اقتصادصحيفة البعث

الملتقيات والندوات بين المردود والإنفاق

 

على مدار كل عام تقام على ساحة الوطن العديد من الملتقيات والندوات والمؤتمرات والمهرجانات… في هذه المحافظة أو تلك المنطقة، والتي تعد لها أو تنظمها أو تشرف عليها جهة أو أكثر، أكانت جهة حكومية أو منظماتية أو أهلية أو دولية، وتحت شعارات وعناوين وبرامج عمل وتطلعات حسبما ينسجم ومنطلقات الجهة أو الجهات المعدة للمناسبة، والذي من المفترض أن يترابط ذلك وينسجم مع ما هي معنية به جزئياً أو كلياً.
لا جدال أن الحاجة ماسة لعقد معظم هذه الملتقيات والندوات.. بين حين وآخر، أكان ذلك بشكل دوري أو عرضي، نظراً لأهمية المتوخى أو المأمول تحقيقه من نتائج انعقادها، ومدى انعكاسه إيجابياً في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحيث من المؤكد أنه سيترتب إنفاق مالي على كل مناسبة من هذه المناسبات، منه ما يكون على حساب الجهة المعدة أو المنظمة أو المشرفة، ومنه ما يكون على حساب المدعوين للمشاركة أو الحضور بصفة رسمية أو تطوعاً منهم تلبية لدعوة عامة، فمن المفترض بل من المتوجب أن تجري الجهة –أو الجهات- المعنية بالملتقى دراسة أولية تحدد حجم هذا الإنفاق، وشعب توزعه وتحمله، بغرض تبيان الكلفة المادية للمناسبة، وضمان مصادر تمويلها، وتحديداً ما يخص مجمل وتفصيلات الكلفة المترتبة على الجهة المنظمة، وأيضاً على الجهات المشاركة أو المدعوة أن تعد دراسة أولية تبين مجمل وتفصيلات النفقات المعنية بها حال قررت المشاركة في المناسبة، مهما صغرت أو كبرت هذه النفقة.
حال تحديد تفاصيل وتوزعات مجمل الكلفة، من المفترض بل المتوجب، أن تأخذ الجهة المعنية بعين الاعتبار حجم العائد الذي سينجم عن هذا الملتقى /الندوة– المؤتمر../، والذي من المتوجب أن يقابل مجمل النفقة أو يقاربها، أي تقوم باحتساب المردود الاقتصادي المتوقع، ومن ثم عليها أن تقوم عقب انتهاء الملتقى بإعداد دراسة لاحقة، تحدد حجم الاستفادة /السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية/ التي تحققت من انعقاد الملتقى أوالندوة أو المؤتمر.. وترجمة هذه الاستفادة بشكل مادي، كي يتبين لأولي الأمر أن المردودية قد قاربت الإنفاق بدرجة ما، أو زادت أو نقصت قليلاً.
إذ لا يخفى على ذي بصيرة أنه يترتب على جميع هذه الملتقيات /الندوات– المؤتمرات/ نفقات مالية، وغالباً تكون كبيرة حال قدوم مشاركين من محافظة إلى أخرى، أو من منطقة إلى أخرى، وتحديداً ما يخص قدوم الرسميين، وما يترتب على هؤلاء ومن برفقتهم، من تكاليف انتقال الآليات والمنامة والضيافات، وتعويضات الانتقال، وما يرافق ذلك من نفقات دعاية وإعلان، وما يتبع ذلك من مظاهر الحفاوة والاستقبال.
لا حرج أن أقول: إن حضوري بعض هذه المناسبات، جعلني أستنتج أن مجمل العائد المتحقق من انعقاد العديد منها، لا يقارب النفقات التي نجمت عنها، إلا بنسبة قليلة، وعلى الأغلب يشاركني الكثيرون في هذا الاستنتاج، وبالتالي أليس من المناسب أن نضع بين يدي أولي الأمر الاقتراح التالي إن لم يكن من الممكن تحقيق العائد المقارب للنفقة من هذا الملتقى أو ذاك، أليس من الممكن تخفيض النفقة بحيث لا تزيد كثيراً عن العائد المفترض تحقيقه، أو الممكن التحقيق، حرصاً على عدم إضاعة وتبذير المال العام، خاصة أن بعض المهتمين بالشأن العام الوطني يرون أن الإعداد لبعض الملتقيات لايخلو من تضمينه تحقيق مكاسب شخصية سياحية أو مادية لشريحة من المعنيين بالتحضير لها والمشاركين بها، ولا يخلو من تحميل بعض المشاركين والمدعوين نفقات مالية من جيوبهم، تزيد كثيراً عن المنفعة التي حصلوا عليها من خلال حضورهم، عدا عن هدر وقت هم أحوج لاستثماره بما يفيد.
من المؤكد أنه توجد طرق علمية رياضية تسمح باحتساب حجم العائد المتحقق من كل ملتقى، وأرى وجوب اعتمادها، وقد يكون من المفيد تدعيم ذلك عبر اعتماد دراسة ذلك من خلال تصميم استمارة تتضمن العديد من الأسئلة المنسجمة مع أهداف ووقائع المؤتمر، وتوزيعها على عينة من المشاركين والحضور، للاستئناس بآرائهم في ضوء ملاحظاتهم واستنتاجاتهم.
فاحتساب هذا العائد بشكل علمي موضوعي، وموازنته مع النفقة، يخفف الكثير من الإنفاق المتوجب الاستغناء عنه.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية