اقتصادزواياصحيفة البعث

شجرة الإصلاح!!

 

 

تصدمنا بعض الوقائع في حياتنا اليومية لتعيدنا إلى الحقيقة المرة: الإصلاح الإداري مهمة مستحيلة!
ولو لم يكن الإصلاح مهمة مستحيلة فلماذا يتكرر كبند دائم في البيانات الوزارية منذ ثمانينيات القرن الماضي دون أن نلمس أي إصلاح فعلي سوى على الورق!
لا نشك في نوايا الحكومات خلال العقود الماضية، بل جديتها في تحقيق إصلاح إداري ولو في الحدود الدنيا، ولكنها لم تستطع تحقيق ذلك.. فلماذا؟!
لعل العقبة الأولى كانت ولا تزال في الإدارات التي ترفض الإصلاح بالأساس؛ لأنها بتركيبتها وأساليب تعيينها غير قادرة على اتخاذ القرارات المناسبة في أوقاتها المناسبة!
معظم إداراتنا تعمل وفق أوامر وتعليمات تنتظر أن تأتيها مكتوبة من “فوق”، ولا تملك الجرأة لتنفيذ حتى التشريعات النافذة دون أمر من الجهات الوصية على تعيينها!
أما إذا تعرضت لحالة تتطلب منها اتخاذ قرار سريع وفوري فإنها تتهرب من المسؤولية، أو تقوم بتسطير الكتب لمن يملك سلطة تحمل المسؤولية كي يأمرها بالفعل!
لا يهم هنا ما قد يلحق من أضرار بالآخرين جراء تهرب الإدارات من تحمل مسؤوليتها، فالمهم بالنسبة إليها أمر واحد: لن نفعل أي شيء دون أمر من فوق!
هذه الحالة عامة وقد تخترقها استثناءات نادرة، لكنها تؤكد بأن الإدارة الفعلية هي التي تملك قدرة اتخاذ القرار السريع والفوري لمعالجة حالة غير متوقعة لا تحتمل الأخذ والرد من خلال المراسلات!
ما حدث في ضاحية الشام الجديدة مؤخراً يؤكد مثل هذه الحالات، ويكشف الفرق بين إدارة مهملة متكلة على جهة أعلى، وبين إدارة مبادرة تعالج الطارئ والمستجد سريعاً!
وقع غصن كبير من شجرة كينا هرمة فوق الشارع العام في ضاحية الشام الجديدة متسبباً بأضرار في سور البناء وبعض السيارات!
وهذا يعني أننا أمام حالة خاصة وعامة، أي ضرر لحق بسكان البناء، وضرر أدى إلى تعطل المرور بسبب إغلاق غصن الشجرة الكبير للطريق!
ماذا حدث لرفع الضررين العام والخاص؟
تنصلت الإدارات المعنية من معالجة الأمر واعتبرت ما حدث لا يعنيها!
نعم.. إدارة بلدية الشام الجديدة وإدارة فرع الحدائق في مشروع دمر، ولجنة الإدارة للضاحية رفضت بشدة إزالة غصن الشجر الهرم من الطريق العام وما قد يسببه بسقوط السور على بعض المنازل!
لن يصدق أحد بأن هذه الجهات لا تملك آلية واحدة ولا عدة عمال لإزالة غصن الشجرة خلال أقل من ساعة، لكنهم أصروا على الرفض وتجاهلوا طلبات سكان الحي المتضررين!
ما فاجأنا، بل صدمنا تبرير تقاعس بلدية الضاحية: يجب تقديم طلب إلى البلدية يتضمن إزالة الشجرة، بعدها نحوله إلى دائرة الحراج التي تقوم بدورها بتصوير الموقع وتقييم الوضع، وبعدها يدفع المتضرر تكلفة إزالة غصن الشجرة.. إلخ.
المذهل أكثر.. أن محافظة دمشق قامت العام الماضي بتوجيه كتاب رسمي لمديرية الحراج لإزالة ثلاث أشجار كينا هرمة من جانبي الطريق العام في ضاحية الشام الجديدة تسببت بانسداد “الريكار” وارتداد المياه وطوفان الأقبية!
هل هذا معقول؟!
أن ينتظر المتضررون عدة أيام بل أسابيع لتستجيب مديرية الحراج لكتاب محافظة دمشق، مع أن الأمر لا يستلزم أكثر من قرار سريع من رئيس دائرة الخدمات أو الحدائق أو لجنة إدارة الضاحية بإزالة الأشجار على الفور وبأسرع ما يمكن!
هذا ما فعله مدير الحدائق في محافظة دمشق، فما إن علم بالحادثة حتى سارع بإرسال فريق قام بقص أغصان الشجرة المتدلية والمكسورة على الشارع العام، وأنهى بقرار ذاتي المشكلة خلال ساعة دون مراسلات مع جهات أخرى أو توجيه أو بأمر من “فوق”!
علي عبود