اقتصادزواياصحيفة البعث

لا حاجة للطرق الزراعية..!

اكتشفت الحكومة السابقة في عام 2011 أن الطرق الزراعية تستنزف الموازنة العام للدولة، فأصدرت قراراً بوقف تمويلها لأنه لا حاجة لها..!.
وكان قرارها طبيعياً جداً، لأن همّها كان بالأساس منصب كلياً منذ عام 2005 على الاقتصاد الريعي، أي اقتصاد السوق الذي لا يرى أي فائدة من دعم القطاعات الإنتاجية وخاصة قطاع الزراعة. ولكن الملفت أن الحكومات التالية لم تلغِ قرار عدم رصد أيّ اعتماد للطرق الزراعية، وكأنّها موافقة تماماً على أنه لا حاجة بتاتاً للطرق الزراعية.. فهل هذا صحيح ولماذا..؟!.
لقد كشف محافظ طرطوس مؤخراً أن خطط إنشاء الطرق الزراعية توقفت منذ عام 2011 ولا تزال متوقفة، وكشف أيضاً أن الاعتمادات المرصودة في الموازنة الاستثمارية للطرق الزراعية لهذا العام لا تتجاوز /35/ مليون ليرة سورية قبل التخفيض، وهي بالكاد تكفي لإنجاز 1.5 كم!.
السؤال: هل فعلاً الريف السوري لا يحتاج إلى طرق زراعية منذ عام 2011..؟.
إذا افترضنا نظرياً أن القطاع الزراعي متخمٌ فعلاً بالطرق الزراعية ولا يحتاج إلى أي طريق جديد، فماذا عن الترميم وإعادة تأهيل الطرق التي تُخربها الأمطار والثلوج..؟.
الوقائع تؤكد أن الكثير من الطرقات لم يشهد آلية واحدة لترميمه أو ترقيعه بالزفت منذ أكثر من عشرين عاماً. مثلاً.. الموسم الحالي كان استثنائياً بالأمطار والسيول لم نشهد له مثيلاً منذ أكثر من عقدين من الزمن، وقد خرّب الكثير من الطرق الزراعية، بل إن معظمها تحوّل إلى حفر كبيرة وعميقة، وخاصة في المناطق التي كثُرت فيها الثلوج والسيول.
وعلى الرغم من ذلك لم تقم وزارة الإدارة المحلية بالتوسط لدى وزارة المالية لتحويل اعتمادات، ولو متواضعة جداً، إلى المحافظات المعنية لتقوم دوائر الخدمات الفنية فيها بإصلاح الطرق الزراعية المتضررة.. فلماذا؟.
كما أن وزارة الزراعة التي يجب “نظرياً” أن تهتمّ بالطرق الزراعية لكونها الأداة الفعّالة لتسهيل إيصال مستلزمات الزراعة وتسويق الإنتاج لم تفعلها أيضاً، وكأنها غير معنية بهذا الأمر أو مقتنعة منذ عام 2011 أنه لم يعد هناك من حاجة للطرق الزراعية ولا إلى ترميمها!. والأهم من ذلك لم يطرح المحافظون خلال اجتماعهم الأخير مع رئيس الحكومة موضوع الطرق الزراعية، ولو فعلوها لتلقوا دعماً مادياً مباشراً وسريعاً.. لكنهم لم يفعلوها!.
حسناً.. لنفترض أن الجهات المعنية غير مكترثة بدعم القطاع الزراعي بالطرق.. فبماذا تبرّر عدم اهتمامها بسكان الريف أي بالفلاحين؟.
ألا يحتاج الريفيون إلى طرق للتنقل بين القرى أو للاتصال بالمدن، أم أن الجهات المعنية تفترض أنهم منعزلون في منازلهم وأراضيهم ولا رغبة لهم بالاتصال مع الخارج؟!. حتى اتحاد الفلاحين لم يكن فعالاً بإقناع من يملك سلطة اتخاذ القرار بالتراجع عن قرار عام 2011 وإصدار قرار جديد يرصد ما يكفي لترميم الطرق الزراعية على الأقل!.
لا نظنّ أن التنظيم الفلاحي مع القائلين: لا داعي لرصد اعتمادات للطرق الزراعية لأنه لم يعد من حاجة لها. وبالتالي كان بإمكان التنظيم الفلاحي -ولايزال بإمكانه- من خلال ممثليه أن يطرح موضوع تردي الطرق الزراعية في مجلس الشعب مراراً وتكراراً، بل وأن يطالب بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق بما سبّبه إهمال الطرق الزراعية من خسائر للفلاحين وللاقتصاد الوطني!..
ترى لماذا لم يفعلها حتى الآن؟!!.
علي عبود