رياضةصحيفة البعث

خماسية إيران تضع كرتنا على مفترق طرق والحلول العاجلة مطلوبة دون تأجيل

 

ليست الخسارة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتعرّض لها منتخبنا الوطني بكرة القدم، لكن مرارتها هذه المرة أفسدت حلاوة العيد، وقدمت دليلاً جديداً على أننا مازلنا بحاجة للكثير من المصداقية والاحترافية لتكوين منتخب قوي قادر على مقارعة كبار القارة الآسيوية قبل الوصول للعالمية.
الهزيمة بالخمسة أمام المنتخب الإيراني لا يمكن تصنيفها سوى في خانة الكوارث التي لا يمكن قبولها بحال من الأحوال، ولو أنها جاءت كتجربة ودية، بل يجب أن يكون ما بعدها ليس كما قبلها شكلاً ومضموناً، فالمنتخب تحول بفعل البعض إلى حمل وديع بعد أن كان بعبعاً يخشاه الجميع.
كرتنا دخلت منذ فترة في نفق مظلم، والمنتخب هو إحدى ضحايا هذا النفق الذي يجب أن توجد له نهاية قريبة لإنقاذ المنتخب الذي تحول لحالة وطنية ليس مسموحاً التلاعب بها إطلاقاً.

الضحية الأولى
الخسارة الخماسية حاول البعض تحميلها مباشرة للمدرب فجر إبراهيم كونه الحلقة الأضعف في معادلة كرتنا، والشماعة التي يمكن تعليق سوء الإدارة التي تعاني منها كرتنا منذ فترة عليها، لكن أصحاب هذا الطرح نسوا أو تناسوا أن المشكلة لا تتعلق بالمدرب فقط، بل بمجموعة تراكمات أوصلت المنتخب لهذه الحالة.
فالمنتخب منذ نهاية تصفيات المونديال الماضية وهو في خط تنازلي، حيث فشل الاتحاد في استثمار الفترة الذهبية التي عاشها للبناء عليها، بل تحول الإنجاز الذي تحقق لفرصة لإقصاء فلان وإبعاد فلان، والوقوف على أطلال مباراة استراليا بدلاً من العمل على تطوير المنتخب.
خلال الفترة الماضية جربنا مدرباً أجنبياً، ومدرباً وطنياً، والنتائج لم تكن مرضية، بل كانت أسوأ من المتوقع، لذلك لا يمكننا اعتبار فجر إبراهيم سوى ضحية التوقيت الخاطىء.

المشكلة الحقيقية
كرتنا لم يكن تنقصها هذه الخسارة بخماسية لتتأكد أنها تسبح عكس تيار التطور، بل إن جميع المؤشرات كانت توحي بذلك، وكان يمكن ملاحظة هذا الأمر من جميع المتابعين إلا من أعضاء اتحاد اللعبة الراضين تمام الرضى عن مسيرة عملهم، بل إن أغلبهم يطمح للبقاء في منصبه، وبدأ منذ فترة بالتحضير لذلك.
لن نقول إننا نعاني نقصاً بالمواهب، ولا بالمدربين المؤهلين، وليست مشكلتنا في المعالج، ولا في مسؤول التجهيزات، بل قضيتنا تتمحور حول العقلية التي تحكم اللعبة وتسيّرها بطريقة الأهواء والمزاجية.
عشنا لحظات تاريخية مع المنتخب الحالي قبل نحو عامين، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن أكثر من طفرة لم تستمر طويلاً، ولم نكن نتوقعها، والدليل أن الاتحاد واللاعبين أنفسهم لم يستطيعوا استيعاب الموضوع، وظنوا أنهم وصلوا لنهاية المطاف، فلم يعودوا يقبلون أي نقد أو حتى نصيحة!!.

