دراساتصحيفة البعث

ماذا سيحدث إن فشلت المحادثات التجارية مع الصين؟

ترجمة: عناية ناصر

عن موقع نيويورك تايمز 9/5/2019

يبدو أن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تمر بمشكلة خطيرة بعد شن ترامب هجمة شعواء ضد المفاوضين الصينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. ويمثل هذا انعطافاً حاداً عن الأسبوع الماضي، عندما قال ترامب: إن المحادثات “تسير على ما يرام”. ماذا حصل حتى استدار ترامب كل هذه الاستدارة؟.

من بين أصعب الأسئلة التي لا تزال مطروحة على الطاولة ما يسمى بالقضايا الهيكلية التي تكمن في صميم النموذج الاقتصادي الصيني، وتشمل الإعانات المالية وغيرها من المساعدات المالية المقدمة للشركات الحكومية، ما يجعلها منافسة جائرة. وبحسب ما ورد، وافقت الصين حتى الآن على مزيد من الشفافية بشأن تلك الإعانات، وهي خطوة أولى مهمة. سيحتاج ترامب إلى أكثر من ذلك لاسترضاء قاعدته السياسية. وحذر ريتشارد ترومكا، رئيس الاتحاد الأمريكي للمنظمات الصناعية، في مقابلة حديثة مع “فاينانشيال تايمز”، من أنه سيفكر في أي صفقة تفشل في خفض الإعانات الصناعية “دون المستوى”.

وحتى لو تمت معالجة القضايا الهيكلية، لا يزال يتعين على الولايات المتحدة والصين تحديد طريقة تنفيذ الصفقة. فهما لم يتفقا على ما إذا كان يمكن إعادة فرض التعريفات حال حدوث انتهاكات. تطالب الولايات المتحدة بالاحتفاظ بحقها في استخدام التعريفات الأحادية الجانب مع تخلي الصين عن حقها في الانتقام. وهذا أمر لن تقبل به بكين، وحتى الآن لا يبدو أن أياً من الطرفين مستعد لتقديم أي تنازلات.

إن المخاطر التي تنطوي عليها هذه المفاوضات كبيرة، حيث تشكل الولايات المتحدة والصين حوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. انخفض الإنتاج الصناعي الصيني منذ سريان التعريفات في منتصف عام 2018، ما أدى إلى أبطئ نموٍّ للناتج المحلي الإجمالي الفصلي في الصين منذ ما يقرب من 30 عاماً. وفي الولايات المتحدة، دفع المستهلكون عشرات المليارات من الدولارات كتكاليف إضافية، وعانى المزارعون من ضياع صادرات تقدر بأكثر من مليار دولار، معظمها إلى الصين. إذا تزايدت التعريفات، سينكمش اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 0.6 في المائة، وفقاً لصندوق النقد الدولي، وقد ينكمش اقتصاد الصين بنسبة 1.5 في المائة.

هذه مسائل صعبة يجب حلها، لكنها ليست عصية عن الحل. وأكبر عقبة أمام الصين هي السياسة، أي التوصل إلى اتفاق يرضي الولايات المتحدة دون الرضوخ تحت الضغط الأمريكي. وهناك قلق شديد في بكين من أن احتمال أن تواجه الصين مشاكل في الإيفاء بما توافق عليه على الورق، لا سيما إذا كانت غير قادرة على كبح جماح الحكومات المحلية، وهي مصدر رئيسي للإعانات المالية وممارسات الملكية الفكرية التي تريد الولايات المتحدة إيقافها.

وفي الوقت نفسه، قد لا تترك تكتيكات الولايات المتحدة التفاوضية أمام الصين خياراً سوى الابتعاد عن طاولة المفاوضات، ما يجعل خطر عدم التوصل إلى صفقة حقيقياً للغاية. يجب على المفاوضين الأمريكيين على الأقل تحديد المقايضات التي هم على استعداد للقيام بها للتوصل إلى اتفاق.

لا ريب أن الولايات المتحدة والصين قد ضيقتا الخلافات التي بدت قبل عام واحد عصية عن الحل، حيث وافقت الصين على شراء المزيد من السلع والخدمات من الولايات المتحدة، وفتحت أسواقها بشكل أكبر للمصدرين والمستثمرين الأمريكيين، وحسنت حماية الملكية الفكرية وإنفاذها، ووقفت نقل التكنولوجيا القسري.

لكن من الأهمية بمكان أن يتصرف كلا الطرفين بأمانة وإنصاف في هذه المرحلة الأخيرة من المحادثات. وهذا يعني في نظر الصين عدم التراجع عما تم الاتفاق عليه حتى الآن، كما اتهمها المسؤولون الأمريكيون يوم الاثنين بالقيام بذلك. ويعني في نظر الولايات المتحدة عدم توسيع مرمى الأهداف في هذه المرحلة المتأخرة.

هذه الاضطرابات في اللحظة الأخيرة واردة في أي مفاوضات تجارية، ولكن إن أدت الأمر إلى عرقلة صفقة تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، فقد يكون الضرر هائلاً.