زواياصحيفة البعثمحليات

نزيف المليارات.!؟

طوابيرُ السّوريّين على شركات تحويل الأموال ولاسيّما في شهر رمضان الكريم والأعياد؛ لم تعُد موجودة؛ وليس اختراعاً أو اكتشافاً؛ البوح بأنّ السّبب الرّئيس يكمن في اعتماد مُحوّلي الأموال من الخارج قنوات غير رسميّة، أو مرخّصة، بسبب البون الشّاسع بين سعري الصّرف لدى المراكز والشّركات المُرخّصة وبين السّوق السّوداء.
ويُقدّر أكاديميّون واقتصاديّون حجم الحوّالات الماليّة المُحوّلة من الخارج خلال العام الماضي بنحو 12 مليون دولار يومياً، أي ما يعادل 4.3 مليارات دولار سنويّاً، أي 2451 مليار ليرة سنويّاً، وهو رقمٌ يقارب ما كان عليه قبل الأزمة إذ كان يلامس عتبة 16 مليون دولار يوميّاً.
وفي حين تتوجه معظم الحكومات والمصارف حول العالم؛ على الاستمرار في حيازة ثقة مستقبلي الحوّالات من خلال ما تحقّقه لهم من ربحيّة، وتسعى دائماً إلى تخفيض التّكاليف والعمولات إلى حدودها الدّنيا للإبقاء على المستفيد من الحوالة مرتاحاً، فضلاً عن منحه أسعاراً تشجيعيّة؛ نرى أنّ مصرفنا المركزيّ وبتحديده لسعر صرف الحوالات ب 434 ليرة للدّولار الواحد، بينما يصل سعر صرفه في السّوق الموازية إلى 570 ليرة للدّولار؛ قد دفع بالمغتربين إلى اعتماد أحد طريقين: أوّلهما: التّحويل إلى الدّول المجاورة ولا سيّما منها: لبنان والأردن، كيلا يتكبّدوا خسائر في حوالاتهم تتجاوز 130 ليرة للدّولار الواحد المُحوّل من الخارج، أي ما يعادل نحو 23% من قيمة الحوالة..!
وثانيهما: التّحويل عبر شركات غير مرخّصة في القطر مرتبطة بأفراد في الدّاخل يطلق عليهم المتعاملون معهم؛ اسم: “شقيعة”..! إذ يجوبون البلاد طولاً وعرضاً؛ في عرض خدماتهم المصرفيّة لقاء عمولات، وهم لا يخشون في عملهم الذي يعتمد كليّاً على وسائل التّواصل الاجتماعي ولاسيّما منها: الواتس أب؛ الملاحقة القانونية نظراً لتصنيف هذه العملية بالمخالفة المندرجة تحت عنوان؛ مزاولة مهنة من دون ترخيص..!
ولا ريب أنّ في كلا الطريقين: الخاسر الأكبر هو مصرفنا المركزي الذي نفض يديه من هامش عمولة تحويل هذه الأموال لمصلحة مصارف الدول المجاورة و”شقّيعة” الدّاخل. ناهيك بالنّفقات الوازنة والجهد المبذول من قبل مستقبلي هذه الحوالات من خلال تجشّمهم عناء السّفر إلى الدول المجاورة بين الفينة والأخرى للحصول على أموالهم المحوّلة، وما تعنيه كتلة بحجم 4.3 مليارات دولار سنويّاً؛ من تنشيطٍ لاقتصادات هذه الدّول، لا يجوز غضّ الطّرف أو التّقليل من أهميّته، فنحن أحوج ما نكون إليه في هذه الأزمة والمحنة..!
والحال أنّ على مصرفنا المركزيّ وراسمي سياساتنا الاقتصاديّة؛ الانتقال من واقع المتفرّج السّلبي، إلى دائرة الفعل، من خلال اجتراح السّبل الكفيلة بوقف هذا العرض التّراجيدي اللامسؤول، وإعارة هذه الكتلة الملياريّة النّازفة؛ ما يمليه الواجب الوطني من اهتمام وعناية..!
أيمن علي
Aymanali66@hotmail.com