فقدان المصداقية
ما يجري مع المنتخب وفي كواليسه الخفية، وأسباب الشائعات الكثيرة التي ترافق نجومه، مرده لغياب المصداقية، ومحاولة إخفاء الحقائق بشكل دائم، وهذا الأمر يعود للفترة التي كان المنتخب يتحضر بها للمشاركة في كأس آسيا، وحينها ظهرت قضية استبعاد المخضرم فراس الخطيب، وأرجع السبب في وقتها للإصابة التي نفاها اللاعب لاحقاً قبل أن تتكشف للعلن بعد الإخفاق القاري قضية شارة “الكابتن” والاختلاف عليها بين مجموعة من اللاعبين، أدت في مرحلة لاحقة لانقسام حاد، وأسفرت عن تكتلات داخل الفريق.
ومن المؤكد أن القائمين على المنتخب هم من يتحمّل مسؤولية غياب المصداقية، فلو كان التعامل شفافاً مع الشارع الرياضي، وحازماً مع اللاعبين المخطئين، لما وصلنا لمرحلة يؤثر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في منتخب كروي، واتحاد أكبر لعبة.

عذر وذنب
في أكثر من مرة أشارت “البعث” لوجوب فرض احترام التزامات المنتخب على “النجوم” المحترفين، واتخاذ إجراءات حازمة تجاه من يثبت تقصيره أو هربه من واجبه تجاه منتخب بلده، لكن سياسة تمييع المشاكل، و”تبويس الشوارب” واختلاق الأعذار جعلت مباريات المنتخب ومعسكراته في آخر سلم أولويات لاعبينا.
وعلى عكس كل دول العالم المتقدمة كروياً التي يتسابق فيها اللاعبون على حمل قميص منتخباتهم، نجد بعض لاعبينا يتسابقون لاختلاق أسباب للاعتذار في كل مناسبة، والمشكلة أن هناك من يسوق لهم أن اعتذارهم نابع عن وجود أسباب قاهرة وليست شكلية.
فأحد اللاعبين لديه مناسبة اجتماعية تمنعه من خوض مباراة مع المنتخب، لكنه في الوقت نفسه مستعد للعب بقدم واحدة إن تطلب الأمر مع ناديه لأنه “محترف”، ولديه التزامات في مفارقة تدل على قصر في النظر، وقلة إدراك لقيمة قميص المنتخب.

الحلقة المفرغة
عند الخروج من كأس آسيا، وعد اتحاد اللعبة بمؤتمر صحفي يشرح فيه ملابسات ما جرى، وأسباب الخروج المبكر من المسابقة، ولكن بعد مرور نحو ستة أشهر لم يحصل هذا المؤتمر لأسباب أرجعها البعض لخوف المعنيين بكرتنا من مواجهة الإعلاميين.
بعدها واصل اتحاد اللعبة تجاهل الإعلام عند تعيين مدرب جديد للمنتخب، ومع إقامة معسكر أول للمنتخب لم يقم أي مؤتمر صحفي، وعند المعسكر الثاني لم يقم أي مؤتمر صحفي، بل تم الاكتفاء ببيانات إعلامية تتضمن المواعيد، وأسماء اللاعبين دون أية تفاصيل إضافية.
ولكن عوضاً عن تضييع وقته في وضع الإعلاميين في صورة المنتخب وتحضيراته، أقام الاتحاد في شهر رمضان وليمة إفطار للإعلاميين، وكأن هؤلاء الإعلاميين ما ينقصهم هو حضور الدعوات وحفلات الفطور والغداء، وليس احترام عملهم، وتسهيل حصولهم على المعلومة!!.

لجان ولجان
وبالحديث عن الاتحاد وأفكاره التطويرية فإننا نتساءل عن اللجان التي غيّرها عقب الفشل في كأس آسيا، والتي أوجدها مثل لجنة الخبرات التي يتساءل الجميع عن دورها في الفترة الماضية، ومدى تقديمها للمشورة؟ وهل اجتمعت هذه اللجنة بالفعل من الأساس كون معظم لجان الاتحاد لا نسمع عن نشاطاتها شيئاً.
وللتذكير فقط فإن الاتحاد شكّل قبل نحو عام لجنة إعلامية تضم مجموعة من الزملاء أصحاب التجربة، لكنها حتى اللحظة لم تحظ باجتماع ولو لمرة واحدة رغم تغيير رئيسها، والوعود الكثيرة التي صبت في خانة أن تجتمع اللجنة ولو لمرة وحيدة!!.
فهل نشهد خلال الأيام المقبلة ولادة لجنة جديدة تكون مهمتها دراسة أسباب الخسارة الخماسية، أم أننا سنكتفي باللجان الموجودة، وننتظر فشلاً جديداً كي نرى لجنة جديدة؟.
مؤيد البش