دراساتصحيفة البعث

ماذا سيتبع تهديدات ترامب لإيران؟

 

ترجمة: علاء العطار
عن موقع “ذا نيويوركر” 21/6/2019
التاريخ يكرر نفسه، وأولئك الذين يعتاشون على الحروب يخوضون أخرى تلو أخرى، وتتمثل أفعالهم الإجرامية المريعة ببدء حروب غير شرعية وصب فيض من الاتهامات الزائفة ليزيحوا اللوم عن أكتافهم ويلقوه على البلدان الأخرى، هذا النمط الذي تتبعه الإدارات الأمريكية، وإدراة ترامب لم تأت بجديد.
أطلق الحرس الثوري الإيراني يوم الخميس صاروخاً على طائرة أمريكية من دون طيار تحلق فوق الإراضي الإيرانية، وتصل كلفتها لأكثر من مائة a دولار، وذكرت طهران على تويتر أن الطائرة دخلت مجالها الجوي، فردت إدارة ترامب أن الهجوم وقع فوق المياه الدولية وكان “غير مبرر”، وبعد عدة ساعات أمر ترامب بتنفيذ ضربة انتقامية على ثلاثة أهداف ثم ألغاه في اللحظة الأخيرة، لأن حصيلة القتلى المحتملين، حسبما قال على تويتر، “غير متناسبة مع إسقاط الطائرة غير المأهولة”، لكن التوترات بين البلدين لا تزال أعلى مما كانت عليه في أي وقت خلال الثلاثة عقود الماضية.
الآن أمام ترامب أربعة خيارات لتصحيح أزمة من صنعه، أولها زيادة ممارسة “أقصى درجات الضغط” بثبات لقطع صادرات طهران من النفط مع الضغط من أجل التفاوض على اتفاق أوسع، واحتمالات النجاح ضئيلة، وقال جون كيربي، وهو أدميرال متقاعد ومتحدث سابق باسم وزارة الخارجية والبنتاغون: “لا شي يحفز إيران للتحاور معنا، فقد ألحقنا ضرراً بالاقتصاد الإيراني”، كما أن الجمهورية الإسلامية لا تريد مكافأة ترامب على إلغائه الاتفاق النووي.
وهناك اقتراح آخر يتمثل بجلب مزيد من القوات والسفن والطائرات حول حدود إيران أو حتى نشر القوات البحرية الأمريكية لمرافقة الناقلات عبر الخليج العربي، وهذا أمر تمت تجربته من قبل في عام 1987 أثناء الحرب الإيرانية- العراقية، وأطلق عليه
” عملية إيرنست ويل”، أكبر أسطول أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تضم ثلاثين سفينة في الخليج لمرافقة ناقلات النفط الكويتية التي تحمل عبوات النفط العراقية، وفي عام 1988 اصطدمت سفينة صامويل روبرتس بلغم وكادت تغرق؛ وردت الولايات المتحدة بتدمير منصتي نفط إيرانيين وأربع سفن، لم تكن الولايات المتحدة طرفاً بريئاً، فقد أسقطت سفينتها “فينسنس” طائرة ركاب تابعة لشركة إيران للطيران، ما أسفر عن مقتل مائتين وتسعين شخصاً، واستمرت عملية إيرنست ويل لمدة أربعة عشر شهراً، ولم تنته إلا بعد أن وافقت إيران والعراق على وقف إطلاق النار.
والخيار الثالث هو الرد العسكري الحثيث على أي استفزاز، وهذا ما كان يدرسه البيت الأبيض، وكانت الأهداف هي بطاريات الصواريخ الإيرانية ، لكن إيران تمتلك ثامن أكبر جيش في العالم، مع أكثر من نصف مليون جندي، وسيرسل أي إجراء جزائي رسالة قوية، ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى تصعيد كارثي محتمل.
والخيار الأسوأ هو الخيار الذي يرفضه كلا البلدين، وهو حرب شاملة، كان رد ترامب الأولي على إسقاط الطائرة من دون طيار هو احتمال أنها لم تقصد ذلك، “سوء فهم”، وفي خطاب متلفز قال اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني: “ليس لدينا أي نيّة للحرب مع أي دولة، لكننا مستعدون تماماً”، ومن المرجح ألا تؤدي أي حملة عسكرية أمريكية إلى تكرار التدخلات في العراق أو أفغانستان، قال إيلان غولدنبرغ، وهو خبير سابق في البنتاغون ووزارة الخارجية وهو الآن في مركز الاستراتيجية الأمنية الأمريكي الجديدة: “إننا لا نقوم بعمليات لتغيير النظام”، ومع ذلك “ستكون التعليمات هي كبح أكبر قدر ممكن، كفيلق القدس والبرنامج النووي والقوات البحرية والقدرات التقليدية”، ولاستباق الصراع، قدم ستة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي اقتراحاً من الحزبين بمنع تمويل العمليات العسكرية ضد الجمهورية الإسلامية، وقال توم أودال، وهو ديمقراطي من نيو مكسيكو: “إن الكونغرس لم يأذن بالحرب مع إيران، ونحن بحاجة إلى التأكد من أن صليل السيوف والتقديرات الخاطئة لن تشعل صراعاً كارثياً”.
وبصرف النظر عن المسار الذي تسلكه الإدارة، ستحتاج إلى شركاء، لكن تعبئة الحلفاء لن يكون أمراً سهلاً على ترامب، قال دوغلاس لوت، السفير الأمريكي السابق لدى الناتو: “لست متأكداً لمَ ستشترك أي دولة في العمل معنا بسبب الطريقة التي عاملناها بها”، لقد أثبتت هذه الإدارة أنها ليست محل ثقة”.