رأيصحيفة البعث

نهايــــة أحــــــلام

في الشمال، نفض أردوغان يديه من التزاماته كطرف “ضامن”، واختار أن يدخل الحرب بشكل مباشر مع مرتزقته، ممثّلين بـ “جبهة النصرة” وتوابعها من التنظيمات التكفيرية، وفي الجنوب تصعّد “إسرائيل” من اعتداءاتها بالصواريخ على الأراضي السورية، والتي ترافقت أمس بحرب إلكترونية للتشويش على رادارات الجيش السوري.. ذلك يعكس رغبة من الأطراف المأزومة، إقليمياً ودولياً، بتسخين الجبهات رغبة منها في استمرار الحرب عبر إطالة عمر المجموعات الإرهابية التي تتساقط كأحجار الدومينو في ريفي إدلب وحماة، وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل.
فأردوغان، وبعد خسارة الانتخابات في أنقرة واسطنبول، بدأ يدرك أن عمليات التطهير التي قام بها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة لم تمكّنه من ترسيخ نفسه حاكماً مطلقاً، بل إن عقليته الإخوانية زادت من خصومه وأعطت المعارضة دفعاً للتكتل في مواجهته، ولن يطول الوقت حتى يتلقى صفعات أخرى تنهي أحلامه في البقاء لفترة طويلة في الحكم، أما مشكلاته مع الاتحاد الأوروبي فحدث ولا حرج، وسياساته الغوغائية وضعته في عزلة، وذلك بعد أن خسر كل صداقاته مع دول الجوار، فيما قلق نتنياهو يتحوّل رويداً رويداً إلى كابوس مع كل ضربة تتلقاها المجموعات الإرهابية، إذ جعلته تطورات الميدان يضرب خبط عشواء، وذلك في إطار محاولاته اليائسة ليقول بأنه لا يزال قادراً على الإرباك وتغيير الوقائع التي رسمها الجيش السوري بالتعاون مع الأصدقاء ومحور المقاومة.
إذن هي جولة أخيرة لمحور المهزومين والمأزومين في الحرب على سورية، فمن جهة يريدون إشغال الرأي العام الداخلي عبر النفخ في نار الحرب وتقديم ما استطاعوا من دعم تسليحي ولوجستي، وحتى القيام باعتداءات مباشرة لإنعاش مرتزقة القتل الجوال والاستثمار فيها حتى الرمق الأخير، ومن جهة ثانية يحاولون إبراز عنترياتهم وقدراتهم التدخلية حتى يبقون على لائحة الانتظار لمن يحسب لهم حساباً في المعادلات الدولية الجديدة. والسؤال: هل أعطت خياراتهم نتائج على النحو الذي يشتهون؟. الوقائع على الأرض تؤكد أن اعتداءات كيان الاحتلال بالصواريخ لم تعد تجدي نفعاً، فوسائط دفاعنا الجوي تسقط معظمها قبل الوصول إلى أهدافها، ولن يطول الوقت حتى يتم تحييدها، كما حصل مع طيران الـ “إف 16″، وذلك عندما تقتنع عصابة الكيان الصهيوني بأنها فقدت الجدوى المرجوة منها، ولا نرى هذا اليوم ببعيد.
فيما رئيس النظام التركي وبعد أن أفرغ كل ما في جعبته من وسائل تدخل سافر ها هي العربات المدرعة والأسلحة الثقيلة التي أرسلها لإرهابيي النصرة تحترق أمام عينيه دون أن يستطيع التفوّه ببنت شفة. لكن موسكو التي ضاقت ذرعاً من غدر أردوغان وتقلباته أفصحت على لسان أكثر من سياسي بأن أردوغان داعم رئيسي للإرهاب في إدلب، وذلك يعني أن تفاهمات سوتشي باتت في طور الانتهاء ولابد من إعادة النظر في توصيف رئيس النظام التركي، والذي يستحق عن جدارة واستحقاق أن يكون إلى جوار الجولاني والمحيسني وغيرهم من قادة التنظيمات التكفيرية. كما أنه أصبح من الضرورة الملحة اتخاذ خطوة متقدّمة من حلفاء سورية جميعاً بتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية واتخاذ موقف واضح من كل من يدعم الإرهاب ويضع العصي في عجلة الحل السياسي.
في النهاية، إن كان من “إيجابية” للتصعيد التركي الإسرائيلي فقد تكشف على رؤوس الأشهاد بأن النظام التركي لا يقل عداوة عن كيان الاحتلال كما تبين المدى الأقصى لتدخلاتهم والتي تعكس حجم المناورة لديهم والتي لا يمكن بأي حال أن تعطيهم القدرة على تغيير البوصلة التي رسمها الجيش العربي السوري.. فإدلب ستنظف من الإرهاب ومع تطهيرها ستدفن أحلام أردوغان وأحلام كل من وطأت قدماه أرض سورية تحت جنح الظلام.
عماد سالم