تحقيقاتصحيفة البعث

كونها من الأولويات الانهيارات الطرقية.. لجان الكشف تبحث عن الأسباب وعمل على إعداد خطة شاملة للمعالجة

طالت الانهيارات الطرقية الناجمة عن الهطولات الغزيرة غير المسبوقة خلال العام الحالي مختلف مناطق محافظة اللاذقية في عشرات المواقع التي تضررت بنسب متباينة عاينتها وحددتها اللجان الفنية بعد الكشف عليها ودراستها، ولا يخفى أن هذه الانهيارات غير المنتظرة بهذا الشكل والحجم جاءت لتزيد من الآثار السلبية، والخسائر المباشرة التي لحقت أيضاً بمحاصيل المحافظة، وإنتاجها الزراعي، وببعض المنشآت والشبكات الخدمية، ولأن الانهيارات تلقي بظلالها المباشرة على حركة النقل في المحاور التي تتوضع فيها، فإن وضعها السريع على خط المعالجة بات من الأولويات، إن لم يكن من أهم التحديات، ولاسيما في المواقع الأكثر تضرراً وتأثراً، وهذا ما دفع محافظة اللاذقية إلى إيلاء ملف معالجة الانهيارات الطرقية الحاصلة أولوية في خطتها للعام الحالي من خلال تكليف مديرية الخدمات الفنية بإنجاز مسار المعالجة وفق برنامج عمل تم تحديده بعد سلسلة لقاءات وجلسات واجتماعات مع المؤسسات والمديريات المعنية، على أن تكون المباشرة بالتنفيذ أولوية الأولويات، وهذا ما تحقق بعد إجراء جردة الحساب الفنية التقييمية، بما فيها التكاليف المادية لأعمال المعالجة الضرورية المطلوبة.

الكشف والدراسة

يؤكد مدير الخدمات الفنية في محافظة اللاذقية المهندس وائل الجردي أن العدد الكلي للانهيارات الحاصلة التي جرى تحديدها وتوصيفها والكشف عليها يبلغ 62 موقع انهيار كحصيلة نهائية، وتصل كلفة إعادة تأهيل ومعالجة الانهيارات الطرقية الحاصلة في مختلف مناطق المحافظة جراء الهطولات المطرية الغزيرة والأحوال الجوية إلى ما يقارب 850 مليون ليرة، وأن المديرية تقوم بتنفيذ أعمال التأهيل والمعالجة، ذلك أن خطة مديرية الخدمات الفنية هذا العام تستهدف بشكل أساسي معالجة الانهيارات الطرقية الحاصلة بعد أن تم تخصيص الاعتمادات اللازمة لخطة المعالجة بهدف إعادة ترميم وصيانة جميع هذه المواقع المتضررة لأهميتها في حركة النقل والمرور.

تحديد المعطيات والاحتياجات

وأوضح المهندس الجردي أن المحاور الطرقية المتضررة التابعة لمجال عمل مديرية الخدمات الفنية سيتم إجراء المعالجة لها بالمواصفات الفنية المطلوبة، وإنجاز الأعمال بالسرعة المطلوبة، وتوفير كل المتطلبات، وتحقيق التنسيق التام بين المؤسسات المعنية في المحافظة، حيث تم تشكيل لجنة في محافظة اللاذقية لبحث ومتابعة الانهيارات الطرقية، وتكليف مديرية الخدمات الفنية بإعداد دراسة كاملة حول جميع المعطيات، والاحتياجات، والقيم المادية، وتحديد الأسباب، وتوزيع الأعمال، وعلى الفور باشرت اللجنة عملها بعد أن تم تكليف مديرية الخدمات الفنية بالكشف على جميع الانهيارات الحاصلة في مختلف مناطق المحافظة، وتقديم دراسة كاملة، والتعاون مع شركة الدراسات في الحالات والطرق التي تحتاج إلى دراسة خاصة.

