ثقافةصحيفة البعث

عزت أبو عوف المبدع الموسيقي وجنتلمان الشاشة

لاحقته شائعة وفاته وهو على قيد الحياة لعدة مرات حتى أصبحت حقيقة غير قابلة للتغيير أو التعديل، فبعد أسابيع قضاها في غرفة العناية المشدّدة رحل الممثل المصري عزت أبو عوف تاركاً خلفه مسيرة حافلة بالنجاحات، وبالسيرة العطرة التي لم تشبها شائبة.

عُرف الراحل بإطلالته الأنيقة فأصبح وجهاً سينمائياً معروفاً، لكن خلف هذا الـ”جنتلمان” السينمائي توجد قصة رجل عرف سريعاً أن حياته ستكون مع الموسيقى والألحان والأغاني وليس في كتب الطب، رغم أنه استطاع الجمع بينهما وقدم بحثاً أثناء عمله لفترة كطبيب نساء وتوليد بعنوان: “تأثير الموسيقى في عملية الولادة”، إلا أن شغفه كان أكبر من العيادات والمستشفيات فلم تنجح دراسته للطب وتفوقه فيه في كبح عشقه للموسيقى إذ تفرغ للعمل بها، وبعد تخرجه عشق الموسيقى فكانت نقطة انطلاق مشواره الفني على نغماتها التي سبقت انخراطه في التمثيل بأكثر من عشرين عاماً.

فرق موسيقية

صنع أبو عوف حالة غنائية جديدة مازالت تعيش في وجدان العالم العربي، وكان أحد أهم الوجوه المؤسسة للفرق الموسيقية الشبابية منذ سبعينيات القرن العشرين، والبداية كانت من فرقة “لي بيتي شاه”، التي أسسها وجدي فرانسيس عام 1967، وانضم إليها أبو عوف عازفاً على الأورغ، إلى جانب مجموعة من أبرز الوجوه الموسيقية في مصر حينها مثل الموسيقيين عمر خيرت والراحلين عمر خورشيد وطلعت زين والفنان سمير صبري وصبحي بدير ومحمد سلماوي، وغيرت الفرقة لون الموسيقى في مصر إذ قدمت لأول مرة الموسيقى والأغاني الغربية الصاخبة لمجتمع تسيطر عليه أصوات الموسيقى الشرقية والكلاسيكية، وعُرفت الفرقة آنذاك بـ”البيتلز المصرية”. وبعدها أراد أبو عوف تأسيس مشروعه الخاص في نهاية السبعينيات، فدشن فرقة “فور أم” التي ضمت شقيقاته الأربع “مها وميرفت ومنى ومنال” وكانت التدريبات تتم في منزل الأسرة بحي الزمالك في القاهرة، وسرعان ما انفصلت منى عن الفرقة بعد زواجها، لتنضم إليها “مريم” –ابنته- بدلاً عنها.

اتخذت “فور أم” نهجاً مغايراً لـ “لي بيتي شاه”، فاهتمت بإعادة تقديم الأغاني التراثية التي نسيها الشباب وابتعدوا عن سماع الموسيقي الشرقية، واتجهت الفرقة إلى تقديم الأغاني التراثية مع إعادة توزيعها موسيقياً وفق الألوان التي استمع لها الشباب آنذاك لتشجيعهم على اكتشاف تراثهم الغنائي، ومن بين أبرز الأعمال التي أعادت الفرقة تقديمها أوبريت “الليلة الكبيرة” ويروي أبو عوف أن العمل أثار سخط ملحن الأوبريت الشيخ سيد مكاوي إذ وبّخه لإلغاء مقام السيكاه أو الربع تون ليُخضعه لألوان الموسيقى الغربية.

وبين نهاية السبعينيات والتسعينيات، عمل أبو عوف الموسيقى التصويرية لعدد من الأعمال السينمائية والمسرحية والتليفزيونية أبرزها مسلسل “حكاية ميزو” ومسرحية “الدخول بالملابس الرسمية” وكان آخرها موسيقا فيلم “حسن اللول”.

شائعة

لم تكن شائعة وفاته الوحيدة التي تعرض لها الفنان عزت أبو عوف بل تعرض لما هو أسوأ منها بعد أن تداول عدد من رواد موقع التواصل ‏الاجتماعي شائعة زعمت أنه أوصى بحرق كل أفلامه ومنعها من العرض على الشاشات بعد ‏وفاته‎، ونفى أبو عوف تلك الشائعة قائلاً: “مجرد شائعات سخيفة، ألحقت الضرر بعملي، ولا أعرف الهدف من وراء تلك الأكاذيب، لا يمكن أن أطلب حرق أفلامي، لأنها تعبّر عن فني ‏الذي عشقته وعشت من أجله، وكان وسيبقى هو المعنى الحقيقي لحياتي”‎.‎

ترأس الفنان عزت أبو عوف مهرجان القاهرة السينمائي لأكثر من دورة سينمائية، وتم تكريمه في عدد من المهرجانات المصرية والعربية، فقد انخرط في التمثيل منذ أوائل التسعينيات، وكانت البداية من فيلم “آيس كريم في جليم” عام 1992 لكنه لم يحظ بنفس نجوميته في الموسيقى، إذ كانت كل أدواره رغم أهميتها ثانوية، وشارك في  أكثر من مئتي عمل في مجال السينما من أبرزها “طيور الظلام” و”كشف المستور” و”إشارة مرور” و”بخيت وعديلة” و”اضحك الصورة تطلع حلوة” و”حسن ومرقص” و”حليم” و”عمارة يعقوبيان”.

كما قدم أدواراً تليفزيونية، أبرزها مسلسل “زيزينيا” و”هوانم جاردن سيتي” و”الرجل الآخر”، و”أم كلثوم” و”الملك فاروق” و”أوبرا عايدة” و”عباس الأبيض في اليوم الأسود” و”أنا قلبي دليلي” وأخيراً مسلسل “الأب الروحي”.

آخر ظهور للفنان عزت أبو عوف كان من خلال أحد إعلانات شبكات المحمول حيث ظهر برفقة الفنان عمرو دياب، وكانت آخر أعماله التي لم تخرج إلى النور فيلم “كل سنة وأنت طيب” مع الفنان تامر حسنى.

جمان بركات