اقتصادزواياصحيفة البعث

“أبونتو”!!

قام أحد علماء “علم الإنسان” بعرض لعبة على أطفال إحدى القبائل الإفريقية البدائية، حيث وضع سلة من الفاكهة اللذيذة قرب جذع شجرة، وقال لهم: أول طفل يصل الشجرة سيحصل على السلة بما فيها…
وكم كانت دهشته عظيمة.. فبعد أن أعطاهم إشارة البدء، تفاجأ بهم يسيرون سوية ممسكين بأيدي بعضهم بعضاً، حتى وصلوا الشجرة، وتقاسموا الفاكهة اللذيذة…
عندما سألهم: لماذا فعلتم ذلك؟! فيما كل واحد بينكم كان بإمكانه الحصول على السلة له فقط ؟! أجابوه بتعجب: “أوبونتو Ubuntu” كيف يستطيع أحدنا أن يكون سعيداً فيما الباقون تعساء ؟! وأوبونتو في حضارة قبائل (Xhosa) تعني: “أنا أكون لأننا نكون”.
تلك القبيلة البدائية تعرف سر السعادة الذي ضاع من نفوس ترى نفسها فوق غيرها.. ضاع في جميع المجتمعات المتعالية والتي تعتبر نفسها مجتمعات متحضرة، وإذا كان هناك ما يمكن أن يبرر لتلك المجتمعات تعاليها، فهل وصلنا نحن إلى ذاك المستوى لندعي التعالي والتبرير نفسه، في وقت نشهد عمليات الإقصاء لبعضنا…!؟
إن السعادة سر لا تعرفه إلا النفوس المتسامحة المتواضعة التي تتقبل الآخر.. والتي شعارها نحن وليس أنا..! فكل شيء ينقص إذا قسمته على اثنين، إلا السعادة فإنها تزيد إذا تقاسمتها مع الآخرين.
حضرتني تلك المقولة المعبرة، ذات المعاني والدلالات العميقة رغم بساطتها (أنا أكون لأننا نكون)، خلال حديث مع أحد رجال الأعمال، ممن لا يزال يحاول جاهداً، ومنذ نحو العامين، الحصول على ترخيص لشركة.. تعدُّ في حال الموافقة عليها ودخولها السوق السورية، قيمة مضافة للقطاع الذي ستدخله، وخاصة في ظل ظروف المقاطعة والحصار الاقتصادي الذي نواجهه..
ناهيكم عما سيترتب على دخول مثل ذلك الاستثمار، من تنشيط وارتقاء بسوية القطاع الذي ستعمل فيه، بحكم المنافسة التي ستكون، كما ويمكنها أن تكون داعماً ورديفاً ومساهماً في تحسين واقع سوقه، وفوق ذلك تأمين المئات من فرص العمل ذات السوية العالية، إضافة إلى تأمين قناة جديدة لزيادة إيرادات خزينتنا العامة، ولاسيما أن الشركات العاملة بذات المجال تكاد لا تتجاوز الاثنتين فقط..!
المؤسف جداً أن الشركة العتيدة، لا تزال تعاني من وضع العصي في عجلات ترخيصها، علماً أنها مستكملة لكل شروط واشتراطات الترخيص، التي تم تعدليها لتعجيزها ومنعها من الحصول على الترخيص، علماً أن نظيرتها العاملة في القطاع لم تلاقِ تلك العصي..!؟
والسؤال: لمصلحة من يتم نعت استثمارنا بـسمة “أنا ولا أحد..”!؟، وهل كان الاحتكار يوماً لأي نشاط..، عامل قوة وتميز لأي اقتصاد، واقتصادنا الوطني وفي مثل الظروف والصعوبات التي يواجهها، والتي تحتاج – قولاً واحداً – إلى “أنا أكون لأننا نكون” نقطة من أول السطر.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com