دراساتصحيفة البعث

المنطقة على صفيح ساخن

ترجمة: هيفاء علي

عن موقع إفريقيا-آسيا 22/5/2019

يزداد الأفق في الشرق الأوسط قتامةً مع مزيج من الظروف المعقدة قد تقود إلى مواجهة محتملة بين محور المقاومة، والناتو العربي، حيث تسعى الولايات المتحدة لتفرض على إيران تدابير وإجراءات ترمي لانهيار الاقتصاد الإيراني ونظام الحكم فيها من خلال  الانسحاب الأحادي الجانب من الصفقة النووية،  وإعادة فرض العقوبات والتوقف عن منح إعفاءات للنفط.

على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على عكس مستشاريه، لا يريد صراعاً آخر، إلا أنه يسعى إلى تحقيق النجاح الذي فشل بتحقيقه كل من سبقوه، وهو وضع حد لمعارضة إيران للسياسات الأمريكية في المنطقة، ووضع حد للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

إن سياسة الولايات المتحدة ضد إيران ليست – كما كان متوقعاً أصلاً – تنفيذ “فن الاتفاق” الخاص بترامب ، والذي ، من خلال سياسة المخاطرة المحسوبة، يهدف إلى الحصول على المزيد من التنازلات للحصول على صفقة أفضل. إلا أن الأمور لا توحي بأن إدارة ترامب تسعى للتوصل إلى صفقة أفضل، وإلا لماذا طلب وزير الخارجية مايك بومبيو من طهران 12 شرطاً مسبقاً تشبه الاستسلام أكثر منه التفاوض؟

سورية هي الجزء التالي من اللغز، حيث تحاول واشنطن تفكيك تحالف المقاومة والحفاظ على وجودها العسكري في الجزء الشرقي من سورية .

في مثل هذا السياق، و تماشياً مع التصميمات السابقة المنسوبة للسياسة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، فإن بقاء جيب “داعش” في شرق سورية يعود بالفائدة على إدارة ترامب، إذ من المحتمل أن ترفض الولايات المتحدة إعطاء المؤسسات المالية الدولية الحيوية الضوء الأخضر الحاسم لدعم إعادة إعمار البلاد ، في حين أن العقوبات الأشد المفروضة على إيران ستؤثر بشدة على سورية .

العنصر الأخير من هذا اللغز هو “صفقة القرن” التي من المتوقع إعلانها بعد رمضان، والتي تدفن حل الدولتين وتضفي الطابع الرسمي على القرارات الأمريكية بشأن القدس ومرتفعات الجولان. كما يمكن أن يكون الأردن الضحية الرئيسية لهذه الصفقة، بعد الفلسطينيين، لأن الاتفاق لصالح إسرائيل و مشيخات النفط و يمكن أن يشعل انتفاضةً جديدة في الأراضي المحتلة وغيرها.

لذلك قد يكون هذا الصيف حاراً جداً، وهو ما سيدفع التحالف المعروف باسم “الناتو العربي” إلى مفاقمة المشاكل قبل أن يفوت الأوان للحد من توازن القوى الإقليمي. وقد يتيح المزيد من الوقت لإيران إيجاد طرق جديدة للتهرب من العقوبات،  وحزب الله قد يعزز قواه، والحكومة السورية ستعزز قوتها وتستعيد السيطرة على مناطق أخرى. وإن أي رد فعل عنيف على “صفقة القرن” يمكن أن تتعامل معه إسرائيل بسهولة أكبر، بعد الانتخابات الأخيرة في البلاد، مقارنةً بالعام المقبل، عندما تجري الانتخابات الأمريكية. وينطبق الشيء نفسه على الارتفاع المحتمل في أسعار النفط بسبب اشتداد التوترات في المنطقة.

بالطبع ، ليس من المؤكد أن تكون السعودية والإمارات قادرتين على تهدئة أسواق الطاقة عن طريق استبدال إنتاج النفط الإيراني، ذلك أن الفوضى في فنزويلا وليبيا يمكن أن تعقد مهمتهما، و قد يستمر الربيع العربي  في الجزائر والسودان. على الرغم من كل هذه الأسباب لاختيار الحكمة ، فإن سياسة الناتو العربية تعطي أكثر وأكثر انطباعاً بدافع غير منطقي يرسم صورة مظلمة للمستقبل.

قبل قرنين من الزمن، اجتمعت الدول الأوروبية في فيينا لاستعادة النظام الذي تم انتهاكه عقب هزيمة فرنسا الثورية، فهل سيجتمع الفريق الحالي الذي يضم  مستشار الأمن الأمريكي جون بولتون ونتنياهو وأمراء السعودية وأبو ظبي لمحاكاة هذه السابقة التاريخية لسحق إيران الثورية إلى الأبد؟.. وهل ستوافق روسيا والصين على مثل هذا الترميم على غرار فيينا؟.