا الفن على الأطفال عبر هذه الدمى التي كانوا يندفعون تجاهها في آخر العرض أثناء التحية بكثير من الحب والشغف والدهشة وكأنهم شخوص بشرية حقيقيون مثلهم، مبينة أن مسرح العرائس مازال قادراً على لفت انتباه الطفل والتفاعل معه والتأثير فيه على الرغم من غزو التكنولوجيا الحديثة لحياتنا وحياته, وهذا ما لمسته ورأته بنفسها من خلال الحضور الكبير للأطفال لهذه المسرحية التي امتدت أسبوعاً كاملاً, وهي المسرحية التي قدمها مسرح الطفل في مديرية المسارح والموسيقا ضمن فعاليات مهرجان دمشق الثقافي الأول، وتوجهت فاتن ديركي بالشكر إلى مديرية المسارح والموسيقا ممثلة بمديرها عماد جلول، وهي تؤمن بأهمية هذا الفن وضرورة الاستمرار به وتطويره والارتقاء به، مشيرة إلى أنها تستعد اليوم لتقديم عدة أعمال مسرحية للأطفال مثل مسرحية “نرجس” إلى جانب أوبريت بعنوان “مراوغة” الذي حصل على موافقة لتمثيله في الإذاعة ليُعرض بعدها على مسارح القطر.
أمينة عباس