زواياصحيفة البعثمحليات

القروض المتعثّرة مرةً أخرى..!

لعلّ ما كشف عنه عضو مجلس الشعب، ورئيس اتّحاد غرف الصّناعة السّورية فارس الشّهابي، في مداخلته تحت قبة البرلمان؛ من اجتماعٍ ضمّه إلى 250 صناعيّاً سوريّاً في مصر، الذين أكّدوا حرصهم على العودة باستثماراتهم إلى وطنهم الأمّ، ما إن تُحلّ المشكلات المتعلّقة بعودتهم، وأبرزها إصدار قانون للقروض المتعثّرة، الذي لم يرَ النّور بعد، على الرّغم من الوعود الكثيرة بإنجازه؛ يُدلّلُ وبانطباعٍ أوليّ؛ على أنّ “كُرة” عودة المال السّوريّ المهاجر، إلى دياره، لينعم بالأمان والاستقرار؛ في “ملعب” الحكومة..!

أمّا مسألة القروض المتعثرة؛ فلا يجوز أن تحجب عنّا حقيقة عمل مصارفنا العامّة، التي وعلى الرّغم من أهوال أزمة الظّلام وظلالها الثقيلة؛ فإنّها وفّرت الأمان لأموال المودعين، وبقيت صامدة، وعملت وأنتجت وحصدت الأرباح، من دون خلل، إذ لم تتوقف يوماً عن مزاولة نشاطاتها، ونالت الكثير من التّقدير والإعجاب من خلال ما أثبتت من جدارة في تنفيذها للسّياسات النّقدية: انكماشيّة كانت أم توسّعية، وما حققته من انسياب للسّيولة في اتّجاهي السّحب والإيداع، من دون الوقوع في مطبّاتٍ أو منزلقات.

ولطالما سجّل لها المتخصّصون الماليّون والمصرفيّون علامات الإعجاب بما أبدته من نقاط قوّة تجلّت في سلّة ضوابطها لمروحة المخاطر المحتملة وطرائق تلافيها!

نقاطُ قوّةٍ يجب أن تكون محطّ اهتمام السّوريين المغتربين، وكذلك السّوريون المستثمرون الذين نقلوا فعالياتهم وأعمالهم إلى الخارج، لتشكّل حافزاً ورائزاً مشجّعاً لهم للعودة بأموالهم وودائعهم إلى ديارهم الأمّ، وليعاودوا نشاطاتهم بين أهلهم وذويهم، ويستعيدوا دورهم الاقتصادي والاجتماعي في منظومة العمل البنّاء لما فيه خير الوطن وأبنائه.

وهذا يُرتّب ومن دون أدنى شكّ؛ مسؤوليّةً مضاعفة؛ على راسمي سياساتنا النّقدية؛ سواء لجهة تقديم الحوافز المشجّعة، أم لجهة صناعة بيئة جاذبة للاستثمار تُغري المهاجرين بالعودة بودائعهم  إلى وطنهم من خلال خلق البيئة التّشريعية المُحفّزة والجاذبة للاستثمار، ولا سيّما في مرحلة إعادة الإعمار، واستمزاج آراء رجال الأعمال حول هواجسهم التّشريعية والقانونية التي تحول دون تطوير عملهم والنّهوض بمشروعاتهم، ودراستها، وتوجيه الجهات المعنيّة لإطلاع رجال الأعمال على مشروعات القوانين الخاصّة بالاستثمار لتقديم رؤيتهم حولها، ولاسيما منها مجموعة القوانين والتشريعات المرتبطة بتطوير البيئة المصرفية والاستثمارية، ومواكبتها إعلامياً؛ إضاءةً وترويجاً؛ لإزالة ما يعتريها من لبس، وجسر الفجوة المعرفيّة القائمة بين المغترب وبين قراراتنا الناظمة للقطع الأجنبي، والمتعلقة بآليات فتح حسابات بالقطع الأجنبي وسلاسة إجراءات سحبها بالعملة ذاتها، وكذا طرائق استقبال حوالات المغتربين أو إيداعاتهم بالعملة الأجنبية، وإعادة تحويلها أو سحبها، بالعملة ذاتها أيضاً.

والحال أنّ بقاء الاستثمارات السّوريّة المهاجرة في الخارج لم يعد مبرّراً، وباتت عودتها إلى ديارنا، ونشاطاتنا التّنمويّة والاستثماريّة؛ ضرورةً اقتصاديّة ووطنيّة، تستلزم اجتراح الآليّات والضّمانات الكفيلة بتحقيق عودتها النّاجزة والتّامّة، لما فيه من خيرٍ عميمٍ لأبناء الوطن كافّة..!

أيمن علي

Aymanali66@Hotmail.com