تحقيقاتصحيفة البعث

مع تعدد الأسباب التلف الدماغي.. تباين في الأعراض والحالات وفشل في عمليات التأهيل

عندما تدمر خلايا المخ وتتدهور تحدث إصابات الدماغ، وتكون نتيجة لمجموعة كبيرة من العوامل الداخلية والخارجية، وهناك فئة يترافق معها عدد أكبر من حالات الإصابة كإصابة الدماغ الرضية التي تتبع الصدمات الجسدية، أو إصابة في الرأس من مصدر خارجي، أما إصابات الدماغ المكتسبة فهي تعبّر عن إصابات الدماغ التي تحدث بعد الولادة، وهناك الإصابة الناجمة عن اضطراب خلقي الداء، ويرى الخبراء أن إصابات الدماغ هي ضعف أو إعاقة تتباين بشكل كبير في شدتها، وفي حالات إصابات الدماغ الخطيرة يوجد احتمال كبير بحدوث إعاقة دائمة في بعض مناطق الجسم، بما في ذلك العجز العصبي، وينتج عنه الوهم المتركز على موضع واحد على وجه التحديد، أو مشاكل في الحركة، والكلام، والتخلف العقلي، بالإضافة إلى تغيرات في شخصية المريض، كما تنتج عن الحالات الأكثر شدة غيبوبة، أو حالة إنباتية مستديمة، حتى الحوادث الخفيفة يمكن أن تكون لها آثار على المدى الطويل، أو أن تسبب أعراضاً تظهر بعد سنوات.

عدم الاندماج
تتشابه بعض الأمراض كالشلل الدماغي، والصرع، والأمراض العصبية لدى عامة الناس، وهذا ما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأسرة، وتفهم حالة أبنائهم، وسبل العلاج، والوصول إلى مراحل متطورة في المعرفة والاعتماد على الذات، وهذا الاختلاف يحدد إمكانية الطفل، ومدى قبوله لعملية الدمج مع أقرانه وتعلّمه، ففي حالات الشلل الدماغي لا يمكن السماح للطفل بتواجده مع أطفال آخرين، فهو يحتاج إلى نوع مختلف من التعلّم والتدريب، وهناك مراكز التأهيل “للشلل الدماغي” المختلفة في سورية تعنى بالأشخاص المصابين بهذه الأمراض، واختلاف الشدة والنوع، وتؤكد الاختصاصية لميس عبد الغني أن لكل حالة برنامجها الخاص للعلاج، ومن أكثر الصعوبات التي ترافق هذا النوع من الأمراض عدم معرفة وتوصل الأهل إلى حقيقة حالة الطفل، وعدم تمييزهم بين حالات التوحد وزيادة الشحنات، وغيرها من الحالات العصبية المختلفة.

حالات شائعة
إن إصابات الدماغ، سواء الناجمة عن السكتة الدماغية، أو إدمان الكحول، أو إصابة الدماغ الرضية، أو نقص فيتامين B، تؤدي في بعض الأحيان إلى حالات الذهان “هذيان الأراجيف”، ينطوي على عدم قدرة الذاكرة، وغالباً ما يتم التشخيص الخاطىء لهذه الحالة على أنه فصام، تحدث إصابات الدماغ نتيجة لمجموعة كبيرة جداً من الظروف والأمراض والإصابات، وكنتيجة للمنشأ العلاجي، أي الآثار السلبية للعلاج الطبي، وهنا يذكر الطبيب المختص بالشلل الدماغي أحمد وهبة الأسباب المحتملة لتلف المخ “المنتشر” بشكل واسع، وهو “نقص الأكسجين”، والسبب الآخر هو التسمم بسبب الكحول، والعدوى، والمرض عصبي، كما يمكن أن يسبب العلاج الكيميائي تلفاً دماغياً، حيث تتأثر الخلايا الجذعية والعصبية، أما الأسباب الأكثر شيوعاً لتلف الدماغ الموضعي فهي صدمة كإصابة الدماغ الرضية، والسكتة الدماغية، وتمدد الأوعية الدموية، والجراحة، واضطرابات عصبية أخرى، والتعرّض لضربات على مؤخرة الجمجمة.

