تحقيقاتصحيفة البعث

في موسم الامتحانات ..استعدادات عائلية مكثفة لتوفير الأجواء الدراسية

 

امتحانات “البكالوريا” تدق الأبواب، صفارات الإنذار تدوي في كل بيت، معلنة حالة الاستنفار والتأهب التام، تحول في عادات وأساليب الحياة داخل العائلة: لا أصوات، ولا ضيوف، ولا شبكة أنترنت، وحالة الضغط والتفكير الذهني تسيطر على الطلاب، وهي سلاح ذو حدين، فهي إما تدفع الطالب لبذل جهد مضاعف، وتنظيم الوقت، أو تسبب له التوتر، وعدم التركيز، وبالتالي الفشل.
للوقوف على طرق وأساليب الطلاب بتنظيم وقتهم قبل شهر الامتحان، التقينا عدداً منهم، حيث أشارت الطالبة علا، “بكالوريا علمي”، إلى أن جدول مذاكرتها اليومي يبدأ من الساعة السادسة صباحاً، وينتهي في الثانية عشرة مساء، مع تخصيص وقت للراحة، والجلوس مع العائلة، ومشاهدة التلفاز، حيث تدرس مادتين إحداهما صعبة، والأخرى سهلة، وأضافت علا: شهر الانقطاع للمراجعة ليس للحفظ، لافتة إلى أنها كانت تدرس كل درس بشكل يومي، ثم تقوم بتلخيصه مع تدوين الملاحظات على الورق.
وفيما يتعلق بمحتوى المنهاج أشارت علا إلى أن مواد الفيزياء والرياضيات معقدة وجافة، فمادة الفيزياء ضخمة تعتمد على الحفظ أكثر من الفهم، أما مادة الرياضيات فتشمل ثلاثة كتب: تحليل، وجبر، وهندسة، وتعتمد على الفهم والتركيز، إضافة إلى مهارات عقلية حسابية ليستطيع الطالب حل التمارين الكثيفة بالكتاب، المحلولة منها وغير المحلولة.
وأكدت علا أن هدفها الحصول على العلامة التامة لتحقيق طموحها بالدخول إلى كلية الطب البشري من خلال تنظيم الوقت، والمواظبة على الجدول المخصص للدراسة، فمن جد وجد ومن سار على الدرب وصل.

تخصيص ساعات
الطالب عماد، “بكالوريا أدبي”، بيّن أنه وضع جدولاً للمذاكرة من خلال تخصيص ساعات الصباح الباكر للمواد الضخمة، إضافة لفترات الراحة والنوم والأكل، وعلى الرغم من أنه متابع لدروسه بالمدرسة، لكنه يشعر بالتوتر بسبب كمية المنهاج الكبيرة التي تعتمد على البصم وحشو الدماغ، وأضاف عماد بأنه يحتاج للدروس الخصوصية بمادة العربي المتضمنة قواعد الإعراب والبحور والمحاور، لكن الوضع المادي لعائلته لا يسمح بها، لذلك طلب المساعدة من أقرانه المتميزين، إضافة للمواقع المتخصصة على شبكة الأنترنت.
وبالحديث عن أجواء المنزل والمحيط الأسري أثناء هذه الفترة، ذكر عماد بأنه جزء من هذه العائلة، ولا يستطيع الانعزال عن مشكلاتها وهمومها، وأضاف: الاهتمام الكبير من والدي وإخوتي من خلال توفير الجو النفسي الملائم للدراسة والهدوء التام يساعدني كثيراً في الدراسة، ويدخل الفرح والهدوء على شعوري وذهني، ما يدفعني لبذل جهد مضاعف بالدراسة لكي لا يخيب ظنهم بي.
وعند سؤال عماد عن التوقعات الموجودة في الأسواق وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أجاب بغضب: لماذا أدرس وأتعب وأنظم وقتي اذا كنت سأعتمد على التوقعات التي من المحتمل جداً ألا تأتي، ما يؤدي للفشل وعدم تحقيق طموحي بالدخول للجامعة، وخاصة أن المعدلات المطلوبة عالية!.

