تحقيقاتصحيفة البعث

برغش المجالس المحلية!

عوّل السوريون كثيراً على المجالس المحلية على أمل أن تكون فاعلة في تنمية وتطوير المدن والبلدات والقرى في كل المجالات وفق آلية عمل جديدة بعيدة عن الشكل التقليدي الذي أصابنا بالإحباط نتيجة عدم الوعي الكافي بأهمية الدور المنوط بالمجالس، واختيار كوادر غير قادرة على العمل بشكله المطلوب الذي يحقق الغاية والهدف!.

كان هناك تفاؤل بأن المرحلة ستختلف عن كل المراحل السابقة التي شهدنا فيها حضوراً باهتاً لا يرقى للمستوى المطلوب، سواء قبل الحرب أو خلال السنوات  الماضية، رغم توفر الإمكانات، بحيث تكون مرحلة عمل متميزة وموازية لمرحلة إعادة الإعمار، تحتاج أداء جديداً يعتمد على الخلق والإبداع، في ظل توفر البيئة التشريعية الداعمة لذلك، حيث أناط القانون مهام غاية في الأهمية بالمجالس لتكون اسماً على مسمى، بحيث تتجاوز مهامها الرقابة الشكلية، والقرارات الورقية التي تكدّست بالأدراج، ولا تحقق أية قيمة مضافة إلا لصاحبها!.

بالمختصر بعد مرور فترة على عمل الوحدات الإدارية التي أتقنت كل فنون المماطلة والتسويف واستزراع الوعود في حياة الناس دون أن تتمكن من التقدم خطوة واحدة باتجاه تكريس الرضى الشعبي عن أدائها، نسأل: هل عملت هذه المجالس وفق خطط وبرامج مدروسة بعناية، بحيث وضعت في أولوية اهتماماتها المشاركة الفاعلة بإقرار الخطط اللازمة لزيادة إنتاجية العمل، وتحسين نوعية الإنتاج، ووضع أسس استثمار الثروات المحلية التي لم تحدد التدابير والخطط المركزية، ووضع أسس التصرف بالأموال الخاصة للمحافظة، أم بقي الحبل على الغارب كما يقال، فلم تهتد الخطط بعد إلى مراحل تنفيذها، وبقيت مجرد وريقات في أجندة الوعود المنسية؟!.

للأسف المطالب التي أجمع عليها السوريون، وركّز عليها الإعلام بوسائله المختلفة من خلال عمل المجالس في الوحدات الإدارية، ليست قريبة المنال، بل تغور في أكوام من الخطابات العاجزة حتى الآن عن رش المبيدات الحشرية الفعالة في الشوارع بدلاً من ذلك الدخان الذي يكشف قوة البرغش في فضح عمليات الغش في المبيدات، وإبراز عجز الوحدات، وعدم شفافيتها في التعاطي مع الحياة العامة، وهناك الكثير من الشواهد والإثباتات القابعة في يوميات عملها، وطبعاً أوردنا هذا المثال لكثرة الشكاوى من جميع المحافظات، ولنبيّن مدى الوهن الذي أصاب الوحدات الإدارية التي استقوت بالوعود، وخرجت من مضمار العمل الفعلي إلى البيادر الخاوية التي دقت فيها أوتاد خيبة الأمل، وضياع الثقة بها بعد أن استحكمت لسعات البرغش بمصداقية التغيير فيها، وبحقيقة تطور أدائها؟!.

بشير فرزان