الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

أكتب لأحيا

ما أكتبه ليس حياتي.. ما أكتبه أختبر به اللغة، أحاول جاهدة أن أجعل المعاني والأفكار الاعتيادية مبتكرة.. ما أكتبه هو ما أقرؤه ممزوجا بجنوني وشقائي.. أكتب بأظافري وأسناني، وقد أكتب ذات ضجر بقلم الحمرة فأجدني أرسم قصصي.

أغلب الأحيان أكتب بعد نوبة ضحك أخال نفسي لن أصحو منها، أكتب بغرفة كاتمة للصوت والحنين، أغسل قلبي بماء الورد وأبدأ الكتابة.. أخاف بكامل قلقي أن يهجرني حرفي.

أحيانا أكتب بعد حادثة موت من العيار الخفيف، حيث يبدأ شريط حياتي ومعه ذكرياتي باستعراض عضلاتهما، بصور جار عليها الزمن، وجارت هي على روحي.

عندما أكتب أكون فاقدة جزئيا للوعي، مستمتعة جدا بالموت الجماعي الذي أكون أحيا به.. هراء كبير عندما أدعي بأنني أعرف لغة الريح بين أغصان الشجر، أو سر الماء عند جريان النهر، أو أنني أعرف غاية الطريق وهو يصعد لقمة الجبل بكل صبر.. اكتشفت بأنني أعقد بكثير مما تتصورون.. كل ما أعرفه أنني أجري بسرعة السلحفاة بهذه الحياة.

واحد وحيد هو من يقول لي دائما وبكل ألوان طيفي المزاجي (أنت أروع بكثير من كل شيء في هذه الحياة).. أنا أروع بكثير في المساء، فشمس النهار تحبط كل محاولاتي للبقاء على قيد النشاط، النهار للشقاء وحسب.

أهرب من الحب الشعبي اليومي، أبكي عند مشاهدة فيلم في السينما، وأموت فقط من الضحك على هذه الحياة.

كلما احتجت أن أعقل قليلا، كنت أزور أمي، كانت تبتسم في وجهي قائلة (والله هالصفنة ماعاجبتني)، أما الآن لا أعرف من أزور وأنا بقمة جنوني.

ما من ملامح واضحة عليّ تشي بالحب، لكن الجميع يحبني، ربما لأنني أجيد إسعاد الناس، لقد تدربت على هذا كثيرا لأن لدي فائض من الحزن، ووجدت أن إسعاد الناس والكتابة هما فقط من يشعراني بارتياح بسيط في هذه الدنيا.

لينا أحمد نبيعة