أخبارصحيفة البعث

رسائل صاروخ “الدمام”

 

لم يكن مفاجئاً استهداف الجيش واللجان الشعبية اليمنية مطارات للنظام السعودي تنطلق منه طائرات القتل والتدمير لضرب اليمن بالصواريخ والطائرات المسيّرة، ولكن المفاجأة هي استهدافها المقر الرئيسي لشركة أرامكو العملاقة في الدمام في أقصى شرق المملكة وذلك بصاروخ باليستي بعيد المدى للمرة الأولى، ما يعني أن الحرب دخلت مرحلة جديدة لها دلالاتها ليس فقط على مستوى دول العدوان، وإنما على مستوى معادلات المنطقة بأكملها، ولاسيما أن الناطق باسم القوات اليمنية العميد يحيى سريع أكد أن الضربة القادمة ستكون ميناء رأس تنورة النفطي على الخليج العربي.
على مدى سنوات الحرب الخمس على اليمن كان تكتيك المفاجأة لدى الجيش واللجان الشعبية عاملاً حاسماً في التصدي لقوات العدوان، سواء من خلال الكمائن الكبرى التي نصبها لجموع المرتزقة في صحراء ميدي وغيرها من جبهات القتال، أم من خلال العمليات النوعية داخل الأراضي السعودية، التي وثّقتها كاميرا الإعلام الحربي ونشرتها، لتدحض نفاق وتزوير قنوات سفك الدم في التقليل من قدرات أبطال المقاومة اليمنية.
وفي السياق، شكّلت القدرات الصاروخية اليمنية والطائرات المسيرة عامل ردع مهماً واستراتيجياً حاسماً، بل فتحت صفحة جديدة من المواجهة لم يكن المعتدون يضعونها في الحسبان، فالعمليات النوعية التي استهدفت مطارات أبو ظبي ودبي وأبها ونجران وغيرها من المواقع الحيوية لأنظمة العدوان، ومنها مصب النفط في ينبع، استمرت رغم كل النفي السعودي ومحاولات التقليل منها، واليوم ومن خلال عملية الدمام النوعية نكون أمام معادلة جديدة ربما سيكون لها الأثر الأكبر في إنهاء الحرب العدوانية على اليمن.
فالصاروخ اخترق عمق المملكة السعودية عابراً أجواء العاصمة الرياض مروراً بالقواعد العسكرية السعودية والأمريكية، ومنها قاعدة الأمير سلطان الجوية، التي باتت اليوم مقراً للقوة التي تدعي واشنطن أنها ستحمي أمن الملاحة من خلالها .. نعم مرّ الصاروخ ووصل إلى هدفه دون أن تتمكّن قوات الدفاع الجوي التابعة للنظام من التصدي له، مع تأكيد الناطق العسكري أن الهدف القادم هو ميناء رأس تنورة النفطي، ما يعني أن القوات العسكرية الأمريكية والسعودية على السواء ستكون في مرمى نيران صواريخ الجيش واللجان الشعبية اليمنية، وربما تكون دائرة الاستهداف أبعد منها، فالكشف عن صواريخ باليستية بعيدة المدى واستهداف أقصى شرق مملكة القهر ستكون له دلالاته الكبرى التي قد تخلط أوراق المنطقة برمّتها.
وعليه فإن الحرب على اليمن اليوم تتكشف أكثر فأكثر بأهدافها ومراميها الحقيقية، فليست الغاية إعادة الشرعية وما إلى ذلك من ترّهات نطق بها الجبير من واشنطن، وإنما السيطرة على معابر الطاقة (باب المندب)، والأهم وأد تلك القوة الكبيرة التي عمّ صدى هتافها بالموت لـ “إسرائيل” وأمريكا أرجاء المنطقة، ولكن رجال الجيش واللجان الشعبية استطاعوا بصبرهم الاستراتيجي أن يفرضوا وجودهم كجزء لا يتجزأ من محور المقاومة الرافض للتبعية والهيمنة الأمريكية.
سنان حسن