دور الأهل
نجاح الأولاد يدخل البهجة والسرور إلى حياة الأهل، وخاصة الأم التي تنتظر هذه الفرحة بفارغ الصبر، بهذه الكلمات بدأت سوسن، الأم لخمس أبناء، أكبرهم فرح “طالبة بكالوريا أدبي”، كلامها: اضطررت لإخراج ابنتي من المدرسة، وإدخالها لمعهد خاص نتيجة عدم قدرة المعلمين المختصين بالمدرسة على شرح المواد.
وأضافت سوسن: مع اقتراب موعد الامتحان أقوم بالتسميع الشفهي يومياً لفرح، حسب الجدول المخصص لتنظيم وقتها، لافتة إلى التعب الجسدي المضاعف لابنتها بسبب الصيام، حيث تبدأ بالدراسة من بعد الإفطار للسحور، وتنام خلال النهار.
وذكرت سوسن: أبذل ما في وسعي من جهد لتوفير الجو المريح لابنتي من خلال تخصيص غرفة لها، ومنع الزيارات، والتخفيف من الضغط النفسي عليها بإخراجها يومياً من المنزل لمدة ساعة واحدة، وإنهاء المشكلات العالقة بالمنزل.
وأعربت عن حرصها على توجيه فرح بالنصائح بطريقة هادئة، إضافة لزرع الأمل والتفاؤل بالخير دائماً، ما يمنحها القوة والعزيمة للاستمرار، متمنية من الله تحقيق أمنيتها بدخول ابنتها للجامعة، كونها لم تتمكن من إكمال دراستها لظروف معينة.

الحالة النفسية
وبخصوص الحالة النفسية لطالب “البكالوريا”، أكد غسان منصور، دكتور تربية، أنه يتم دعم الحالة النفسية للطالب من خلال الأهل، بعدم المراقبة الشديدة ، والإزعاج والإلحاح بالدراسة، والضغط عليه، إضافة لخلق جو من الهدوء والتحفيز، ومحاولة تأمين الأشياء الضرورية المحببة له، وعدم إصدار الأصوات المزعجة، مشدداً أن النقطة الأهم بعدم مقارنته مع أقرانه ما يؤدي لإحباطه، وبالتالي فشله، كما يجب إعطاؤه وقتاً للتسلية والترفيه، وتجنب الإسراف بالمنبهات المتضمنة نسبة عالية من مادة الكافيين المؤدية إلى اضطرابات النوم، والعصبية الزائدة والتوتر، والإرهاق الذهني، إضافة للارتجاف، علاوة على إعاقة عمل الذاكرة المؤقتة عند الإنسان ما يسبب النسيان.
رأي معلم
وبرأي المعلم محمد ديب، أستاذ شهادة تعليم ثانوي، أن مفهوم التفوق يختلف من طالب لآخر، ويحتاج إلى كد وتعب وسهر، لكن النتائج في النهاية تستحق كل ذلك، مشدداً على أنه بجب إعداد المعلم ليحقق الطالب النجاح، من خلال حضور دورات تدريبية متخصصة بالمنهاج، وطرائق التدريس، وخلق جو لينقل المعلومة للطالب بيسر، في ظل الأعداد الضخمة بالشعبة الواحدة، كما يجب التسميع وإعطاء التمارين بكل حصة دراسية، والمناقشة المفتوحة بين الطالب والمعلم لمعرفة مستواه، وتذليل الصعوبات أمامه. وبشكل مشابه للآراء السابقة، شدد عماد على أن للأهل دوراً مهماً جداً بمساندة الطالب ودعمه منذ بداية العام الدراسي وصولاً للحظة الامتحان الحاسمة من خلال توفير الظروف المناسبة للدراسة، ومراعاة الحالة النفسية له، فهم يزرعون، وأبناؤهم يحصدون التفوق والنجاح، وأكبر مثال أم توماس اديسون التي جعلت منه مخترعاً عظيماً على الرغم من طرده من المدرسة، ولكنها استمرت بتعليمه في المنزل.

بالجد والدراسة
لا شك أن نتائج الامتحانات ستكون حصاد عام كامل من الجد والدراسة، ولذلك لا ينفع الطالب سوى اجتهاده، وتحضيره، واستعداده الجيد، والثقة بالنفس، والتصميم على النجاح والتفوق.
رهف شحادة