ثقافةصحيفة البعث

“باب الحارة 10” يعكس تكاتف المجتمع المدني

 

راهن كثيرون على فشل مسلسل “باب الحارة 10″ بتوقيع محمد زهير رجب وإنتاج شركة قبنض، لاسيما بعد انسحاب نجومه الأساسيين عباس النوري وصباح جزائري ومصطفى الخاني، إلا أنه منذ المشهد الأول شغل مع تغييره الكلي المشاهدين بمشهد القصف الذي طال دمشق وبنزوح سكان الحارات نحو حارة الصالحية، لتصبح موقع الحدث بإشارة مباشرة إلى تبعات الحرب الإرهابية على سورية وانعكاساتها على حياة المواطنين الأبرياء من حيث استشهاد الكثيرين والتهجير والتهديم والاختطاف، فحارة الصالحية كانت رمزاً إلى دمشق التي ضمت المهجّرين من كل مناطق سورية، وهذا ما بدا واضحاً في تعدد اللهجات في الحارة وحضور العائلة الحلبية واقتحام الأحداث شخصية رئيس المخفر بلهجته البدوية- قاسم ملحو- ورغم أن باب الحارة يحمل روحاً جديدة وامتلك القدرة على توليد الشخصيات التي تأتلف وتختلف فيما بينها بحبكة محكمة تتمكن من مواصلة الأحداث في حارة الصالحية، لنلمس منذ الحلقات الأولى الخطاب الدرامي الذي ينم عن الوعي السياسي والتلاحم الوطني الاجتماعي بتجمع سكان الحارة والوافدين إليها في المقهى للإصغاء إلى إذاعة القاهرة والاستماع إلى البيان السياسي في مرحلة هامة من تاريخ سورية فترة المطالبة بالاستقلال، ومن ثم من خلال الحوارات التي تشير إلى الجهود التي بذلها فارس الخوري في دعم مساعي الحكومة للاستقلال مما عكس الحالة الصحيحة التي عاشها الشعب السوري آنذاك.

لم تقتصر حالة الوعي على الجانب السياسي والاجتماعي، فقط إذ دخلت الأحداث إلى عائلة جلال شموط-أبو نبيل- الرجل المثقف الذي يتعامل مع عائلته بشكل مختلف من خلال مساحة كبيرة من الحوار السياسي مع زوجته وابنته الطالبة في كلية الطب مما يدل على حالة الوعي التعليمي والثقافي وخوض المرأة معترك الحياة السياسية بمشاركتها بالمظاهرات التي تندد بالاحتلال الفرنسي، لتتزامن هذه الأحداث التي تجري بالزمن الفعلي للعمل مع الزمن المختبئ خلفها برموز تدل على الإسقاط المباشر بالتفاف سكان حارة الصالحية حول المهجّرين بالتعاون بين عضوات الحارة ومختارها- الممثل صالح الحايك- وزعيمها-الممثل نجاح سفكوني- أبو عزام-الذي أخذ دور الزعامة بحارة الصالحية بتأمين البيوت لهم وفرص العمل ضمن المتاح، والأهم هو المحبة باحتضانهم بالعودة إلى دور نساء الحارة بالتواصل الاجتماعي، وفي المنحى ذاته تظهر أم الشهيد-سلمى المصري التي قتل الفرنسيون ابنها” وتوصل رسالتها بأن مصابها هو مصاب الوطن بأكمله.

كما تتوقف الأحداث عند المصالحة والابتعاد عن “التارات” القديمة وعدم نبش الماضي بين محجوب وشكري، إضافة إلى دخول الخائن الذي تعامل سابقاً مع الفرنسيين وقرر العودة إلى الحارة- علاء قاسم-، وستكشف الأحداث عن دوره وما يخفيه.

ونوّهت الحوارات من خلال تتابع المشهدية بحارة الصالحية إلى تدمير حارات بأكملها واستشهاد عائلات وبقاء كثيرين في عداد المفقودين مثل أهل بوران- الممثلة أمية ملص- عائلة ” أبو عصام”، واتخاذ القرار بالبدء بحياة جديدة كما فعل العكيد أبو النار-علي كريّم- باستئجار منزل ومحل وممارسة عمله- ويبدو حضور الممثلة نظلي الرواس قي عوالم أعمال البيئة الشامية قوياً لتأخذ دورها بشخصية أم عزام سيدة الحارة التي من الواضح من مشاهد الشارة أنها ستفقد ابنها وسيكون لها موقف بالانتقام.

الحلقات القادمة ستحمل مفاجآت ربما تكون موضع رفض أو قبول لدى الجمهور الذي يمثل الحكم الأخير على نجاح أو فشل الجزء العاشر الذي يعرض في الموسم الحالي على أكثر من ثماني محطات، إلا أن الأمر الذي لاخلاف عليه أن باب الحارة يمضي نحو مرحلة جديدة، ويقترب أكثر من ملامسة الحياة الدمشقية، ويهتم بالتركيز على التراث اللامادي، ورغم كل الانتقادات التي طالته بأجزائه السابقة ورغم الفانتازيا الدرامية الدمشقية التي تخللته، إلا أنه حظي بمتابعة جماهيرية واسعة على امتداد الوطن العربي وبلاد الاغتراب وحمل بإسقاطاته العربية والسورية مشروعاً وطنياً.

ملده شويكاني