أخبارصحيفة البعث

ألمانيا.. الائتلاف الحاكم على حافة الانهيار

أعلنت أندريا ناليس زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني الشريك في الائتلاف الحاكم استقالتها من منصبها، ما يزيد من احتمال انهيار حكومة المستشارة أنغيلا ميركل.

وتعرّضت زعيمة هذا الحزب إلى ضغوط كثيفة بعدما حقق حزبها (يسار وسط) أسوأ نتيجة في الانتخابات الأوروبية قبل أسبوع.

وكان الحزب الذي يضع ثلاثة انتخابات مهمة ستجري في شرق ألمانيا في أيلول نصب عينيه، خطط منذ البداية لإعادة النظر في شراكته مع ائتلاف ميركل الذي يضم الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي (يمين وسط).

لكن قبيل تصويت كان مرتقباً في البرلمان على زعامتها للحزب، قالت ناليس: إنها ستتخلى عن منصبيها كرئيسة للحزب وكتلته البرلمانية.

وأفادت ناليس في بيان أن “النقاشات داخل الكتلة البرلمانية وردود الفعل الواسعة من الحزب تظهر أنني لم أعد أحظى بالدعم اللازم للبقاء في منصبي”.

وأعربت السياسية البالغة من العمر 48 عاماً عن أملها بأن تفتح استقالتها “المجال لتتم عملية خلافتها بطريقة منظمة”.

لكن نائب رئيس اللجنة الاقتصادية التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي هارالد كريست قال لصحيفة بيلد: إن قرار ناليس يثير مخاوف حقيقية بشأن مستقبل الائتلاف، وتابع “لكل من فرحوا اليوم: ما حصل هو خسارة كبيرة للسياسة الألمانية. ناليس مثّلت استمرارية الائتلاف الكبير (الحاكم) الذي باتت هناك الآن شكوك بشأن استقراره”.

وكان التحالف بين حزب ميركل الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي هشًّاً منذ تشكيله.

وبعدما تعرّض لضربة في انتخابات 2017، سعى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البداية للانضمام إلى المعارضة، لكنه عاد واقتنع بصعوبة بتجديد شراكته مع ميركل.

وبعدما فشل رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتن شولتز في محاولته تحسين وضع الحزب، تم اختيار ناليس في نيسان 2018 كأول امرأة تتولى زعامة الاشتراكي الديمقراطي.

وسعت ناليس، وهي ابنة عامل بناء عرفت بخطاباتها الأشبه بمحاضرات، لاستعادة أصوات الناخبين الذين تخلوا عن الحزب، معتبرين أنه بات بعيداً عن اليسار.

لكن لم يكن من الممكن وقف التراجع الكبير لشعبية الحزب، وصرحت أنغريت كرامب-كارنباور زعيمة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل، أنها تتوقع أن يعين الحزب الاشتراكي الديمقراطي خلفاً لناليس “بسرعة حتى لا تضر استقالتها بقدرة الائتلاف على العمل”، وأضافت: “بالنسبة للاتحاد المسيحي الديمقراطي هذا ليس وقت التفكير في تكتيكات الحزب. نحن متمسكون بالائتلاف الكبير”.

والأحد الماضي، تعرّض الحزب الاشتراكي الديمقراطي لضربة موجعة في الانتخابات الأوروبية بينما حلّ الخضر في المرتبة الثانية.

وتعرّض كذلك لإهانة عبر خسارته المركز الأول في اليوم ذاته في انتخابات ولاية بريمن التي لطالما كانت معقله، ومع تخلخل صفوف الاشتراكي الديمقراطي، حضّ كبار المسؤولين في الاتحاد المسيحي الديمقراطي شريكهم على عدم تعريض الائتلاف للخطر.

وقال نائب رئيس كتلة الاتحاد المسيحي الديمقراطي في البرلمان هانز بيتر فريدريش لصحيفة “بيلد”: إن “تفويض الناخبين ساري المفعول لمدة أربع سنوات وعلى الأحزاب السياسية ضمان الاستقرار في الأوقات الصعبة. لن يستفيد من أي نهاية مبكرة للائتلاف الكبير سوى أولئك الذين على هامش السياسة”.

لكن بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا (يمين متشدد)، فإن الحكومة بدأت تتفكك.

وقالت أليس فيدل زعيمة كتلة الحزب النيابية: إن الأزمة لا تطاول الحزب الاشتراكي الديمقراطي فحسب، “بل يبدو الائتلاف الكبير كذلك كالحي الميت على الساحة السياسية”.

وذكرت صحيفة “بيلد” اليومية أن “الحزب الاشتراكي الديمقراطي ينزف حتى الموت. (تحالف) غروكو أيضاً” في إشارة إلى الائتلاف الحكومي بين الحزبين، فيما توقعت صحيفة سودويشته تسايتومغ أن يكون “التحالف في طريقه نحو النهاية”، وتابعت: إن “الحزب الاشتراكي الديمقراطي هزم للتو المرأة التي بذلت جهوداً جبارة لتشكيل التحالف. ما الفائدة الآن من استمرار تعذيب أنفسهم بذلك” التحالف.

ومن خلال حملته المعادية للهجرة، جذب البديل لألمانيا عام 2017 الناخبين المستائين من قرار ميركل السماح بدخول أكثر من مليون طالب لجوء إلى ألمانيا.

ويتوقع أن يحقق مكاسب كبيرة كذلك في الانتخابات المقبلة بعد عدة أشهر في ثلاث مقاطعات  ساكسونيا وبراندبورغ وتورينغن، لكن من منظور وطني، بات الخضر الآن مصدر القلق الأبرز بالنسبة للاشتراكي الديمقراطي.

وبينما يتشاركون مع الاشتراكي الديمقراطي انتماءه ليسار الوسط في الطيف السياسي، إلا أن الخضر أثبتوا بأنهم أكثر قدرة على جذب الناخبين الشباب نظراً لاهتمامهم بملف البيئة.

وفي استطلاع عام للرأي صدرت نتائجه السبت، حلّ الخضر في الطليعة للمرة الأولى ليحصلوا على دعم أكبر من ذاك الذي حصل عليه تحالف الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، وتقدموا كذلك على الاشتراكي الديمقراطي بنحو 15 نقطة مئوية.