ثقافةصحيفة البعث

“درب الغـــــزلان”.. فــــي دار الأوبـــــرا

“حالت لفقدكم أيامنا فغدت سوداً، وكانت بكم بيضاً ليالينا” رائعة ابن زيدون كانت حاضرة بثنائيات عاطفية باحت بألم الفراق والهجر، لتلتقي في موضع آخر مع قصيدة قيس بن ذريح “حننت إلى ريا ونفسك باعدت” بالعرض المسرحي الراقص”درب الغزلان” الذي قدمته فرقة الرقة للفنون الشعبية بإشراف مؤسسها إسماعيل العجيلي، على مسرح دار الأوبرا واستند العرض إلى نص الكاتبة شهلا العجيلي عن رواية سجاد عجمي التي تدور أحداثها في الرقة وتتناول قصص حب متشعبة بفترات تاريخية متلاحقة حملت بين صفحاتها إسقاطات واقعية، ليتوازى هذا الخط الدرامي مع اللوحات الغنائية الراقصة المتكاملة بإعادة التوليف والتوزيع الموسيقي لسمير كويفاتي مع الأداء المباشر المتميز بالحركات الرشيقة للراقصين بدمج أنماط من الرقص المعاصر،لاسيما بالقفز المتكرر بالهواء وبالحركات الأرضية والجمباز مع حركات الرقص الفلكلوري بالعصا والتركيز على دور الصوليست للراقصات والراقصين، على وقع التسجيل الصوتي للمؤثرات والموسيقا والغناء، وتخلل العرض مشاهد حوارية ثنائية، وحواريات غنائية تناوبت بين الشعر العربي القديم والشعر المحكي باللهجة البدوية. وقد بدأت قصة الحب منذ المشاهد الأولى”أحلى الهوى طلائعه حيث لا وصل ولا هجر”، وبدا التطور الفني بالخلفية بشكل خاص إذ جسدت معالم الرقة وآثارها ومداخلها فكانت شريكة بالسرد الغنائي، إضافة إلى توظيف السينوغرافيا بتفاصيل التراث للبسط الملونة والجرار، التي كان لها دور فعّال بالإيحاء بما حدث على أرض الرقة بالتضمين بفنية غير مباشرة في مشهد هجوم الراقصين على الرقة وتكسير جرارها” عم الخراب”.

ومن ريح البوادي ألحان شربل روحانا توزيع جو بارودجيان غناء عبير نعمة، إلى الأغنية التراثية “هيكالو” ألحان وغناء علي حليحل والرقص الفلكلوري، إلى الخزامى التي تميزت بلحنها الرقيق المرافق للحن الإيقاعي القوي والمثير ألحان شربل روحانا غناء رنيم عساف وشربل روحانا، وشدّت لوحة “يا أرض الرقة” الجمهور الكبير بالمقدمة الموسيقية التي استُهلت بها للناي ألحان إحسان المنذر وغناء إلياس كرم والتغني بطبيعة الرقة ومعالمها ونسائها، تبعتها أغنية المولية من التراث بصوت رنيم عساف والرقص السريع بلوحة ياميت هلا.

وأوضح إسماعيل العجيلي مؤسس فرقة الرقة بأن العرض يظهر تطور الفرقة من حيث اللحن والحركة والأزياء والأغنيات بالتوزيع الموسيقي الجديد، وبيّن بأن الرقص فنّ صعب ومن الضروري التطور وإدخال أنماط من الرقص المعاصر ودمجه مع الرقص التراثي بتوليفة استعراضية، وفيما يتعلق بالخلفية والسينوغرافيا نوّه بأنه كان يتمنى إشراك بعض الإكسسوارات التي لم يستطع إحضارها لإغناء المشهدية البصرية لملامح تراث الرقة. وقد حافظت فرقة الرقة على تفوقها طيلة عقود ومثلت سورية بالمهرجانات العالمية، وأذهلت الصينيين مؤخراً بمشاركتها بمؤتمر حوار الحضارات الآسيوية.

ملده شويكاني