اقتصادصحيفة البعث

بدء التعافي يرفع منسوب تأسيس الشركات.. والمستقبل للـمساهمة  قطاع الأعمال يترقب تبسيط إجراءات الترخيص وتحويل الشكل القانوني

تمثل الشركات الخاصة عصب الاقتصاد (أي اقتصاد)؛ لذا فإن تسريع وتيرة تأسيس الشركات من شأنه أن يوسع مدخلات ومخرجات الأنشطة الاقتصادية المختلفة، ويعزز الممارسات الإدارية الرشيدة التي تضمن استمرارية هذه الشركات، ودعم رؤية أصحابها في التوسع والتطور، والحفاظ على ثرواتهم، مع أهمية دور القطاع الحكومي في تهيئة بيئة أعمال ناجحة، ورفع أدائها وتنافسيتها.

دراسة المرسوم 29

تعكف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حالياً على إعادة دراسة قانون الشركات الصادر بالمرسوم التشريعي 29 لعام 2011، مع أهمية الإسراع باستصدار قانون الاستثمار المعدل، وقوانين إحداث المصارف العامة، وضرورة إعادة النظر بأحكام التنظيم والشكل المؤسسي المتضمنة في قوانين هيئات (التطوير) و(التمويل) العقاري وغيرها.. وهكذا فقد أنجزت اللجنة المشكلة لتعديل قانون الشركات، والتي تضم ممثلين عن الوزارات والهيئات المعنية، المرحلة الأولى وهي إعداد المشروع الأولي للقانون، فيما تتحضر للمرحلة الثانية، والتي تركز على صياغة مواد القانون على نحو يبسط الإجراءات اللازمة للترخيص أو تحويل الشكل القانوني للشركة، وإلغاء طلب براءة الذمة من وزارة المالية وغيرها من الإجراءات على حسب ما بين مدير مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أيمن أبو زيتون.

النشاط في تنامٍ..

ولفت أبو زيتون إلى أن إحداث الشركات آخذ في التنامي، وذلك على ضوء بدء التعافي والانفتاح الاقتصاديين، اللذين تعيشهما البلاد، حيث رخصت مديرية الشركات -خلال الخمسة أشهر الفائتة- 341 شركة توزعت بين 303 محدودة المسؤولية، و24 محدودة المسؤولية ذات الشخص الواحد، و14 مساهمة مغفلة خاصة، تضاف إليها ثماني شركات (VIP)  توزعت بين محدودة المسؤولية والمساهمة المغفلة الخاصة، ليرتفع إجمالي الشركات.

وأدى هذا الحراك، وفقاً لأبو زيتون، إلى تحسن إيرادات المديرية التي وصلت، جراء إحداث هذه الشركات، إلى  537 مليون ليرة سورية، ارتفاعاً من417 مليون ليرة للفترة ذاتها من العام الفائت، ما يعني نمواً بنسبة 28 بالمئة، وهو ما كان ليتحقق خلال سني الأزمة؛ ما يعني تزايد اهتمام المستثمرين المحليين والعرب والأجانب بدخول الأسواق المحلية استباقاً لطفرة نمو متوقع أن تشهدها السنوات المقبلة.

أهمية المساهمة

بالرغم من تعدد وتنوع الأشكال القانونية للشركات، إلا أن الشركات المساهمة تحتفظ بأهميتها في تحريك النشاط الاقتصادي والاجتماعي. ويقول المحاسب القانوني لطفي السلامات: إن هذا النوع من الشركات يعمر طويلاً ويتوسع؛ لأن هناك آلية معينة في إدارتها عبر مجلس إدارة يرفع تقارير سنوية للمساهمين عن أنشطتها، كما أن هناك هيئة عامة تتولى انتخاب هذا المجلس، فيما يقدم مفتش الحسابات المعتمد تقريراً سنوياً بالحسابات الختامية عن نتائج أعمال الشركة قابلة للنقاش والتحليل، وثمة دوافع اجتماعية لتأسيس المساهمة، منها حاجة الأفراد لأوعية استثمارية، بعد أن جربوا وعانوا من شركات جمع الأموال، التي تعطي في البداية أرباحاً عالية، قد تصل إلى 40 بالمئة في بعض الأحيان، ثم تختفي الشركات وأصحابها، لتضيع مدخرات و(تحويشة العمر) لهؤلاء.

بيئة تشريعية..

