الصفحة الاولىصحيفة البعث

بعد تصاعد الانشقاقات داخل حزبه.. أردوغان يهاجم “رفاق دربه”

هاجم رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان بعد استقالته من حزب العدالة والتنمية الحاكم، مشيراً إلى أن الاستقالات الأخيرة لـ “رفاق دربه” كسرت خاطره.

واستقالة باباجان، وهو حليف سابق لأردوغان، لا تشكّل استثناء في مشهد سياسي واقتصادي يزداد قتامة في تركيا، مع إصرار “سلطان الدواعش” على التفرّد بالحكم، ووضع كل منتقديه في سلّة الأعداء، بمن فيهم حلفاؤه. وقال “سلطان الدواعش” أردوغان، خلال لقائه عدداً من الصحفيين، “إن باباجان أبلغه عزمه الاستقالة من الحزب بداعي أن شعوره بالانتماء إلى العدالة والتنمية بدأ يتلاشى”، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية السائدة في البلاد. وتؤكّد استقالة باباجان معلومات سابقة عن شروخ عميقة في العدالة والتنمية، وانقسامات حادة تشق صفوف تنظيم “الإخوان” الإرهابي في تركيا.

وأشار أردوغان إلى أنه عرض على باباجان العمل سوية والاستفادة من برنامجه الاقتصادي، ولكنه رفض، وعرض عليه أيضاً أن يكون مستشاراً للشؤون الاقتصادية، فرفض أيضاً، وأردف: “سألته إن كان ينوي تأسيس حزب جديد، فقال لي: هذه الفكرة ليست مطروحة الآن لكن هناك حراك نقوم به ونستشير بعض الأصدقاء”، وأضاف: “إن وزير الاقتصاد الأسبق باباجان اضطلع بدور مهم في توجيه اقتصاد البلاد، لكن كان هناك اختلاف بينهما بشأن أسعار الفائدة”.

ويحافظ أردوغان على وجهة نظر غير تقليدية مفادها أن ارتفاع أسعار الفائدة يتسبب بارتفاع التضخم، وهو ما ينفيه كل المحللين الاقتصاديين.

وأضاف موجّها كلامه لباباجان: “هذا قرارك ولا بأس به، لكن لا تنس أنه ليس من حقك تقسيم الأمة”!.

وفيما يخص موقفه من الحراك، الذي يقوده رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، قال أردوغان: “هناك الكثيرون ممن استقالوا من حزب العدالة والتنمية ونظموا حراكاً سياسياً جديداً وكان مصيرهم الفشل”، حسب زعمه، مشيراً إلى أنه “مكسور الخاطر من داود أوغلو والرئيس التركي السابق عبد الله غل”.

وفي الفترة الأخيرة برز اسم داوود أغلو، والذي سبق له أيضاً أن تولّى حقيبة الخارجية في عهد أردوغان نفسه، كرجل المرحلة القادمة، في ظل الأزمة الراهنة التي يمر بها “العدالة والتنمية” الحاكم. وكان داوود أغلو، الحليف الوثيق لأردوغان، قد وجّه انتقادات شديدة لـ “العدالة والتنمية” بعد هزيمة الحزب المؤلمة في انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول، والتي تعتبر على نطاق واسع نذر شؤم لأردوغان على مستوى البلاد.

وكان رئيس النظام التركي تلقى صفعات متتالية خلال الآونة الأخيرة حيث أعلن عدد من المسؤولين البارزين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي يتزعمه أردوغان، استقالاتهم احتجاجاً على إدارته الفاشلة للبلاد سياسياً واقتصادياً، إضافة إلى تراجع شعبيته، وهو ما تجلى في خسارة مرشحه لرئاسة بلدية اسطنبول، أكبر مدن تركيا، مرتين على التوالي أمام مرشّح المعارضة التركية.

وليس واضحاً ما اذا كان داوود أغلو سينضم لجبهة جديدة منشقة عن العدالة والتنمية لمواجهة أردوغان والعمل على إبعاده عن الحكم، ويقول أشخاص على دراية بالأمر: إن باباجان وغل يعتزمان تشكيل حزب سياسي منافس هذا العام، في خطوة يمكن أن تزيد من تراجع شعبية حزب أردوغان، بعد الهزيمة الانتخابية الصاعقة التي مني بها في اسطنبول الشهر الماضي.

وشغل باباجان منصبي وزير الاقتصاد ووزير الخارجية في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية قبل تعيينه نائباً لرئيس الوزراء، وهو المنصب الذي شغله في الفترة من 2009 إلى 2015. وشغل غل منصب الرئيس من 2007 إلى 2014 قبل أن ينتقل أردوغان من رئاسة الوزراء إلى رئاسة تركيا، حسب القانون الذي فصّله على مقاسه.

وتردّد في السابق أن أردوغان عمد إلى إبعاد بعض من قادة الصف الأول مدفوعاً بطموحاته السياسية الاستبدادية؛ وعبدالله غل من بين هذه الشخصيات، وقد التزم الصمت وتوارى عن أنظار الإعلام لسنوات منذ انتهاء ولايته الرئاسية.

ويتوقّع متابعون للشأن التركي أن يرتفع عدد القافزين من سفينة أردوغان، في ظل انقسامات عميقة وشروخاً عمّقتها سياسة رئيس النظام الحالي، ويشيرون إلى الانشقاقات والانقسامات تؤكد تفكّك المشروع الإخواني الذي يقوده أردوغان.

ويؤكد نائب رئيس الوزراء ووزير المالية التركي السابق عبد اللطيف شنار، في السياق نفسه، أن “أردوغان هو الشريك الأهم في مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي تقوده أمريكا، حيث لعب دوراً أساسياً في التدخل المباشر في سورية عبر دعم المجموعات الإرهابية، التي خدمت المصالح الإسرائيلية”، ويشير إلى خطورة سياسات أردوغان الداخلية والخارجية، موضحاً أنه “دمّر اقتصاد تركيا، التي لم يعد لها أي صديق بين الدول الإسلامية”، ولفت إلى وجود صراعات وانقسامات جدية داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد إعلان غل وباباجان عزمهما تشكيل حزب جديد، معتبراً أن “مستقبل أردوغان السياسي سيكون صعباً جداً بعد الآن وبات، مؤكداً أن حكمه لن يستمر طويلاً”.

يذكر أن شنار من أهم مؤسسي العدالة والتنمية مع عبد الله غل، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في حكومة أردوغان حتى عام 2007.