تحقيقاتصحيفة البعث

مواقع التواصل الاجتماعي.. تسلل إلى تفاصيل اليوميات وإدمان يثير الجدل!

عملت مواقع التواصل الاجتماعي على تغيير مفاهيم كثيرة في حياتنا،  ولعبت دوراً واضحاً في إعادة صياغة ورسم أو حتى اجتثاث آراء وقيم تربينا  ونشأنا عليها، حيث كان تأثيرها عميقاً، خاصة في العلاقات الاجتماعية،  والمضحك المبكي هو في العنوان العريض لها كمواقع للتواصل الاجتماعي، ولكن في حقيقة الأمر كانت تجسّد عكس ما تُظهر،  فعلاقات مقدسة كمفهوم الصداقة، ومؤسسة الزواج، والعلاقات بين أفراد المجتمع ككل تغيرت نظرة الكثير لها بشكل جذري لدرجة أنها أصبحت على الهامش لدى البعض الآخر، حيث اتجه السواد الأعظم من مستخدميها إلى اتباع كل ما تطرحه في عالمها الافتراضي وتطبيقه وتنفيذه في حياته، وربما يؤخذ علينا  أكثر من غيرنا كشعوب عربية بسبب استخدامنا لها بشكل سلبي من دون محاولة الاستفادة منها لتطوير مجتمعنا، وهنا بالطبع لا نغفل وجود فئة منا استفادت منها في الكثير من مفاصل حياتها، سواء في التعليم، أو الحصول على فرص للعمل، أو فتح مشاريع مفيدة ومثمرة.

“بعرفو لا تحاكيه”

مجموعة نسوية على الفيسبوك تمنح أحكام “البراءة” أو “الخيانة” للشباب

قامت مجموعة من  السيدات في سورية بتأسيس مجموعة نسوية تمنح حكم البراءة أو الخيانة للشباب على مواقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم “الفيسبوك”، حيث تقوم فكرة المجموعة على نشر المشتركة صورة لشريكها مرفقة بسؤال: “شو بتعرفو عنو”، أو تقوم بإرسال صورته لإحدى السيدات المسؤولات عن المجموعة رغبة منها بعدم كشف اسمها، ومن ثم تبدأ السيدات في المجموعة بكشف المستور عن كل المعلومات التي يعرفنها عنه، سواء كانت جيدة أو سيئة، وهنا تبدأ المشكلة، والسؤال الأخطر: هل وصلنا إلى مرحلة من عدم الثقة بين الطرفين لدرجة عدم احترام خصوصياتنا، وعدم احترام شكل العلاقة، والرابط المقدس الذي يربطنا بشريكنا؟ وهل وصلنا إلى مرحلة من الاستهتار والسخف والسطحية في مناقشة أمور جادة في حياتنا قد تصل إلى مرحلة هدم أسرة؟ وهذا ما نتج عن هذه المجموعة النسوية، حيث حدثت عدة حالات طلاق لمشتركات كنا أرسلن صوراً شركائهن، فهل من المعقول أن نثق بأشخاص لا يجمعنا بهم سوى عالم افتراضي، ولا نعلم مدى مصداقيتهم، إحدى السيدات المشتركات في المجموعة انفصلت عن زوجها لأنها اكتشفت خيانته التي ربما لم تحصل من الأساس، ومن شروط النشر والتفتيش للشبان في هذه المجموعة النسوية أن تكون الفتاة على معرفة تامة بالشاب الذي تسأل عنه، أي أن تربطها به علاقة عاطفية معينة، مع تأكيد من يدير هذه المجموعة على موضوع موافقة الشاب على نشر صورته، وما إن أسست هذه المجموعة حتى انهالت المئات من الطلبات للانضمام إليها، ما يؤكد بالدليل القاطع درجة الاستسهال، وعدم احترام خصوصياتنا التي أوصلنا أنفسنا إليها بطرحنا لمشاكلنا أمام العلن من دون أي وازع أخلاقي، سابقاً كان يقال البيوت أسرار، ولكل بيت قصة وحكاية، واليوم هذا المثل أصبح وراءنا، أصبحنا على علم ودراية بأدق تفاصيل حياة حتى من لا نعرفه بشكل مباشر، فما بالك بالأشخاص الأكثر قرباً في حياتنا!.

 

فقدان ثقة!

أصبحنا في غربة اجتماعية عن كل ما يحيط بنا، وفقدان الثقة، فمجموعة كتلك يكفي أن تؤسسها سيدة مستهترة تعاني ربما من مشاكل اجتماعية حتى تنضم إليها الكثيرات، على الرغم من المعرفة المسبقة بمدى التشهير الحاصل، مجمل علاقاتنا الاجتماعية تدهورت، وفي مقدمتها “الزواج”، وإذا كان لابد من إنهاء أية علاقة، ما الذي يمنع إنهاءها بطريقة محترمة بين طرفي العلاقة التي كانت تعتبر مقدسة.. إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لاتباع هذه الأساليب الملتوية حتماً سيسبب تشويه السمعة  ومشاكل لا تحمد عقباها في تدمير بنية المجتمعات، خاصة أننا عانينا ومازلنا من حرب تركت أعباء اقتصادية كبيرة على فئة الشباب تحديداً ما تسبب في عزوف الكثير منهم عن التفكير بالزواج، وارتفاع حالات الطلاق إلى  درجة  غير مسبوقة، وعرّض الأسرة السورية لخطر التفكك، وبالتالي ما سيسببه من مشاكل لاحقة نلمسها ونلحظها يومياً، ونعاني من نتائجها.

لينا عدرة