ثقافةصحيفة البعث

لواء الإسكندرونة والسياسة الاستعمارية

يحاول الباحث عبد الرحمن البيطار عبر كتابه الذي يندرج في سلسة الدراسات الوئائقية تحت عنوان “لواء الإسكندرونة والسياسة الاستعمارية.. من الاحتلال حتى فصله عن الدولة السورية” والصار عن الهيئة العامة السورية للكتاب، التلخيص لمرحلة مهمة عاشتها سورية وخاضتها في الدفاع عن وحدة أراضيها في مواجهة السياسة الاستعمارية الفرنسية والدولية تجاه أمتنا، ويركز الكاتب على قضية اللواء السوري المحتل وما رافق ذلك من معاهدات واتفاقيات دولية أفضت لسلخه عن وطنه الأم سورية، فقد احتلت فرنسا قبل الحرب العالمية الأولى عدداً من الولايات العربية لتحصل بعدها على حصتها الأكبر وهي الجزء الأكبر من بلاد الشام، فكانت حدودها الشمالية هي خط الهدنة بين الحلفاء والدولة العثمانية ومن الجنوب والشرق حدود حصة بريطانيا، وهو ما أصبح العراق وشرقي الأردن وفلسطين، وقد جزأت هذه الحدود الأمة العربية وعزلت سكانها المرتبطين تاريخياً.
في الفصل الثاني يتحدث الكاتب عن سياسة فرنسا وتحديداً في شمالي سورية وإنشاء دولة”سنجق”لواء الاسكندرونة بالاعتماد على سياسة التجزئة الطائفية وبعد الثورة السورية وفشل السياسة الاستعمارية في اللواء تحتم على فرنسا تغيير سياستها فيما يتعلق بالأقليات، لأن الثورة كانت تعني فشلاً لسياستها الاستعمارية الطائفية فتحولت لسياسة المهادنة، وفي جزء آخر من الكتاب يضعنا المؤلف في جانب هام يبحث في لواء اسكندرون بين مطلب تركيا والسياسة الدولية ودور الصهيونية، حيث لا يغفل الباحث الدور الذي لعبته الصهيونية في فصل اللواء الذي كانت مشكلته من نتائج اقتسام أراضي الدولة العثمانية المحتلة عقب الحرب العالمية والتي لم تحسم في مؤتمر لوزان، فبقيت بعض المناطق التي شكل منها “السنجق” اللواء مرتبطة بسورية تحت نظام إداري خاص حسب اتفاقية أنقرة وكان ضعف مركز عصبة الأمم من الأسباب التي دفعت تركيا للإصرار على وجهة نظرها في اللواء، وهنا يبرز الدور الصهيوني في قبول فرنسا لفصل اللواء، فقد كان لها دورها في تحريك تركيا لقضية اللواء كذلك كان للصهيونية دورها في ظهور الارتخاء الفرنسي بالتنازل عنه، وكان حلفاؤها في الحكومة الفرنسية يبذلون كل ما لديهم عبر “ليون بلوم” رئيس وزراء فرنسا اليهودي ليساعدهم في قضية فلسطين التي كانت في حالة ثورة لذلك كان بلوم يتساهل مع الأتراك في قضية اللواء ليكونوا بجانب الصهاينة في قضية فلسطين ليشكلوا ضغطاً على سورية،وفي جانب نقرأ في الكتاب عن الاتفاقيات والمعاهدات التي تمت، والإجراءات التي أفضت لفصل اللواء وتسليمه لتركيا، والموقف السوري الرافض لها.

جلال نديم صالح