تداخل الاختصاصات
تشترك عدة اختصاصات في الرعاية الطبية، وإعادة التأهيل للشخص الذي يعاني من ضعف بعد إصابة الدماغ كاختصاصيي الأعصاب وجراحتها، واختصاصيي العلاج الطبيعي، وإعادة التأهيل، والأطباء في علاج إصابات الدماغ، وعلم النفس العصبي والسريري، وهم علماء نفس متخصصون في فهم آثار إصابات الدماغ، ويمكنهم المشاركة في تقييم مدى شدة الإصابة، أو عمل استراتيجيات إعادة التأهيل، كما يمكن أن يشارك المعالجون المهنيون في إدارة برامج إعادة التأهيل للمساعدة في استعادة الوظائف المفقودة، أو المساعدة في إعادة تعلّم المهارات الأساسية، وتعمل وحدات العناية المركزة بالمستشفى للحفاظ على صحة الحالات التي تعاني من إصابات خطيرة بالدماغ من خلال إدارة الأدوية، ورصد الحالة العصبية، بما في ذلك استخدام مقياس “غلاسكو كوما” الذي يستخدمه غيرهم من المهنيين الصحيين لتحديد مدى التوجه.

إعادة التأهيل
يلعب اختصاصي العلاج الطبيعي دوراً هاماً في إعادة التأهيل بعد إصابة الدماغ الناتجة عن إصابات الدماغ الرضية، ويشمل العلاج الطبيعي خلال مرحلة ما بعد الحدة التحفيز الحسي، والقولبة التسلسلية، والتجبير، واللياقة البدنية، والتدريب الهوائي، والتدريب الوظيفي، ويرى وهبة أن التحفيز الحسي يشير إلى استعادة الإدراك الحسي عن طريق استخدام أشكال المساعدة، وغالباً ما يتم استخدام القولبة التسلسلية والتجبير للحد من لين الأنسجة، والتقلصات، وتوتر العضلات، ويكشف البحث القائم على الأدلة أن القولبة التسلسلية يمكن استخدامها لزيادة نطاق الحركة السلبي، وتقليل التشنج، واللياقة البدنية، والتدريب الهوائي، سيزيد اللياقة البدنية للقلب والأوعية الدموية، ولكن لن يتم نقل هذه الفوائد إلى المستوى الوظيفي، كما يمكن استخدام التدريب الوظيفي لعلاج المرضى ذوي إصابات الدماغ الرضية، ولا توجد دراسات تدعم فعالية تدريب الجلوس والوقوف، وتدريب قدرة الذراع، وأنظمة دعم وزن الجسم، بينما تؤكد الدراسات أن المرضى الذين يعانون من إصابات الدماغ الرضية ممن يشاركون في برامج إعادة التأهيل المكثفة سيشهدون المزيد من الفوائد في المهارات الوظيفية، وتشمل العلاجات الأخرى لإصابات الدماغ الأدوية، والعلاج النفسي، والعصبي، والبيئات المحكومة متعددة الحواس، والجراحة، أو عمليات الزرع الجسدية مثل تحفيز الدماغ العميق، وغالباً تعتمد توقعات سير المريض أو التقدم المحتمل للاضطراب على مكان تلف الدماغ، وطبيعته، وسببه.

شائعات طبية
تحتمل حالات التلف الدماغي زراعة العصب في النظام العصبي الطرفي، ولكن من الصعب والنادر جداً أن تساعد في النظام العصبي المركزي للدماغ، أو النخاع الشوكي، ويمكن أن تتعلّم مناطق الدماغ التعويض عن المناطق المتضررة الأخرى، ويمكن أن تزيد في الحجم والتعقيد، وحتى تغيير وظيفتها، تماماً كالشخص الذي يفقد حاسة من الحواس، ثم يكتسب زيادة في حدة حاسة أخرى، عملية تسمى المرونة العصبية، الاختصاصية مها قدوره تؤكد أن فكرة حصول إصابات الدماغ التي تحدث خلال مرحلة الطفولة على فرصة أفضل للشفاء من تلك التي تحدث في الكبر هي مجرد شائعة، فقد يكون اكتشاف آثار الإصابة في مرحلة الطفولة أكثر صعوبة على المدى القصير، وذلك لأن مناطق القشرية المختلفة تنضج في مراحل مختلفة مع بعض الخلايا الرئيسية، وكلياتهم المعرفية المقابلة المتبقية غير المكررة حتى مرحلة البلوغ في وقت مبكر، كما في حالة وجود طفل يعاني من إصابة في المخ الأمامي قد يكون تأثير الضرر غير قابل للكشف إلى أن يفشل ذلك الطفل في تطوير المهام التنفيذية العادية في أواخر سنوات المراهقة له، وأوائل العشرينيات.
ميادة حسن