معالجات إسعافية فورية

ولفت إلى إجراء المعالجات الإسعافية التي نفذتها مديريات الخدمات الفنية، والموارد المائية، والطرق والجسور، والمياه، والهاتف، والكهرباء لمعالجة الأضرار التي سببتها الانهيارات، وأوضح الجردي بأن أعمال الكشف تشمل جميع الانهيارات الحاصلة في المحافظة نتيجة الأحوال الجوية التي سادت خلال الفترة الماضية، وتحديد أسبابها، ووضع دراسة متكاملة لمنع تكرار حدوثها مرة أخرى، ووضع كشف تقديري لإعادة المواقع لما كانت عليه، وتوزيع أعمال إعادة التأهيل وفق القوانين والأنظمة.

 

أولويات وأسس المعالجة

وحول آلية تتبّع أعمال المعالجة، أكد المهندس الجردي بأن اللجنة المعنية بمعالجة الانهيارات الطرقية درست الواقع الراهن للانهيارات الحاصلة، وأولويات وأسس وضع المعالجات له، وأولوية إنجاز المعالجات بالسرعة الممكنة وفق الدراسة الوافية مع قدوم فصل الصيف، وخاصة في الطرق الرئيسية، والطرق التي لا يوجد بديل عنها للتخفيف عن المواطنين الذين تحمّلوا التأخير في المعالجة نتيجة طول موسم الأمطار، باعتبار أن معالجة الانهيارات تدخل أساساً ضمن تحسين واقع التنمية في البلديات التي حدثت فيها الانهيارات، ولولاها لكان من الممكن تخصيص اعتماداتها لتحسين الواقع الخدمي والتنموي بشكل عام، وأن أية معالجة لواقع الانهيارات ينبغي أن تصب في خدمة جميع المواطنين، ولفت الجردي إلى تركيز التعليمات الصادرة بهذا الشأن على استمرار العمل، والدقة في التنفيذ حتى لا تتكرر الأضرار والانهيارات، لأنه مع وصول عدد الانهيارات إلى 62 على مساحة المحافظة، وارتفاع تكلفة معالجتها إلى حوالي 900 مليون ليرة سورية، يجب أن تكون الأولوية للغزارة المرورية على الطريق، وأكد أن معظم الانهيارات ناتجة عن التعدي على حواف الطرق، أو إغلاق المسيلات المائية.

 

إنجاز معالجة لعدة مواقع

وأشار المهندس الجردي إلى أن الكلفة التقديرية الإجمالية لمعالجة الانهيارات حوالي 900 مليون ليرة سورية، والمرصود للمحافظة من اعتمادات حالياً حوالي 600 مليون ليرة، لافتاً إلى وجود 10 مواقع قيد الإنجاز، ومن المواقع التي جرت معالجتها، الانهيار جزئي في جسم الطريق المركزي بين اللاذقية والبسيط التابع للمؤسسة العامة للمواصلات الطرقية عند بحيرة سد بلوران مقابل مفرق قرية القرعانية الذي امتد أيضاً إلى استراحات طرقية في المكان نفسه، وسرعان ما قامت ورشات شركة الكهرباء بإصلاح خطوط الشبكة الكهربائية، ونقلها من الموقع بغية توسيع الطريق مقابل الجزء المنهار من قبل ورشات الطرق المركزية، ومؤسسة الإسكان العسكرية تحسباً لأي طارىء، كما سارعت مديرية الخدمات الفنية بالتعاون مع مختلف الجهات العامة إلى معالجة الانهيارات الجبلية، والأضرار على مجاري الأنهار التي حدثت في عدد من مناطق المحافظة نتيجة الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية، وأدت أيضاً إلى أضرار في بعض البيوت السكنية في قرية الدرباشية.

