اقتصادزواياصحيفة البعث

لمن يهمه اضطراب المواطن..!

نعاود مرة أخرى –ربما تكون بعد المئة على المستوى الشخصي، وبعد المليون على مستوى الزملاء- الكتابة عن تدني واقع النقل الداخلي سواء لجهة عدد وسائل هذا النقل أم لجهة تعرض الراكب لابتزاز السائقين وفرض التعرفة التي يرغبون دون رقيب وحسيب..!
لعل عجز الحكومة عن معالجة هذا الملف البسيط، دفعها للهروب إلى الأمام، من خلال طرحها ملفات ذات بعد استراتيجي، وكان آخرها –على سبيل المثال- ملف الري الحديث..!
فهذه الملفات الاستراتيجية لا تمس المواطن بشكل مباشر، مع الإقرار بإمكانية -وليس حتمية- ظهور نتائج هذه الملفات بعد حين من الزمن، وهذه الإمكانية مرتبطة بمدى قدرة الجهات المعنية على التنفيذ من جهة، وطهرها من الفساد من جهة ثانية..!
قلناها مراراً ونكررها.. إن المواطن بأمس الحاجة لتأمين أبسط مستلزمات حياته اليومية من السلع والخدمات، وإن تعرض هذه المستلزمات لأية هزة مهما كانت بسيطة، سيكون لها ارتدادات سلبية من العيار الثقيل…فمثلاً الزيادة المزاجية غير المبررة لأجور النقل بمقدار 3 آلاف ليرة –أي 100 ليرة يومياً- عن مبلغ الـ6 آلاف ليرة التي كانت عليه قبل أزمة المحروقات الأخيرة، لمواطن دخله بأساس 35 ألف ليرة، يعني تخصيص 9 آلاف ليرة من هذا الدخل الهزيل بالأساس لبند النقل..!
طبعاً لمن يستهين بمبلغ الـ3 آلاف ليرة، ويعتبر الكتابة حول هذه المسألة البسيطة بمثابة مأخذ علينا، ويعتبر أن هناك العديد من القضايا المتوجب علينا استهدافها، نقول: إن هذا المبلغ الذي يؤخذ من المواطن عنوة وإذعاناً يقارب الـ10% من قيمة دخله، وهي نسبة تؤثر بلا شك على إيقاع مصروفه الشهري، فأي خلل بهذا الإيقاع يزيد من اضطراب حياته المعيشية اليومية، ما قد يفقده توازنه الأخلاقي والقيمي، وينحرف -تحت هذا الضغط- سلوكه الاجتماعي..!
فالموضوع أيها السادة ليس بسيطاً أبداً… فليتنازل من يتحفظ على كلامنا هذا أن يستقل النقل الداخلي، وليتجرأ على مناقشة سائق السرفيس إذا ما فرض عليه أجرة زائدة.. علّه يشعر -أقل ما يمكن- بمعاناة مستقلي هذا النقل الرديء، وربما يساهم بطرح مبادرة تعالج ملفاً مزمناً أضحى أشبه بالمستعصي على الحل.. كما أن الارتقاء بمستوى النقل الداخلي يعطي صورة إيجابية عن البنية التحتية والخدمية، ويعكس مدى الاهتمام الحكومي بالمواطن…!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com