اقتصادصحيفة البعث

“الجمل بليرة وما معنا ليرة”.. “عين” و”ميمات” ثلاث تحاصر جيوب المتسوقين!

لم تفلح كل عروض تخفيض الأسعار التي سبقت عيد الأضحى المبارك، وبمسمياتها المختلفة (ديسكاونت، سولد، سبيشل أوفر..)، في كسب الكثير من الزبائن ذوي القوة الشرائية القاصرة أصلاً عن تغطية كماليات العيد، فضلاً عن الأساسيات، وهكذا فإن أدق وأقرب توصيف لحال الأسواق يكمن تلخيصه ببساطة في.. قوة شرائية ضعيفة تجعل من أهم وأقوى العروض أنشطة ليست ذات جدوى، طالما كانت بعيدة المنال، وبهذا تصح المقولة الشعبية كثيرة وشديدة الرواج سورياً: “الجمل بليرة وما معنا ليرة”!.

صقيع الأسواق

العروض كثيرة، ولكن أين هم الزبائن، المبيعات متدنية حتى قياساً إلى مواسم الأعياد في أصعب ظروف الأزمة، يقول باعة في سوق باب السريجة، أشهر أسواق العاصمة الشعبية، فتعثر البيع هنا يتجاوز سلع العيد إلى عموم الحاجات والضروريات التي تشكل سلة غذاء السوريين، وهي على تواضعها، ما زالت عرضة وعلى نحو دائم ومتكرّر لـ”ريجيم” قاس دفع بها لأن تقتصر على أهم الضروريات!.

نشاط خلبي..

يظنّ المراقب والمار بسوق الحميدية الشهير، وسط دمشق، أن الازدحام الكبير على المحال ومنافذ البيع دليل على حركة تجارية جيدة، بيد أن الباعة هناك لا يشاطرونه مثل هذا الظن، وهم محقّون، لأنهم يملكون الـ”ترمومتر” الدقيق على هذا النشاط، نقصد هنا بالطبع أرقام المبيعات، التي يصفها البائع محمد خير الشماع بأنها غير مرضية، وأن هذا النشاط خلبيّ، لافتاً إلى أن من بين كل عشرة متسوقين هناك ثلاثة يشترون، على أحسن تقدير، بينما الباقي متفرجون ومرافقون لا أكثر.

البسطات تنافس..

تمثل السلع المعروضة على البسطات، وأغلبها من النوع الرديء والشعبي، خياراً لا بأس به في موازاة نظيرتها التي تتصدّر واجهات المحال والمعارض، ومع اختلاف الجودة وثبات النوعية، فإن الأسعار تنخفض بين منفذي البيع بين 10-20 المئة، بيد أن هذا لا يعني أنها رخيصة، أو سهلة المنال، بل هي الأخرى ترفع أسعارها في مواسم الأعياد، لتقلّص بذلك فارق النسبة بين هذين المنفذين، وفقاً لما أكد لـ”البعث” عدد لا بأس به من المتسوقين.

(عين) و(ميمات)

اعتدنا نحن -الإعلاميين الاقتصاديين- تداول تعبير “الميمات الثلاث” للدلالة على أهم وأغلى مكونات سلة المستهلك، والتي تأتي متزامنة أو متتالية فيما بينها، لتأكل مدخرات المستهلك، هذا إن كانت هناك مدخرات أصلاً، فالمونة تشكل موسماً يمتد قرابة سبعة أشهر، ثم تأتي المدارس بملابسها وقرطاسيتها وأقساطها، فالمحروقات لتشكل ثالث هذه الميمات، وتنهي الفصل الأخير من “تراجيديا” الأسواق، و”ماراثون” الأسعار الذي ينتهي دائماً بخسارة هذا المستهلك!.

يبدو أن حرب (عين) العيد على جيوب المستهلكين لا تقلّ ضراوة عن صديقاتها (الميمات)، ما حدا بالأسر للمضي في رحلة البحث عن البدائل المناسبة والرخيصة، من ذلك مثلاً تدوير ملابس العيد الفائت، والتفكير بملابس أقل جودة وسعراً و….، فالأطفال ليسوا معنيين بتخريجاتنا واجتهاداتنا نحن الكبار، والفرح عندهم ليس سوقاً ولا أسعاراً، بل ملابس وألعاباً، يخبروننا من خلالها بأن غداً أجمل، وأن فسحة الأمل لا بد وأن تتسع، دمنا وداموا بخير.

أحمد العمار