تكثيف الورشات والآليات

ومن الانهيارات الطرقية التي شهدتها المحافظة أربعة مواقع على طريق عام الدرباشية الرويمية وطرجانو، حيث تسببت بقطع الطريق ليوم كامل، وقد تمكنت آليات الخدمات الفنية، رغم الظروف الجوية، من تسليك الطريق بشكل جزئي مع استمرار العمل في هذا المحور لرفع الأتربة المنهارة بكميات كبيرة من بنية الجبل المحاذي للطريق بالتعاون مع مديرية الموارد المائية، ومن الانهيارات الجبلية والترابية التي تم تسجيلها أيضاً ضمن قرية الرامة ووادي جرار على طريق المزيرعة، مع تضرر في أشجار الزيتون والحمضيات التي انزاحت من أماكنها، مع انجراف التربة من بنية الجبل المحاذية للطريق، ولم تقتصر الانهيارات على المواقع الجبلية لتتعداها إلى أضرار على مجرى نهر الشراشير نتيجة توسع مجرى النهر الذي تصب فيه مفيضات سدي بحمرا والسفرقية، ليتسبب توسع مجرى النهر وغزارة المياه في انهيار رأس حماية أحد الجسور في قرية الشراشير، وفصل طبقات التعبيد من طرفي الجسر الذي يربط بين قريتي بطرة وبستان الباشا، وغمر بعض الأراضي الزراعية.

الأولوية لفتح الطرقات

وأوضح مدير الخدمات الفنية أن المحافظة كلفت فرع شركة الدراسات والاستشارات الفنية بدراسة الجسر الرابط بين قريتي بطرة وبستان الباشا، والذي يتضمن إقامة عبارة صندوقية من ست فتحات، وتلزيمه لإحدى الشركات العامة وفق الاختصاص، بما يضمن معالجة دائمة للموقع المتضرر، ليتم العمل على إنشاء رأس جديد للعبارة الصندوقية في قرية الشراشير، وبيّن الجردي أن آليات المديرية تواجدت في جميع المواقع التي حدثت بها انهيارات، وكانت الأولوية بعملها لفتح الطرقات المتضررة نتيجة كتل الأتربة المنهارة عليها، كما تعمل في مواقع الانهيارات في قرية الدرباشية بالتعاون مع مديرية الموارد المائية، مع إجراء كشف وضبط على المواقع، وتحديد الأضرار، ومراقبة منطقة الانهيارات بشكل مستمر، إضافة إلى حصر الأضرار الزراعية الناجمة عن هذه الانهيارات من قبل مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي.

معالجة كاملة

وتتابع محافظة اللاذقية معالجة الانهيارات التي تضررت منها عدد من الطرقات، وتوزعت في مناطق المحافظة الأربع وفق خطة تراعي معالجة الأكثر أولوية، ومنها الانهيار الحاصل في قرية بسيقة الغربية على طريق اسطامو الفاخورة، والواصل أيضاً بين منطقة القرداحة وبلدة صلنفة، ويبيّن مدير الخدمات الفنية باللاذقية أن طريق بسيقة الغربية تضرر بمسافة 150 متراً تقريباً، وعمق 20 متراً، وعرض 40 متراً، مبيّناً أن هذا الانهيار يعد أحد أخطر مواقع الانهيارات التي حصلت بالمحافظة البالغة (52) على مستوى المناطق الأربع، (49) منها على طرق محلية، و3 على طرق مركزية، وذلك نتيجة قربه من مدرسة القرية التي كان من الممكن أن تتأثر من الانهيار في حال التأخر بالمعالجة، فضلاً عن كونه الطريق الوحيد الذي يخدم عدداً من القرى.

 

حماية وتدعيم

ويؤكد المهندس الجردي أن المديرية تعاقدت مع مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية متاع 6 للمعالجة التي تم البدء بها منذ عشرين يوماً تقريباً بعد أخذ سبورات من تربة الموقع، حيث تم حفر الموقع بالكامل للوصول إلى خط الانزلاق، وتقوم الآليات بحفر قاعدة صخرية بعرض مترين، وعمق مترين لوضع حماية، تليها أعمال تدعيم المنحدر عن طريق مصاطب صخرية بدءاً من قدم المنحدر، وهو عبارة عن قاعدة صخرية، ثم مصاطب صخرية لإعطاء ميول جانبية للطريق لمعالجته، مع عمل مساحات جانبية للطريق لمنع أي عبث بجوانب الطريق مستقبلاً، مشيراً إلى أن إنجاز هذه المعالجة سيتم خلال شهرين.