تحتاج الشركات المساهمة إلى بيئة تشريعية منفتحة ومتطورة، من شأنها أن تساعد هذه الشركات على النمو والتطور وتوسيع مشاريعها، كما يقول الخبير الاقتصادي الدكتور علي كنعان، الذي يؤكد أن السمة العامة لأغلب الشركات العربية هي أنها شركات متوسطة وصغيرة، إذ لا توجد شركة عربية واحدة مصنفة ضمن الشركات الـ500 الأولى حول العالم، في حين هناك 10 شركات ماليزية ومثلها كورية، ويلفت كنعان إلى أن الشركات المساهمة المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، (لا تدرج في السوق إلا المساهمة حصراً)، هي 26 شركة، لا تشكل أكثر من 10% من حجم الناتج المحلي..!

عددها محدود..

يرى رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عابد فضلية أنه على الرغم من أهمية وجود شركات مساهمة محلية قوية ومؤثرة، إلا أن عددها وحجمها ما زالا ضئيلين، وكذلك الأمر بالنسبة لحصتها الاقتصادية، قياساً بحجم الاقتصاد الوطني وعدد المؤسسات والشركات الفاعلة فيه، إذ يبلغ إجمالي عدد الشركات المساهمة (357) شركة، منها (304) مساهمة خاصة، و(53) شركة مساهمة عامة.

ويشير فضلية إلى الكفاءة التشغيلية والدور الاجتماعي لهذه الشركات عبر توفير مزيد من فرص العمل، والقيام بمسؤولياتها الاجتماعية من خلال منح الفرصة للآلاف من الأفراد والعائلات أصحاب المدخرات الصغيرة لتوظيف وتشغيل مدخراتهم ومكتنزاتهم الراكدة، من خلال فرصة الاكتتاب على الأسهم (عند التأسيس)، أو شرائها (من البورصة)، وإتاحة المجال لتوزيع أرباح الأسهم السنوية على شرائح عريضة من المجتمع، فتتوافر بذلك لهذه الشرائح قوة شرائية إضافية تحرض الطلب الفاعل في السوق على السلع والخدمات؛ ما يحرك عجلة الإنتاج في مختلف القطاعات.

ماهية..

تُعد الشركة -أكانت صناعية أم زراعية أم عقارية أم خدمية أم غير ذلك- شركة مساهمة عامة عندما يقسم رأسمالها عند التأسيس إلى أسهم متساوية (قيمة السهم حسب الأنظمة السورية 100 ليرة)، قابلة للتداول (أي للبيع والشراء في سوق الأوراق المالية/ البورصة)، وفي هذا النوع من الشركات تكون مسؤولية الشركاء (أصحاب الأسهم) محصورة بمقدار حصصهم من رأس المال، أي بحدود قيمة الأسهم التي يمتلكونها، وبالتالي –قانونياً- فإن (الشريك/ المساهم) حامل الأسهم لا يُعدّ تاجراً، بل شريكاً أو مستثمراً، تنحصر مسؤوليته تجاه ديون الشركة (في حال الإفلاس التام) بقدر أو في حدود ما يمتلكه من أسهم، وتنحصر (في حال الخسارة) بــ(نسبة) ما يمتلكه من أسهم، وبالمقابل فإن موت الشخص الطبيعي حامل الأسهم، أو إفلاسه كشخص طبيعي أو اعتباري، لا يؤثر على وضع الشركة المساهمة العامة، التي يمتلك فيها أسهماً، كما أنه لا يجوز تسمية الشركة المساهمة باسم شخص طبيعي، حتى لو كان من كبار مؤسسيها أو مالكي أسهمها، ويمكن أن يكون الشركاء المؤسسون (أو حاملو الأسهم، أو متداولوها) من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين أو من كليهما، سوريين أو غير سوريين.

حراك ما قبل الأزمة

وكان الاقتصاد الوطني شهد حتى بداية 2011، ولادة عشرات الشركات ذات الرساميل الضخمة والمؤثرة في عديد القطاعات والأنشطة الاقتصادية وخاصة تلك الشركات المساهمة والقابضة التي جمعت رجال أعمال وصناعيين في تكتلات اقتصادية مهمة غطت قطاعات إنتاجية وخدمية واسعة، حيث تسمح القوانين والأنظمة النافذة بترخيص أغلب الأشكال القانونية للشركات، سواء أكانت شركات أشخاص، أم تضامناً أم توصية بسيطة، أم  محاصة، أم شركات أموال، كالمساهمة والتوصية بالأسهم، وذات المسؤولية المحدودة.

أحمد العمار