تحقيقاتصحيفة البعث

رغم ظروف الحرب “ترين سيت وعربات طرطوس” الحديدية لم تتوقف عن العمل.. وجهود كبيرة لإعادة التأهيل وتجاوز التحديات

لم تتمكن الحرب القذرة التي تشن على سورية من تقطيع أوصال وشرايين عمل الخطوط الحديدية السورية بطرطوس، لتظل الوحيدة بين الفروع التي لم تتوقف عن نقل الركاب والبضائع بين محافظتي طرطوس واللاذقية، لتعاود توسيع دائرة عملياتها بعد تحرير الكثير من المواقع والمناطق، وبدء رحلة التعافي التدريجي، وعودة الحياة والصخب لأوصال الخطوط التي تقطعت طوال ثماني سنوات.

الفرع الأهم
يعتبر مضر الأعرج، مدير فرع الخطوط الحديدية بطرطوس، أن فرعه أحد أهم مراكز العمل في المؤسسة لوجود مرفأ طرطوس، ومصفاة بانياس، ومعمل الاسمنت، وصوامع الفوسفات، وتنفيذ خطة المؤسسة في مجال نقل البضائع والركاب، وتأمين سلامة حركة القطارات على كامل المسافة ضمن منطقة عمل الفرع ما بين محطة تلكلخ على محور حمص– طرطوس، ومحطة السن على محور طرطوس- اللاذقية، إضافة إلى تفريعات المرفأ– معمل الاسمنت– مصفاة بانياس– المطاحن– المصرف الزراعي، وتتبع لعمل الفرع محطات تلكلخ- عكاري– سمريان– طرطوس المدينة– طرطوس المرفأ– الرويسة– معمل الاسمنت– مرقية– بانياس– مصفاة بانياس.
نقوم بإجراء الصيانات اليومية للخط الحديدي ومرافقه، وللأدوات المحركة والمتحركة من قاطرات، وعربات، وشاحنات، وصهاريج، ومتابعة الجاهزية بما يحقق أمان سير القطارات وفق الإمكانيات المتاحة، ومعلوم أن الخطوط الحديدية السورية من أكثر القطاعات تضرراً بفعل الإرهاب، وقد تجاوزت خسائر المؤسسة الـ 700 مليار ليرة سورية نتيجة تدمير البنى التحتية وتخريبها، وسرقة المستودعات والمخازن، وتفكيك الأدوات المحركة والمتحركة، والبنية التحتية وسرقتها، ولكن رغم ظروف الحرب استمر العاملون بأداء واجبهم الوظيفي للحفاظ على مؤسستهم، وتأمين حركة القطارات (البضائع والركاب).

تكثيف العمل
عمل فرع طرطوس في هذه الفترة على تكثيف العمل في مستودع القاطرات، ومركز إصلاح الشاحنات والصهاريج، وإجراء الإصلاحات والصيانات للقاطرات والصهاريج والعربات والشاحنات، ومجموعات الصيانة الآلية بالتعاون مع الورش الفنية المتخصصة بحلب وفق الإمكانيات المتاحة، والقطع التبديلية المتوفرة، ويتم تزويد فرعي حمص واللاذقية بالقاطرات والصهاريج والشاحنات والعربات وفق متطلبات العمل، رغم أن هذه الأعمال كانت من اختصاص المراكز الرئيسية في حلب قبل تدميرها وسرقة تجهيزاتها ومعداتها التخصصية، وتتم كافة هذه الأعمال بالاعتماد على الذات، وبجهود عمالنا دون اللجوء إلى الأسواق المحلية، ما وفر مبالغ طائلة على المؤسسة.

