اقتصادصحيفة البعث

الخلافات بين رجال الأعمال تعدت “الصراع” إلى “المكائد”.. والاقتصاد الوطني ضحية المصالح الضيقة

 

من المؤسف حقاً أن تشوب العلاقة بين بعض رجال الأعمال ما يشوبها من خلافات تأخذ أحياناً أشكالاً من “الصراع” المذموم إن صح التعبير، والمؤسف أكثر أن تتصدر هذه الخلافات إلى الأروقة الحكومية، خاصة إذا ما علمنا –ومن خلال تقاطع ما بحوزتنا من معلومات أفضاها إلينا بعض رجال الأعمال- أن “الصراع” بين المنضويين تحت هذه الشريحة على أشده، فهذه الشريحة لا تختلف كثيراً عن بقية الشرائح لجهة ما يتملك أصحابها -وتحديداً الكبار منهم- نوازع المكائد لبعضهم البعض، والمتمخضة -أغلب الظن- عن مساعي كل منهم بالتقرب من السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة وبعض مفاصلها المتنفذة بداية، بقصد تسيير صفقات من فوق ومن تحت الطاولة لاحقاً..!.

كتمان
غالباً ما يكون الكتمان سمة هذا النوع من الصراعات، ولا يظهر للإعلام إلا نادراً وعلى شكل مناكفات تأخذ من المصلحة الوطنية والحفاظ على المال العام غطاءً لها، ما ينعكس بالنتيجة على الواقع الاستثماري عموماً، الذي سيكون ضحية المصالح الضيق، وعلى اعتبار اشتراط من التقيناهم من رجال أعمال -لدى محاولتنا التقصي عن هذه الخلافات- عدم ذكر أسمائهم نبيّن أن ما أدلوا به تجاه زملائهم يتعدى مصطلح “الصراع” إلى “المكائد”، إذ يستشف من حديثهم أن المسألة لا تتعدى نطاق الخلافات الطبيعية، وأن الواقع يؤكد أن الأمر أكبر من الخلافات التي تعكس جو المنافسة المطلوبة لتغذية الاقتصاد الوطني بما يحتاج من استثمارات تمتن أواصره، بدليل أن الأجواء المشحونة حالياً بين رواد قطاع الأعمال لا تقتصر بين اتحادات الغرف فقط، بل ضمن الاتحاد نفسه، فهناك حالياً بعض من أعضاء إحدى الاتحادات منقسمين فيما بينهم، لدرجة أن فريقاً يتحالف –إن صح التعبير- مع نظير له من اتحاد آخر ضد رئيسه..!.

تباري
يضاف إلى ذلك سرعان ما يتبارى كبار رجالات هذه الشريحة بسل سيوفهم بوجه من يحظى بمطرح استثماري دسم هنا، أو يحقق نجاحاً لفعالية اقتصادية هناك، ليبدؤوا بفتح ملفاته علّهم يعثرون على ارتكاب ما أو حتى زلة قلم أو لسان له، خاصة إذا ما اعتُبر هذا النجاح تعديا على اختصاص الغير، ونبيّن في هذا السياق أن أحد رجال الأعمال وخلال حديثنا معه بهذا الخصوص سرعان ما كشف لنا أن بعض زملائه اشترى الجنسية اللبنانية بسعر 50 ألف دولار كونها تساعدهم بمسألة الاستثمار المباشر، خاصة بعد أن أصدرت السلطات اللبنانية قانوناً يحظر على السوريين الاستثمار المباشر وإنما من خلال شركات لبنانية، إضافة إلى أن الجنسية اللبنانية قد تشكل قيمة مضافة للحصول على جنسية أجنبية أخرى خاصة الأوروبية منها، ونشير هنا إلى أن سبب تحفظنا على ذكر أسماء هؤلاء يعود لتحفظ المصدر على ذكر اسمه علانية، طالباً منا تبنى نشر أسمائهم على الملأ وتحمل المسؤولية بعيداً عنه..!.

نتاج تراكمي
طبعاً هذه الخلافات ليست وليدة اللحظة بل هي نتاج تراكمي من مساعي هذه الشريحة تجاه تحقيق أكبر قدر من المكتسبات الاقتصادية من جهة، والرضا الحكومي من جهة ثانية، وتأخذ هذه الخلافات حالياً منحى تصاعدياً مع اقتراب انتخابات الاتحادات، جاهلين أو متجاهلين ضرورة توحيد الصف بما يخدم التنمية المستدامة التي من المفترض أنهم شركاء حقيقيون بها..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com