اقتصادزواياصحيفة البعث

وعلى طبق من ذهب..!؟

 

تحت عنوان “فرص عمل”، لفتنا إعلان على أحد المواقع الإلكترونية الصحفية، جاء فيه.. (مطلوب ٢٠٠ سائق للعمل على الفور، في مدينة دمشق بأكبر “شركة فاليت”، خدمة ركن السيارات، وبعقد عمل سنوي، وتأمين صحي، وباشتراط في المتقدم أن يتحمل ضغط العمل، وأن يتحلى باللباقة والاحترام في التعامل، وأن يكون من سكان العاصمة دمشق، والأفضلية عمرياً لمن يقل عن 45 سنة).
أما الراتب -وهو الذي فتح الباب واسعاً للعديد من التساؤلات لدينا- فيصل وفقاً للإعلان إلى “120 ألف ليرة شهرياً”، وليس هذا وحسب، لا بل هناك “حوافز يومية”..!
حاولنا التواصل هاتفياً مع الشركة عبر الرقم المرفق بالإعلان، لكن دون جدوى..!؟ وكان الهدف مزيداً من الاستيضاح لطبيعة العمل وعدد ساعاته اليومية، وما هي الحوافز، وهل سيتم تسجيل السائقين المطلوبين في التأمينات الاجتماعية..؟
الإعلان قد يبدو “مغرياً”، وخاصة لناحية الرواتب والحوافز والتأمين الصحي، رغم عدم ورود أي ذكر لموضوع التأمينات الاجتماعية؛ مغرياً لأن الراتب يشكل نحو أربعة أضعاف متوسط راتب موظف أو عامل في القطاع العام، هذا ما عدا الحوافز..!؟
المغري إعلامياً واقتصادياً من وجهة نظرنا كصحفيين، أن تستطيع شركة خاصة (قد يملكها فرد واحد، لأنها يستحيل أن تكون شركة مساهمة، بل ربما قد تكون فرعاً صغيراً لنشاط ريعي خدمي بسيط..!) دفع رواتب قدرها 24 مليون ليرة شهرياً و288 مليوناً سنوياً لـ200 سائق فقط، ستكون مهمتهم “ركن السيارات”..!
والسؤال: إذا كان هذا مقدار رواتب السائقين فيها فقط، عدا تكلفة حوافزهم الشهرية وتأمينهم الصحي، فما هو مقدار العوائد التي ستجنيها تلك الشركة لتستطيع دفع المستحقات عليها مالياً وبلدياً وتشغيلياً.. إلخ..!؟
ولكون الشيء بالشيء يذكر، نذكِّر بتشديد الكاف، أن أرباح “الشركة” أو “المتعهد” الذي منحته محافظة دمشق قبل الأزمة استثمار شوارعها بعد أن حولت جانبيها لـ”مواقف مأجورة”، كانت تصل سنوياً إلى نصف مليار ليرة سورية آنذاك..! فما بالكم بما ستكون عليه الأرباح حالياً..؟!.
نأتي الآن لنطرح ما لدينا من وجع فاقمه هذا الإعلان، ونقول سائلين: لماذا تقدم الحكومة أو المحافظة للجيب الخاص، تلك المطارح الكبيرة والسريعة الأرباح، على طبق من ذهب..؟!، ولماذا – مثلاً – لا تطور شركة النقل الداخلي بدمشق أعمالها وتأخذ مثل ذلك الاستثمار..؟!.
كما نسأل: أليس في تلك المؤشرات المالية التي ذكرنا (الرواتب والحوافز فقط)، ما يكشف الكم المالي والتوظيفي الذي قد تجنيه شركة نقلنا العام بدمشق، لو قدم لها ما قدم للخاص..؟!
إن المتوقع والمقدر من عائدات مالية، لو ملَّكنا شركاتنا العامة، مما نملِّكه لنظيراتها الخاصة، سيؤمن لشركة مثل النقل الداخلي بدمشق، مداخيل مجزية، تقدر بها على صيانة حافلاتها ودعم أو استبدال بعض أسطولها المتهالك أو كله بحافلات جديدة، وفوق هذا دفع رواتب كريمة وحوافز لموظفيها وعمالها وسائقيها، وأيضاً رفد الخزينة العامة بالعزيز من المال بدل السحب منها وو..إلخ، دون أن تحتاج إلى قرش واحد من الحكومة..؟!
وليس ختاماً نقول: ستظل تلك الغصة في حلق قطاعنا العام، والأنكى أن لا أحد يريد إزالتها؛ لأن التخلص منها يفقد الـ”بعض”، الدجاجة التي تبيض ذهباً..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com