رغم الحرب
وأضاف الأعرج: رغم نقص القوى العاملة، والقطع التبديلية، ومواد الخط الحديدي، والمعدات والتجهيزات اللازمة للصيانات اليومية، ونقص الآليات كماً ونوعاً، ونقص عدد القاطرات العاملة وعمرها الاستثماري، حققنا أحجام نقل بضائع وركاب وإيرادات خلال عام 2016 بلغت بحدود 255 ألف طن، بإيراد قدره 129 مليون ليرة، وفي عام 2017 بحدود 545 ألف طن، بإيراد قدره 640 مليون ليرة، وفي العام الماضي بحدود 650 ألف طن، بإيراد قدره 1028 مليون ليرة.
ويقول الأعرج: تمكنا خلال النصف الأول من العام الجاري من نقل 6464 راكباً وراكبة، و341766 طن بضائع، بإيراد تجاوز الـ 590 مليون ليرة، بمعدل نمو وصل إلى 118% للركاب، و120% للبضائع، و131% للإيرادات للفترة المقابلة نفسها من العام الماضي، وأن الأرقام المحققة في نقل البضائع كان من الممكن أن تتضاعف لو توفرت الإمكانيات بشكل أفضل مثل تعويض نقص القوى العاملة، وتوفير العدد الكافي من القاطرات، والقطع التبديلية، ومواد الخط، والمعدات والتجهيزات اللازمة للبنية التحتية، وجاهزية نظام الإشارات والاتصالات.
بأسعار رمزية
وأشار الأعرج إلى أن المؤسسة تقوم بتسيير قطاري ركاب ترين سيت وعربات سريع بين طرطوس واللاذقية منذ تاريخ 20/11/2012 لتأمين حركة المسافرين، خاصة طلبة جامعة تشرين ذهاباً وإياباً بأسعار رمزية، حيث بلغ عدد الركاب المنقولين بين طرطوس واللاذقية ذهاباً وإياباً منذ 20/11/2012 لتاريخه 1674348 راكباً، وبلغت إيرادات نقل الركاب والبضائع خلال النصف الأول من العام الجاري حوالي 605 ملايين ليرة، بزيادة 130% عن الفترة المقابلة من العام الماضي، وتعمل المؤسسة على خطة تطوير شبكة الخطوط الحديدية السورية ضمن أولوياتها لتلبية متطلبات النقل المحلي والدولي المتوقعة زيادتها مستقبلاً لإجراء تطوير شامل وعلى مراحل لكامل الشبكة، خاصة محاور النقل الرئيسية من وإلى المرافىء السورية في طرطوس واللاذقية لرفع الطاقة التمريرية والنقلية، وتحسين المستوى الفني والخدمي للشبكة، بما ينسجم مع المعايير الفنية والخدمية الدولية.

صيانة وتأهيل
نواصل جهود صيانة وتأهيل الخطوط لنقل الركاب، والبضائع، والحبوب، والمشتقات النفطية، والحاويات من المرافىء البحرية إلى المرافىء الجافة، والفعاليات الاقتصادية، حيث تمت صيانة القاطرات ونقلها براً عبر الناقلات التابعة لشركة الكهرباء، وبلغ عددها 13 قاطرة مع آلية تمديد الخطوط الحديدية من أجل إعادة تأهيل محور حمص- دمشق، خاصة منطقة الضمير، وهذه الآليات الهندسية ذات الأوزان الكبيرة والأبعاد الضخمة تم نقلها على الطرقات البرية لصيانة المحور المذكور، وتم تجهيز مسافة 143 كم من محور حمص– دمشق، وإصلاح تفريعة صومعة الناصرية لنقل الحبوب من المرافىء السورية باتجاه الصومعة، والعمل مازال مستمراً لاستكمال صيانة وتأهيل ما تبقى (مسافة 60 كم) لإعادة الربط السككي بين مدينة دمشق وبقية المحافظات، وبالتالي ستكون هناك إمكانية للنقل من المرافىء على الساحل إلى دمشق، والى المدينة الصناعية بعدرا، وإلى محطة تشرين الحرارية لنقل الفيول، كما يجري العمل لصيانة وإصلاح خط حلب حماة حمص.
ولدى المؤسسة مشاريع استراتيجية تعمل على تنفيذها بكوادرها بالتعاون مع الشركات العامة الوطنية، منها “مشروع تفريعة سككية مع محطات التفريغ والتحميل من محطة قطينة باتجاه مقالع الإحضارات الحصوية في حسياء لنقلها باتجاه المدن الساحلية والمحافظات الأخرى بعد تأهيل الخط الحديدي للمساهمة في مرحلة إعادة الإعمار، كما يتم العمل على تنفيذ المرفأ الجاف وتفريعته من محطة خنيفيس إلى المدينة الصناعية في حسياء لربط المرافىء السورية بالمدن الصناعية، وتعتبر هذه المرافىء امتداداً للمرافىء البحرية، وإصلاح تفريعة محطة الضمير باتجاه المدينة الصناعية في عدرا لنقل الحاويات والحمولات للصناعيين من المرافىء.

