أخبارصحيفة البعث

بريطانيا تبحث عن رئيس وزراء جديد

 

استقالة تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية المستحقة، والتي بدا أنها تأخرت كثيراً بحسب ردود الأفعال، ستكون بمثابة نهاية رمزية لنظام سياسي قديم أوصل المملكة المتحدة، بنخبتها الحاكمة وطبقتها العاملة، إلى واحدة من أسوأ مراحلها التاريخية في كافة المجالات. كذلك، ستنطلق فاتحة مرحلة أكثر إظلاماً، قبل أن يولد نظام سياسي جديد لا يبدو أنه في وارد التبلور في وقت قريب. وستبقى المسؤولة المستقيلة في منصبها حتى ينتخب زعيم جديد لحزب المحافظين الحاكم، واعترفت ماي بأنها هزمت في مسعاها لتنفيذ إرادة الناخبين في الوصول لاتفاق للخروج من الاتحاد، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل. ويفتح الباب أمام الطامحين للخلافة من أعضاء حزب المحافظين لخوض منافسة تُصّوت فيها قاعدة الحزب لمصلحة أحدهم. وستأخذ هذه الإجراءات عدّة أسابيع على الأقل، وربما حتى نهاية تموز المقبل قبل أن يُحسم الأمر. على أن ذلك قد لا يكون كافياً لتولي حكومة جديدة مقاليد السلطة، إذ إن العرف يقضي بحلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات عامة جديدة.

وبشأن سيناريوهات ما بعد الاستقالة، يقول محللون: إن المنافسة الآن ستبدأ على من سيخلفها، والمرشحون كثر، ويصل عددهم إلى 12 مرشحاً، ويرون أن هناك ثلاثة مرشحين محتملين لخلافة ماي، وهم بوريس جونسون وزير الخارجية السابق، ودومينيك راب مسؤول ملف مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجية الحالي جيرمي هنت، وربما وزير البيئة مايكل غوف، موضحين أن المنافسة ستكون على مرحلتين: الأولى يختار فيها نواب حزب المحافظين الحاكم مرشحين، ثم يطرحون الاسمين على التصويت الحزبي بالبريد، مشيرين إلى أنه إذا تمكن جونسون من الوصول إلى مرحلة التصويت الحزبي فإنه سيكون الفائز لأنه الأكثر شعبية.

وعن انعكاسات الاستقالة على مسار مفاوضات البريكست، يرى خبراء أن ما بعد ماي يصعب التكهن به، لكن مسار الخروج من التكتل الأوروبي يعتمد بشكل أساسي على من سيخلفها، إذ ستزداد احتمالات الخروج دون اتفاق إذا خلفت ماي شخصية من جناح المتشددين، وإن لم يكن من المتشددين فإنه سيواجه الصعوبات نفسها التي واجهتها ماي.

وفي الوقت الذي تنشغل فيها شخصيات من حزب المحافظين بالتسابق على خلافة ماي، تزيد هذه الخطوة شكوك المواطن البريطاني بشأن المستقبل، والسيناريوهات التي ستنتهي إليها بلاده.

ويرى خبراء أنه إذا اجتاز بوريس جونسون أو دومينيك راب سباق الترشيحات، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أنهما سيفوزان بسهولة، ويعتقدون أن الاتحاد الأوروبي لن يعيد التفاوض على موضوع الحدود الأيرلندية، وهي القضية الأكثر تعقيداً في اتفاق البريكست، مضيفين: إن الأوروبيين سيكونون مستعدين فقط للاستماع إلى ما يقوله رئيس الوزراء الجديد، لكن لن يكون هناك تغيير في الخطوط الحمراء الأساسية للاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق الخروج.

ويحذّر مراقبون من احتمال حدوث “الخيار الأسوأ”، وهو أن يجبر الاتحاد بريطانيا على الخروج دون اتفاق، عن طريق رفض تمديد المادة (50) التي تنظم عملية انسحاب أي عضو بالاتحاد الأوروبي إلى ما بعد تشرين الأول المقبل، وهذا ربما وارد بقوة جراء وجود أصوات متشددة داخل الاتحاد، مثل فرنسا التي تؤيد إجبار المملكة المتحدة على الاختيار بين وقف العمل بالمادة (50) والبقاء داخل الاتحاد، وبين الخروج منه دون اتفاق.