الصفحة الاولىصحيفة البعث

هيروشيما تطالب بمعاهدة دولية لحظر السلاح النووي

في السادس من آب من كل عام يستذكر أبناء الشعب الياباني جريمة إلقاء القنبلة النووية على مدينة هيروشيما قبل 74 عاماً، والتي ارتكبتها الولايات المتحدة، وفاقت ببشاعتها كل التصوّرات، إذ تسبّبت بسقوط عشرات آلاف القتلى، لتتحوّل المدينة، بسكانها ومبانيها وأشجارها، إلى كومة رماد خلال لحظات.

فمع نهاية الحرب العالمية الثانية سجّلت الولايات المتحدة، في تاريخها الأسود المليء بالقتل والحروب والتدخلات العسكرية، أكبر جريمة تشهدها البشرية، عندما أمرت حكومة الرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان بإلقاء القنبلة النووية، التي أطلق عليها اسم “الولد الصغير” وتزن أكثر من 4.5 أطنان، فوق هيروشيما عند الساعة الثامنة والربع صباحاً لدى توجّه السكان إلى أعمالهم، حيث تحوّلت من مدينة تضجّ بحركة الناس إلى مدينة أشباح يشتعل فيها اللهب.

آثار القنبلة وأضرارها لم تقتصر على توقيت إلقائها، بل امتدت إلى سنين طويلة على مدى أجيال بسبب استمرار التأثيرات الضارة الناجمة عن التلوث الإشعاعي، فمن لم يقتل ساعة الانفجار مات بعد ذلك بسبب الإشعاعات، التي تؤكّد دراسات أن تأثيرها مازال مستمراً حتى اليوم من خلال الإصابة بأمراض السرطان المختلفة والمواليد بعيوب خلقية.

جريمة واشنطن النكراء لم تنحصر بإلقاء قنبلة نووية واحدة على هيروشيما، فبعد أن رفضت الحكومة اليابانية آنذاك بقيادة الامبراطور هيرو هيتو الاستجابة للإنذار الذي وجّهه لها ترومان بالاستسلام أعطى الأخير أوامره بإلقاء قنبلة أخرى على مدينة ناغازاكي، وذلك بعد يومين من القنبلة الأولى، ما أدّى إلى مقتل نحو 80 ألف ياباني واستسلام طوكيو في نهاية المطاف.

وبينما يستذكر اليابانيون ضحايا القنبلتين تتجاهل واشنطن في كل المناسبات حجم جريمتها، وكأن الأمر لم يكن، وهذا ما أكده منفذو الجريمة قبل رحيلهم عن الدنيا، لتضاف هذه المأساة الإنسانية إلى جرائم واشنطن المستمرة حول العالم سواء عبر الغزو العسكري المباشر كما حدث في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها، أم عبر وكلائها مثل التنظيمات الإرهابية التي تدعمها في المنطقة، أم من خلال تواطئها مع أنظمة قمعية مثل النظام السعودي، الذي يشن عدواناً غاشماً على اليمن، أم عبر محاولات تدبير انقلابات سياسية تطيح بحكومات شرعية ترفض الخضوع لإملاءاتها كما في فنزويلا.

وفي ذكرى هذه الجريمة البشعة، طالب رئيس بلدية هيروشيما حكومة اليابان بحثّ العالم على تبني معاهدة دولية تاريخية تحظر الأسلحة النووية.

وحضر مراسم إحياء هذه الذكرى رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي في حديقة السلام التذكارية في هيروشيما، حيث صلّى الأهالي بصمت، وأضاؤوا الشموع، ووضعوا أكاليل الزهور في الحديقة تكريماً لذكرى ضحايا قنبلة واشنطن الذرية. واستغل رئيس البلدية كازومي ماتسوي المناسبة لدفع إدارة آبي إلى التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة النووية، التي وافقت عليها أكثر من 120 دولة، ورفضتها الولايات المتحدة ودول نووية أخرى. وقال ماتسوي: “أدعو حكومتنا إلى إظهار سلمية الدستور الياباني في اتخاذ الخطوة التالية نحو عالم خالٍ من الأسلحة النووية”.

كذلك دعا رئيس بلدية هيروشيما قادة العالم إلى مدينته لمشاهدة النصب التذكاري للضحايا وسط توقعات زيارة البابا فرنسيس هيروشيما في وقت لاحق من هذا العام.

من جهته وعد آبي بأن تكون بلاده “جسراً” بين الدول النووية وغير النووية، لتخليص العالم من هذا السلاح، مضيفاً: إنه “بمساعدة من الجانبين، سأشجعهم برويّة على الدخول في حوار حظر النووي وعازم على قيادة الجهود الدولية لتحقيق ذلك”.

يشار إلى أن اليابان هي الدولة الوحيدة التي تعرّضت لهجوم ذري شنّته الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي قبل أيام على استسلام اليابان في 15 آب 1945 مع انتهاء الحرب العالمية الثانية.