مركزية شديدة؟!
حول المركزية الشديدة في عمل الخطوط الحديدية التي تثار كثيراً في المؤتمرات واللقاءات العمالية أوضح مدير الفرع بأن فرع خطوط طرطوس كباقي فروع المؤسسة يتبع إدارياً ومالياً للإدارة العامة في مدينة حلب، ووفقاً للنظام الداخلي، والهيكل التنظيمي للمؤسسة، والأنظمة والقوانين النافذة التي تنظم العمل المالي للمؤسسات، وتحديد صلاحيات وتفويضات آمر الصرف (المدير العام) في المؤسسة، قامت الإدارة العامة بإصدار مجموعة تعاميم فوضت بموجبها فروع المؤسسة ببعض الصلاحيات الإدارية والمالية بما يخدم ويسرّع وتيرة العمل، كما وضعت المؤسسة خطة لاستثمار الأراضي والعقارات التي تملكها وفق قانون العقود الموحد، وحول عدم استثمار العربات المنسقة قال: هناك الكثير من العربات والشاحنات القديمة التي تجاوز عمرها مئة عام، وهي منسقة ومعظمها متهالك ولا يمكن تحريكها، وتقوم المؤسسة بالتنسيق مع معمل حديد حماة لبيع الحديد الخردة، وفي حال رغبة أحد المستثمرين باستثمار أي من هذه العربات أو الشاحنات ضمن نطاق الخطوط الحديدية، تتم دراسة العرض، وقد نشرت المؤسسة عدة إعلانات لإجراء مزايدة للقيام بحملات إعلانية ضمن عربات الركاب والمحطات، وتذاكر السفر، والمنشآت الأخرى: جسور– أبنية.
صعوبات وعقبات
وعن الصعوبات أشار الأعرج إلى التعديات على حرم الخط الحديدي من قبل المواطنين بفتح ممرات سطحية على الخطوط الحديدية لعبور السيارات بشكل غير قانوني، وزراعة الأشجار والنباتات ضمن حرم الخط الحديدي، وتنفيذ “إمرارات” غير نظامية للمياه تقطع الخط الحديدي، وتؤثر على بنيته الفنية نتيجة عدم تنفيذها بالشكل القانوني والفني المناسب، وقيام البعض بتخريب سور الحماية المنفذ على حدود الاستملاك للعبور إلى الطرف الآخر من الخط، رغم وجود ممرات نظامية، ومعابر علوية أو سفلية تحقق الغاية، معرّضين أنفسهم للخطر بما يؤثر على أمان سير القطارات، وهناك مراسلات مع الجهات المعنية لمعالجة هذه الحالات، ولكن غالباً ما تكون ضعيفة، ويعاد تنفيذ المخالفة مرة أخرى، ما يتطلب اهتماماً أكثر من مجالس المدن والبلدات، والجمعيات الفلاحية، والمخاتير المعنية.
وتتعرّض قطاراتنا (الركاب والبضائع) في بعض المناطق للرشق بالحجارة أثناء مسيرها، وتعريض أرواح العاملين والمسافرين للخطر، عدا الأضرار المادية في الأدوات المحركة والمتحركة، وتقوم قيادة الشرطة بتسيير الدوريات، ولابد من معالجة هذه الظاهرة بنشر الثقافة والتوعية بالوسائل الإعلامية وغير الإعلامية المتاحة عن طريق المدارس، والمنظمات الأهلية، وغيرها.
ومن جملة الصعوبات النقص الكبير في القوى العاملة، خاصة الفئات الوظيفية الرابعة والخامسة مثل: عامل خط– حارس خط– حارس ممر– عامل فني متخصص– مفتاحي– عامل تحميل وتفريغ– سائق سيارة– عامل صيانة، ولابد من سد النقص الحاصل في المسميات المذكورة، كما أن هناك نقصاً شديداً بمواد الخط الحديدي، والمعدات والتجهيزات لزوم أعمال الصيانة، والحفاظ على الجاهزية، حيث يتم تجميع مواد الخط المستبدلة سابقاً، وإعادة تدويرها للاستفادة من الصالح منها للاستخدام، والحاجة ماسة للقطع التبديلية اللازمة لصيانة وتجهيز الأدوات المحركة والمتحركة، حيث تتم الاستفادة مما يتوفر في حلب، إضافة إلى فك بعض القطع عن القاطرات المتوقفة عن العمل، وهناك نقص شديد في عدد القاطرات العاملة وعمرها الاستثماري الذي لا يتناسب مع أحجام النقل، إلى جانب النقص الشديد في الآليات كماً ونوعاً الذي لا يتناسب مع حجم العمل الحالي والمستقبلي، وخروج نظام الإشارات والاتصالات على محور طرطوس– حمص– الشرقية عن الخدمة بسبب تدمير وتخريب البنية التحتية، ومستودعات القطع التبديلية للنظام الألماني المعتمد على هذا المحور، وبالتالي فإن جميع المحطات على هذا المحور تعمل بشكل يدوي؟!.
وائل علي