التعاقد على مشروعات

وبحسب مدير الخدمات الفنية فإنه تم رصد مبلغ 600 مليون ليرة سورية من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة للمديرية لمعالجة الانهيارات ليتم التعاقد مع كل الشركات الإنشائية عن طريق المناقصات لمعالجة المواقع المتضررة، لافتاً إلى أن المديرية تتابع معالجة الانهيار في موقع شلالات وادي القلع، وخلال اليومين القادمين ستتم المباشرة بمعالجة الانهيار في طريق المزيرعة عند مفرق قرية العامرية، ولفت الجردي إلى أن معالجة الانهيارات بشكل عام تأخرت بفعل الظروف الجوية، إذ كانت هناك هطولات مطرية غزيرة استمرت حتى بداية الشهر الماضي، عازياً السبب في معظم الانهيارات إلى جانب الأمطار الغزيرة لاستصلاح الأراضي المجاورة للطرق العامة، ولاسيما في هذا الطريق، حيث تنخفض الأرض المجاورة له بما يعادل عشرين متراً، واستصلاحها يشكّل خطراً على الطريق، إلى جانب التعديات على المجاري المائية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق بعضها، وتحولها إلى مجار أخرى غير ملحوظة، ما أدى إلى فقدان الطرقات لثباتها، وحدوث انهيارات فيها.

وتيرة تنفيذ

من جهته المهندس زهير تفاحة مدير مشروع معالجة الانهيار في بسيقة الغربية أوضح أن مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية تعاقدت مع مديرية الخدمات الفنية لتنفيذ هذه المعالجة بعد أن قدمت دراسة متكاملة لها، حيث تم البدء بالجانب الأكثر خطورة، والتي جاءت على 80 متراً من أصل 150 متراً عبر حفر وترحيل التربة المشبعة بالمياه للوصول إلى قدم المنحدر، وبعدها سيتم تراكم الصخور على طبقات تتألف من طبقة صخور، وطبقة بقايا للفلترة، وتلافي تسرب المياه، مشيراً إلى أن العمل يسير بشكل جيد وضمن المدة المحددة للتنفيذ.

برامج تتبّع تنفيذ ميدانية

شكّلت المواقع المتضررة محور برامج تتبع ميدانية رسمية وإدارية تنفيذية بهدف الوقوف على آلية ودقة تنفيذ مشاريع معالجة الانهيارات الطرقية التي تسببت بها العواصف المطرية الأخيرة، وقد تم الانتهاء من معالجتها، وتفقد استبدالات مشاريع الصرف الصحي في قرية الصفصاف، ووادي الرميم، والوقوف ميدانياً على سبل معالجة مشكلة الصرف الصحي في الطارقية، كما استهدفت الاطلاع على مراحل الأعمال وجودتها فيما يتعلق بمشاريع صيانة الطرق في الطارقية، والصفصاف، ومشقيتا، وقسمين، يذكر أن تكلفة معالجة انهيارات الطرق والصرف الصحي في القرى المذكورة بلغت 100 مليون ليرة سورية.

سبب الانهيارات

ويؤكد مدير الخدمات الفنية أن جميع الانهيارات الطرقية سببتها الأمطار الغزيرة، ما أدى إلى تشبع التربة بالمياه، إضافة إلى أن هذه المناطق، رغم أنها جبلية، ذات تربة رخوة، ولا توجد فيها صخور، حيث توزعت ورشات المديرية على محاور الطرق المتضررة والانهيارات، وتمكنت من إعادة فتح الطرقات المغلقة، ومنها طريق حلب غمام، وطريق الكنداسية، مع معالجة انهيار طريق قمين في ناحية الفاخورة.

وفي الحديث عن الانهيارات الطرقية لابد من الإشارة إلى الانهيار الجزئي في تحويلة الحفة– صلنفة، ما استدعى تشكيل لجنة بناء على توجيهات رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس للوقوف على أسباب الانهيار في جزء من تحويلة الحفة صلنفة، برئاسة محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم، وضمت اللجنة خبراء بمختلف الاختصاصات من نقابة المهندسين، وجامعة تشرين، والشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية، ومديري الجهات العامة المعنية الذين باشروا عملهم مباشرة بالكشف على الموقع المتضرر لتقييم الدراسة والنتائج، وتحديد الأسباب.

مروان حويجة